الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله إلا في كلما لاقتضائها عموم الأفعال كاقتضاء كل عموم الأسماء ) لأن كلمة كل موضوعة لاستغراق ما دخلت عليه كان ليس معه غيره غير أن كلما تدخل على الأفعال ، وكل تدخل على الأسماء فيفيد كل منهما عموم ما دخلت عليه فإذا وجد فعل واحد أو اسم واحد فقد وجد المحلوف عليه فانحلت اليمين في حقه ، وفي حق غيره من الأفعال ، والأسماء باقية على حالها فيحنث كلما وجد المحلوف عليه غير أن المحلوف عليه طلقات هذا الملك ، وهي متناهية فالحاصل أن كلما لعموم الأفعال ، وعموم الأسماء ضروري فيحنث بكل فعل حتى ينتهي طلقات هذا الملك ، وكل لعموم الأسماء ، وعموم الأفعال ضروري ، ولو قال المصنف إلا في كل ، وكلما لكان أولى لأن اليمين في كل ، وإن انتهت في حق اسم بقيت في حق غيره من الأسماء كما سيأتي ، وفي الولوالجية الطلاق والعتاق متى علق بشرط متكرر يتكرر ، واليمين متى علق بشرط متكرر لا يتكرر حتى لو قال كلما دخلت الدار فوالله لا أكلم فلانا فدخلت الدار مرارا فكلمه بعد ذلك لا يحنث إلا في يمين واحدة .

                                                                                        ولو قال كلما دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا فدخل الدار مرارا ثم كلمه مرة يحنث في الأيمان كلها ، والفرق أن انعقاد اليمين بالله ليس إلا ذكر اسم الله تعالى مقرونا بخبر ، وذكر اسم الله تعالى مقرون بخبر الدخول [ ص: 18 ] والكلام فكما أن لانعقاد اليمين تعلقا بالدخول كان لها تعلق بالكلام بدليل أنه لو قال إن دخلت والله ، ولم يقل لا أكلم لا ينعقد فلم ينفسخ ليكن تصحيح اليمين بالله تعالى معلقا بالدخول وحده ، وإنما تصحيحها بالدخول والكلام جميعا ، والدخول متكرر ، والكلام غير متكرر ، والمعلق بشرط متكرر ، وغير متكرر لا يتكرر فأما اليمين بالطلاق والعتاق ، وغيرهما فعلق بالدخول وحده ألا ترى أنه لو اقتصر عليه صح فلم يكن لانعقاد اليمين تعلق بالكلام فيبقى اليمين معلقا بالدخول وحده ، والدخول يتكرر لأنه أدخل فيه كلمة كلما ، والمعلق بشرط متكرر يتكرر فيصير قائلا عند كل دخلة إن كلمت فلانا فامرأته طالق ، ولو كرر هذه المقالة ثم كلمه مرة يحنث في الأيمان كلها لأن الشرط الواحد يصلح شرطا للأيمان كلها ا هـ ، وزاد البزازي على الطلاق والعتاق الظهار ، وفي المحيط معزيا إلى الجامع أصله أن الجزاء متى علق بشرط مكرر ، وغير مكرر فإنه لا يتكرر بتكرر المكرر ، ولأن المعلق بشرطين لا ينزل إلا عند وجودهما فلو قال كلما دخلت هذه الدار فعلي حجة إن ضربتك فدخل مرارا ، ولم يضربه إلا مرة فإنه يلزمه الحج بعدد الدخلات لأن المعلق بالشرط كالمرسل عند وجود الشرط فكأنه قال عند كل دخلة علي حجة إن ضربتك بخلاف ما لو ضربه ، ودخل ثم دخل مرة أخرى فإنه لا يلزمه حجة أخرى ما لم يضربه ثانيا ، وكذلك لو قال كلما دخلت الدار فامرأته طالق ، وعبده حر إن ضربت فلانا لأنه علق بشرط مكرر ، وهو الدخول عتقا أو طلاقا معلقا بالضرب ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : ولو قال المصنف إلا في كل ، وكلما إلخ ) قال في النهر ، وخص كلما ، وإن كانت كل كذلك باعتبار بقاء اليمين لا تنتهي فيها بوجود الشرط بخلاف كل فإنها تنتهي في حق ذلك الاسم .

                                                                                        وبه تبين أنه لو قال إلا في كل ، وكلما لا ، وهم أن اليمين لا تنتهي بمرة فيهما ، وقد علمت أن هذا مطلقا في كل غير صحيح لكن لما كان في كل عموم لا ينتهي بمرة باعتبار ما مر بينه بقوله كاقتضاء كل عموم الأسماء ، وجعلها مشبها بها لأنها الأصل ، وأدخل عليها ما ، ولم أر من نبه على هذا ، وبه عرف أن ما في البحر مدفوع




                                                                                        الخدمات العلمية