قوله : ( لغو ) بيان للمضاف إلى زمن ماض بعد بيان المستقبل لأنه أسنده إلى حالة منافية فصار أنت طالق قبل أن أتزوجك أو أمس ونكحها اليوم وكان جنونه معهودا وإلا طلقت للحال قيد بالطلاق لأنه لو كقوله طلقتك وأنا صبي أو نائم أو مجنون عتق عليه لإقراره له بالحرية قبل ملكه كما لو قال لعبده أنت حر قبل أن أشتريك أو أنت حر أمس ، وقد اشتراه اليوم ولا فرق في المسألة الأولى بين أن يزيد على قوله قبل أن أتزوجك بشهر أولا كما في المحيط وقيد بكونه لم يعلقه بالتزوج لأنه لو علقه بالتزوج فلا يخلو إما أن يقدم الجزاء أو يؤخره فإن قدمه فله صورتان إحداهما أن يجعل القبلية متوسطة أقر بعتق عبد ثم اشتراه . كقوله : أنت طالق قبل أن أتزوجك إذا تزوجت بك
والثانية أن يؤخرها ، وفيهما يقع الطلاق عند وجود التزوج اتفاقا وتلغو القبلية لأنه في الصورة الثانية تم الشرط ، والجزاء فصح التعليق وبقوله قبل أن أتزوجك قصد إبطاله لأنه أثبت وصفا للجزاء لا يليق به وأنه لا يمكن فيلغى وأما في الصورة الأولى فالتعليق المتأخر ناسخ للإضافة قبله فصار كما لو كقوله : أنت طالق إذا تزوجتك قبل أن أتزوجك تعلق بدخولها ولغا قوله : قبل أن تدخلي ، وإن أخر الجزاء بأن قال أنت طالق قبل أن تدخلي الدار إن دخلتيها لم يقع عندهما خلافا قال إن تزوجتك فأنت طالق قبل أن أتزوجك لأن ذكر الفاء رجح جهة الشرطية ، والمعلق بالشرط كالمنجز عند وجوده فصار كأنه قال بعد التزوج أنت طالق قبل أن أتزوجك . لأبي يوسف
والحاصل أن لم يفرق بين تقديم الشرط وتأخيره وهما فرقا ، وفي شرح تلخيص الجامع لا يقال بأن قوله قبل أن أتزوجك كلام لغو ، وقد فصل بين الشرط ، والمشروط فوجب أن لا يتعلق الطلاق بالتزوج لأنا نقول لا نسلم أنه لغو بل تصريح بما انتظمه صدر الكلام لأنه يقتضي كونه إيقاعا في الحال إدخال وجود القول منه بوصف بكونه قبل التزوج فصار كما لو أبا يوسف لأن قوله الساعة وقبل أن تدخلي تصريح بما اقتضاه صدر الكلام على أنه لو جعل هناك فاصلا يتنجز وهنا لو جعل قبل أن أتزوجك فاصلا يلغو فكان أولى باعتبار كونه غير فاصل تصحيحا لكلام العاقل ا هـ . قال لمنكوحته : أنت طالق الساعة إذا دخلت الدار أو أنت طالق قبل أن تدخلي الدار إن دخلت الدار
وفي المحيط طلقتا لأنه أضاف الطلاق إلى تزوجهما لأن قوله بعد فلانة أي بعد تزوج فلانة فصار تزوج فلانة مذكورا ضرورة وقد تزوجهما كما شرط فوجد الشرط فنزل الطلاق ، وإن إن تزوجت فلانة بعد فلانة فهما طالقتان فتزوجهما كما قال : طلقت لأن الشرط في حقها قد وجد وهو القبلية لأن وصف الشيء بالقبلية لا يقتضي وجود ما بعده ، وإن تزوج الثانية طلقت أيضا وقيل ينبغي أن لا تطلق ، ولو قال إن تزوجت فلانة قبل فلانة فهما طالقتان فتزوج الأولى طلقت زينب للحال لوجود الشرط ولا يستند كما لو قال إن تزوجت زينب قبل عمرة بشهر فهما طالقتان فتزوج زينب ثم عمرة بعدها بشهر ولا تطلق عمرة لأنه أضاف طلاق عمرة إلى شهر قبل تزوجها ، ولو قال إن تزوجت زينب قبيل عمرة فتزوج زينب وحدها لا تطلق لأن قبيل عبارة عن ساعة لطيفة يتصل به ما ذكر عقيبه وذلك لا يعرف إلا بالتزويج بعمرة كما لو قال أنت طالق قبل قدوم فلانة بشهر لا تطلق إلا عند غروب الشمس فلو قال قبل الليل تطلق للحال فإن تزوج عمرة بعد ذلك طلقت زينب لا عمرة ، وإن طال ما بين التزوجين لم تطلق إحداهما ا هـ . قال أنت طالق قبيل الليل
