الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ومسح كل رأسه مرة ) أي مرة مستوعبة لما روى الترمذي في جامعه أن عليا رضي الله تعالى عنه توضأ وغسل أعضاءه ثلاثا ومسح رأسه مرة وقال { هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم } وفي الهداية والذي يروى عنه من التثليث فمحمول عليه بماء واحد ، وهو مشروع على ما روى الحسن عن أبي حنيفة ا هـ .

                                                                                        ولأن التكرار في الغسل لأجل المبالغة في التنظيف ولا يحصل ذلك بالمسح فلا يفيد التكرار فصار كمسح الخف والجبيرة والتيمم وما قلناه أولى ; لأنه قياس الممسوح على الممسوح وما قال الشافعي قياس الممسوح على المغسول وفي العناية ، فإن قيل قد صار البلل مستعملا بالمرة الأولى فكيف يسن إمراره ثانيا وثالثا أجيب بأنه يأخذ حكم الاستعمال لإقامة فرض آخر لا لإقامة السنة ; لأنها تبع للفرض ألا ترى أن الاستيعاب يسن بماء واحد وقال الزيلعي تكلموا في كيفية المسح والأظهر أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بأصبعيه ولا يكون الماء مستعملا بهذا ; لأن الاستيعاب بماء واحد لا يكون إلا بهذا الطريق وما قاله بعضهم من أنه يجافي كفيه تحرزا عن الاستعمال لا يفيد ; لأنه لا بد من الوضع والمد ، فإن كان مستعملا بالموضوع الأول فكذا بالثاني فلا يفيد تأخيره . ا هـ .

                                                                                        ( قوله وأذنيه بمائه ) أي بماء الرأس وفي المجتبى يمسحهما بالسبابتين داخلهما وبالإبهامين [ ص: 28 ] خارجهما ، وهو المختار كذا في المعراج وعن الحلواني وشيخ الإسلام يدخل الخنصر في أذنيه ويحركهما واستدل المشايخ بالحديث { الأذنان من الرأس } أي يمسحان بما يمسح به الرأس وتمام تقريره في غاية البيان واستدل في فتح القدير بفعله عليه الصلاة والسلام { أنه أخذ غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه } على ما رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ، وأما ما روي { أنه عليه السلام أخذ لأذنيه ماء جديدا } فيجب حمله على أنه لفناء البلة قبل الاستيعاب توفيقا بينهما مع أنه لو أخذ ماء جديدا من غير فناء البلة كان حسنا كذا في شرح مسكين فاستفيد منه أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في أنه إذا لم يأخذ ماء جديدا ومسح بالبلة الباقية هل يكون مقيما للسنة فعندنا وعنده لا أما لو أخذ ماء جديدا مع بقاء البلة ، فإنه يكون مقيما للسنة اتفاقا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : فمحمول عليه بماء واحد ، وهو مشروع إلخ ) قال في فتح القدير روى الحسن عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه في المجرد إذا مسح ثلاثا بماء واحد كان مسنونا ( قوله : وما قاله بعضهم إلخ ) أي في كيفية الاستيعاب وبيانه كما ذكره في النهر أن يضع يديه ويضع بطون ثلاث أصابع من كل كف على مقدم الرأس ويعزل السبابتين والإبهامين ويجافي الكفين ويجرهما إلى الرأس ثم يمسح الفودين بالكفين ويجرهما إلى مقدم الرأس ويمسح ظاهر الأذنين بباطن الإبهامين وباطن الأذنين بباطن السبابتين ويمسح رقبته بظاهر اليدين حتى يصير ماسحا ببلل لم يصر مستعملا هكذا روت عائشة رضي الله تعالى عنها مسحه عليه الصلاة والسلام ا هـ ونقل عن الحواشي السعدية أن قوله لم يصر مستعملا يعني حقيقة ، وإن لم يصر مستعملا حكما في عضو واحد [ ص: 28 ] ( قوله : أما لو أخذ ماء جديدا إلخ ) مقتضى هذا أن يكون أخذ ماء جديد مطلوبا عندنا خروجا من الخلاف لتكون عبادة مجمعا عليها لكن تقييد المتون كونه بماء الرأس يقتضي أنه السنة وكذا استدلالهم بحديث { الأذنان من الرأس } ولا يسن تجديد ماء للرأس فكذا لما كان منه وفي شرح المنية لابن أمير حاج ثم السنة عندنا وعند أحمد أن يكون بماء الرأس خلافا لمالك والشافعي وأحمد في رواية إلخ فما ذكره مسكين رواية والمتون والشروح على خلافها تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية