( قوله : ومسح كل رأسه مرة ) أي مرة مستوعبة لما روى الترمذي في جامعه أن عليا رضي الله تعالى عنه توضأ وغسل أعضاءه ثلاثا ومسح رأسه مرة وقال { هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم } وفي الهداية والذي يروى عنه من التثليث فمحمول عليه بماء واحد ، وهو مشروع على ما روى الحسن عن أبي حنيفة ا هـ .
ولأن التكرار في الغسل لأجل المبالغة في التنظيف ولا يحصل ذلك بالمسح فلا يفيد التكرار فصار كمسح الخف والجبيرة والتيمم وما قلناه أولى ; لأنه قياس الممسوح على الممسوح وما قال الشافعي قياس الممسوح على المغسول وفي العناية ، فإن قيل قد صار البلل مستعملا بالمرة الأولى فكيف يسن إمراره ثانيا وثالثا أجيب بأنه يأخذ حكم الاستعمال لإقامة فرض آخر لا لإقامة السنة ; لأنها تبع للفرض ألا ترى أن الاستيعاب يسن بماء واحد وقال الزيلعي تكلموا في كيفية المسح والأظهر أن يضع كفيه وأصابعه على مقدم رأسه ويمدهما إلى القفا على وجه يستوعب جميع الرأس ثم يمسح أذنيه بأصبعيه ولا يكون الماء مستعملا بهذا ; لأن الاستيعاب بماء واحد لا يكون إلا بهذا الطريق وما قاله بعضهم من أنه يجافي كفيه تحرزا عن الاستعمال لا يفيد ; لأنه لا بد من الوضع والمد ، فإن كان مستعملا بالموضوع الأول فكذا بالثاني فلا يفيد تأخيره . ا هـ .
( قوله وأذنيه بمائه ) أي بماء الرأس وفي المجتبى يمسحهما بالسبابتين داخلهما وبالإبهامين [ ص: 28 ] خارجهما ، وهو المختار كذا في المعراج وعن الحلواني وشيخ الإسلام يدخل الخنصر في أذنيه ويحركهما واستدل المشايخ بالحديث { الأذنان من الرأس } أي يمسحان بما يمسح به الرأس وتمام تقريره في غاية البيان واستدل في فتح القدير بفعله عليه الصلاة والسلام { أنه أخذ غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه } على ما رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ، وأما ما روي { أنه عليه السلام أخذ لأذنيه ماء جديدا } فيجب حمله على أنه لفناء البلة قبل الاستيعاب توفيقا بينهما مع أنه لو أخذ ماء جديدا من غير فناء البلة كان حسنا كذا في شرح مسكين فاستفيد منه أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في أنه إذا لم يأخذ ماء جديدا ومسح بالبلة الباقية هل يكون مقيما للسنة فعندنا وعنده لا أما لو أخذ ماء جديدا مع بقاء البلة ، فإنه يكون مقيما للسنة اتفاقا .


