( قوله : وصح قبل الوقت ولفرضين ) أي صح ولفرضين اعلم أن التيمم بدل بلا شك اتفاقا لكن اختلفوا في كيفية البدل في موضعين : التيمم قبل الوقت
أحدهما : الخلاف فيه لأصحابنا مع فقال أصحابنا : هو بدل مطلق عند عدم الماء وليس بضروري ويرتفع به الحدث إلى وقت وجود الماء لا أنه مبيح للصلاة مع قيام الحدث وقال الشافعي هو بدل ضروري مبيح مع قيام الحدث حقيقة فلا يجوز قبل الوقت ولا يصلي به أكثر من فريضة عنده وعندنا يجوز وفي إناءين طاهر ونجس يجوز التيمم عندنا خلافا له ; ولهذا يبني الخلاف تارة على أنه رافع للحدث عندنا مبيح عنده لا رافع وتارة على أنه طهارة ضرورية عنده مطلقة عندنا واقتصر على الثاني صاحب الهداية ويدفع مبنى الشافعي الأول بأن اعتبار الحدث مانعية عن الصلاة شرعية لا يشكل معه أن التيمم رافع لارتفاع ذلك المنع به ، وهو الحق إن لم يقم على أكثر من ذلك دليل وتغير الماء برفع الحدث إنما يستلزم اعتباره نازلا عن وصفه الأول بواسطة إسقاط الفرض لا بواسطة إزالة وصف حقيقي مدنس ويدفع الثاني بأنه طهور حال عدم الماء بقوله صلى الله عليه وسلم { الشافعي } وقال في حديث الخصائص في الصحيحين { التراب طهور المسلم } يريد به مطهرا ، وإلا لما تحققت الخصوصية ; لأن طهارة الأرض بالنسبة إلى سائر الأنبياء ثابتة ، وإذا كان مطهرا فتبقى طهارته إلى وجود غايتها من وجود الماء أو ناقض آخر الثاني الخلاف فيه بين أصحابنا فعند وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أبي حنيفة البدلية بين الماء والتراب وعند وأبي يوسف بين الفعلين وهما التيمم والوضوء ويتفرع عليه جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم فأجازاه ومنعه وسيأتي إن شاء الله تعالى محمد
وقاس كما ذكره الشافعي النووي عدم جوازه قبل الوقت على عدم جواز طهارة المستحاضة قبل الوقت وقال النووي إنهم وافقونا عليه ومنع أئمتنا الحكم في المقيس عليه ; لأن المذهب عندنا جواز وضوئها قبل الوقت ولا ينتقض بالدخول ولئن سلم على قول من يقول بنقضها بالدخول فالفرق بينهما أن طهارة المستحاضة قد وجد ما ينافيها ، وهو سيلان الدم والتيمم لم يوجد له رافع بعده ، وهو الحدث أو وجود الماء فيبقى على ما كان كالمسح على الخفين بل أقوى ; لأن المسح مؤقت بمدة قليلة والشارع جوز التيمم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء وقولهم لا ضرورة قبله ممنوع ; لأن المندوب التطهر قبل الوقت ليشتغل أول الوقت بالأداء وما استدلوا به من أثر قال من السنة أن لا يصلي بالتيمم أكثر من صلاة واحدة رواه ابن عباس ومن أثر الدارقطني قال يتيمم لكل صلاة ، وإن لم يحدث رواه ابن عمر ومن أثر البيهقي قال يتيمم لكل صلاة فالكل ضعيف ; لأن في سند الأول علي الحسن بن عمارة تكلموا فيه قال بعضهم متروك ذكره في مقدمة كتابه في جملة من تكلم فيه رواه عنه مسلم ، وهو متروك وفي سند الثاني أبو يحيى الجماني عامر ضعفه ابن عيينة وفي سماعه عن وأحمد بن حنبل نظر وقال نافع الرواية فيه عن ابن خزيمة لا تصح وفي السند الثالث ابن عمر الحجاج بن أرطاة وهما ضعيفان مع أن ظاهرهما متروك ، فإنهم يجوزون أكثر من صلاة واحدة من النوافل مع [ ص: 165 ] الفرض تبعا له بشرط أن يتيمم له فلو والحارث الأعور لا يجوز أن يؤدي الفرض به عنده وعلى عكسه يجوز ( تنبيه ) ظاهر كلام المشايخ هنا أن الشرط يلزم من عدمه عدم المشروط ، فإنهم قالوا إن التراب مطهر بشرط عدم الماء فإذا وجد الماء فقد الشرط ففقد المشروط ، وهو طهورية التراب والمذكور في الأصول أن الشرط لا يلزم من عدمه العدم ولا من وجوده وجود ولا عدم والجواب أن الشرط إذا كان مساويا للمشروط استلزمه وهاهنا كذلك ، فإن كل واحد من عدم الماء وجواز التيمم مساو للآخر لا محالة فجاز أن يستلزمه كذا في العناية ، فإن قلت لا نسلم مساواتهما لجوازه مع وجوده حال مرضه قلت ليس بموجود فيها حكما ; لأن المراد به القدرة ، وهو ليس بقادر . تيمم لصلاة النفل