الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        [ ص: 27 ] ( قوله إلا إذا برهنت ) أي أقامت البينة على وجود الشرط لأنها نورت دعواها بالحجة أطلقه فشمل ما إذا كان الشرط عدميا فإن برهانها عليه مقبول لما في جامع الفصولين الشرط يجوز إثباته ببينة ، ولو كان نفيا كما لو قال لقنه إن لم أدخل الدار فأنت حر فبرهن القن أنه لم يدخلها يعتق قيل فعلى هذا لو جعل أمرها بيدها إن ضربها بغير جناية ثم ضربها ، وقال ضربتها بجناية وبرهنت أنه ضربها بغير جناية ينبغي أن تقبل بينتها ، وإن أقامت على النفي لقيامها على الشرط حلف إن لم تجئ صهرتي هذه الليلة فامرأتي كذا فشهد أنه حلف كذا ، ولم تجئ صهرته في تلك الليلة ، وطلقت امرأته تقبل لأنها على النفي صورة ، وعلى إثبات الطلاق حقيقة ، والعبرة للمقاصد لا للصورة كما لو شهدا [ ص: 27 ] أنه أسلم ، واستثنى وشهد آخران أنه أسلم ، ولم يستثن تقبل بينة إثبات الإسلام ، ولو كان فيها نفي إذ غرضهما إثبات إسلامه ثم رقم بعلامة مح قال تقبل على الشرط ، وإن كان نفيا ا هـ .

                                                                                        فإن قلت سيأتي في كتاب الأيمان في هذا المختصر أنه لو قال عبده حر إن لم يحج العام فشهدا بنحره في الكوفة لم يعتق يعني عندهما خلافا لمحمد .

                                                                                        وعللوا لهما بأنها شهادة نفي معنى لأنها بمعنى لم يحج العام فهذا يدل على أن شهادة النفي لا تقبل على الشرط قلت قد اختلفوا في بناء هذه المسألة فقيل إنها مبنية على مسألة اشتراط الدعوى في شهادة عتق القن قال في جامع الفصولين فعلى هذا لو وضعت المسألة في الأمة ينبغي أن تعتق وفاقا إذ دعواها العتق لا يشترط ا هـ .

                                                                                        فحينئذ لا إشكال ، وأما على ما علل به في الهداية من أنها قامت على النفي لأن المقصود منها نفي الحج لا إثبات التضحية لأنها لا مطالب بها فصار كما إذا شهدوا أنه لم يحج غاية الأمر أن هذا النفي مما يحيط به علم الشاهد ، ولكنه لا يميز بين نفي ، ونفي تيسيرا ا هـ . فمشكل .

                                                                                        ولذا قال في فتح القدير إن قول محمد أوجه ظاهره تسليم أنها على الشرط مقبولة ، ولو نفيا ، وقد نقله عن المبسوط أيضا ، وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى ، ولو قال المصنف ، ولو ادعى عليه أن الشرط قد وجد ، وأنكر فالقول له إلا إذا شهدت البينة لكان أولى لأنه لا يشترط دعوى المرأة للطلاق ، ولا أن تبرهن لأن الشهادة على عتق الأمة وطلاق المرأة تقبل حسبة بلا دعوى ، ولا يشترط حضور المرأة والأمة لكن يشترط حضور الزوج والمولى صح تحضر المرأة ليشير إليها الشهود ط لو شهدا أنه أبان امرأته فلانة فقالت لم يطلقني ، وقال الزوج ليس اسمها فلانة ، وشهدا أن اسمها فلانة فالقاضي يفرق بينهما ، ويماثله عتق الأمة فلو شهدا أنه حررها ، وأن اسمها كذا ، وقالت لم يحررني فالقاضي يحكم بعتقها ، والشهادة بحرمة المصاهرة والإيلاء والظهار بدون الدعوى تقبل ، ويشترط حضور المشهود عليه ، وقيل لا تقبل بدون الدعوى في الإيلاء والظهار ، وفي عتق الأمة والطلاق بدون الدعوى قيل يحلف ، وقيل لا فليتأمل عند الفتوى كذا في جامع الفصولين ، وفي القنية ادعت أنه طلقها من غير شرط ، والزوج يقول طلقتها بالشرط ، ولم يوجد فالبينة فيه بينة المرأة ، ولو ادعت عليه أنه حلف لا يضر بها ، وادعى هو أنه لا يضر بها من غير ذنب ، وأقاما البينة فيثبت كلا الأمرين ، وتطلق بأيهما كان . ا هـ .

                                                                                        وفي القنية من باب البينتين المتضادتين ، ولو قال لامرأته إن شربت مسكرا بغير إذنك فأمرك بيدك فأقامت بينة على وجود الشرط ، وأقام الزوج بينة أنه كان بإذنها فبينة المرأة أولى . ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله فيثبت كلا الأمرين إلخ ) أقول : رأيت في نسختي القنية من هذا المحل مكتوبا على هامشها ما نصه هذا خلاف رواية الفصول فإنه قال لا تسمع البينة في هذا ، والقول قول الزوج مع اليمين تأمل جدا ا هـ .

                                                                                        ما رأيته أقول : وهذا هو الذي يظهر لأنهما اتفقا على أصل الحلف ، واختلفا في القيد ، وهو من غير ذنب ، والزوج يدعي وجود القيد ، وهي تنكره فكأنه يدعي بذلك عدم وقوع الطلاق ، وهي تدعي وقوعه فالقول له ، ويؤيده ما سيأتي عند قول المصنف ، ولا في أنت طالق إن شاء الله حيث قال ويشمل ما إذا ادعى الاستثناء ، وأنكرته فإن القول قوله وكذا في دعوى الشرط .




                                                                                        الخدمات العلمية