( قوله : وإن نكحها قبل أمس وقع الآن ) لأنه أسنده إلى حالة منافية ولا يمكن تصحيحه إخبارا [ ص: 293 ] أيضا فكان إنشاء ، والإنشاء في الماضي إنشاء في الحال فيقع الساعة وعلى هذه النكتة حكم بعض المتأخرين من مشايخنا في مسألة الدور المنقولة عن متأخري الشافعية بالوقوع وهي وحكم أكثرهم بأنها لا تطلق بتنجيز طلاقها لأنه لو تنجز وقع المعلق قبله ثلاثا ووقوع الثلاث سابقا على التنجيز يمنع المنجز بوقوع المنجز والمعلق لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال ونقول أيضا إن هذا تغيير لحكم اللغة لأن الأجزئة تنزل بعد الشرط أو معه لا قبله ولحكم العقل أيضا . إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا
لأن مدخول أداة الشرط سبب ، والجزاء مسبب عنه ولا يعقل تقدم المسبب على السبب فكان قوله : قبله لغوا ألبتة فيبقى الطلاق جزاء للشرط غير مقيد بالقبلية ولحكم الشرع لأن النصوص ناطقة بشرعية الطلاق وهذا يؤدي إلى رفعها فيتفرع في المسألة المذكورة : وقوع ثلاث الواحدة المنجزة وثنتان من المعلقة ولو طلقها ثنتين وقعتا وواحدة من المعلقة أو طلقها ثلاثا يقعن فينزل الطلاق المعلق لا يصادف أهلية فيلغو ولو كان وقعت ثنتان المنجزة ، والمعلقة وقس على ذلك كذا في فتح القدير ، وفيه نظر لأنه ينتقض بقوله تعالى : { قال إن طلقتك فأنت طالق قبله ثم طلقها واحدة وما بكم من نعمة فمن الله } فإن الأول استقرار النعمة بالمخاطبين ، والثاني كونها من الله عز وجل وليس الأول سببا للثاني بل الأول فرع للثاني وقال الرضي لا يلزم مع الفاء أن يكون الأول سببا للثاني بل اللازم أن يكون ما بعد الفاء لازما لمضمون ما قبلها كما في جميع صور الشرط ، والجزاء ففي قوله تعالى { وما بكم من نعمة فمن الله } كون النعمة منه لازم حصولها معنى ولا يغرنك قول بعضهم إن الشرط سبب في الجزاء ا هـ .
وتمامه في شرح المغني للدماميني من بحث ما من المبحث الأول وحينئذ فلا يلغو قوله : قبله لعدم المنافاة ولا يضر رفع شرعية الطلاق على واحد اختار لنفسه ذلك فألزم نفسه به كما لو فإنه صحيح عندنا ، وإن كان فيه سد باب النكاح المشروع ، وفي القنية من آخر كتاب الأيمان قال : كلما تزوجت امرأة فهي طالق يقعن وهذا طلاق الدور وإنه لا يقع عند قال لها كلما وقع عليك طلاقي وأنت قبله طالق ثلاثا ثم طلقها بعد ذلك ثلاثا قال الشافعي الغزالي في وجيزه إذا يحسم باب الطلاق على أظهر الوجهين [ ص: 294 ] وقيل إذا نجز واحدة تقع تلك الواحدة وقيل تقع الثلاث إن كان بعد الدخول ثم قال قال : إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا الغزالي فلا خلاف أنها لا تطلق ا هـ . إن وطئت وطئا مباحا فأنت طالق قبله فوطئ
والأصح عند الشافعية ما صححه الشيخان من وقوع المنجزة دون المعلقة كما في شرح التنبيه ، وفيه لو لم يعتق العبد ولم تطلق الزوجة للزوم الدور . قال لزوجته : متى دخلت الدار وأنت زوجتي فعبدي حر قبله ومتى دخلها وهو عبدي فأنت طالق قبله ثلاثا فدخلا معا
لأنهما لو حصلا لحصلا معا قبل دخولهما ولو كان كذلك لم يكن العبد عبده وقت الدخول ولا المرأة زوجته وقتئذ فلا تكون الصفة المعلق عليها حاصلة ولا يتأتى في هذا القول بطلان الدور إذ ليس فيها سد باب التصرف ولو دخلا مرتبا وقع المعلق على المسبوق دون السابق فلو دخلت المرأة أولا ثم العبد عتق ولم تطلق هي لأنه حين دخل لم يكن عبدا له فلم تحصل صفة طلاقها ، وإن دخل العبد أولا ثم المرأة طلقت ولم يعتق العبد ، وإن لم يذكر في تعليقه المذكور لفظة قبل في الظرفين ودخلا معا عتق وطلقت ، وإن دخلا مرتبا فكما سبق ا هـ .
وفيه ولو صح ولغا تعليق الطلاق لاستحالة وقوعه ا هـ . قال إن ظاهرت منك أو آليت أو لاعنت أو فسخت النكاح بعيب فأنت طالق قبله ثلاثا ثم وجد المعلق به