( قوله : أو عيد ولو بناء ) أي يجوز ولو كان الخوف بناء لما بينا أنها تفوت لا إلى بدل ، فإن كان إماما ففي رواية التيمم لخوف فوت صلاة عيد لا يتيمم وفي ظاهر الرواية يجزئه ; لأنه يخاف الفوت بزوال الشمس حتى لو لم يخف لا يجزئه ، وإن كان المقتدي بحيث يدرك بعضها مع الإمام لو توضأ لا يتيمم كما قدمناه في الجنازة وصورة الخوف في البناء أن يشرع في صلاة العيد ثم يسبقه حدث إماما كان أو مقتديا ، فهذه على وجوه ، فإن كان لا يخاف الزوال ويمكنه أن يدرك شيئا منها مع الإمام لو توضأ ، فإنه لا يتيمم اتفاقا لإمكان أداء الباقي بعده ، وإن كان يخاف زوال الشمس لو اشتغل بالوضوء يباح له التيمم اتفاقا لتصور الفوات بالإفساد بدخول الوقت المكروه ولو شرع بالتيمم تيمم وبنى بالاتفاق ; لأنا لو أوجبنا الوضوء يكون واجدا للماء في خلال صلاته فتفسد كذا في الهداية والمحيط الحسن
وقيل لا يجوز البناء بالتيمم عندهما لوجود الماء ويجوز أن يكون ابتداؤها بالتيمم والبناء بالوضوء كما قلنا في جنب معه ماء قدر ما يكفي الوضوء ، فإنه يتيمم ويصلي ولو سبقه حدث فيها ، فإنه يتوضأ ويبني ، وهذا القياس مع الفارق ، فإن في المقيس عليه لا يلزم بناء القوي على الضعيف إذ التيمم هاهنا أقوى من الوضوء ; لأنه يزيل الجنابة والوضوء لا يزيلها وفي المقيس يلزم بناء القوي على الضعيف فكان الظاهر البناء اتفاقا وقد يقال إنه غير لازم ; لأن التيمم مثل الوضوء بدليل جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم يؤيده ما ذكره قاضي خان في فصل المسح على الخفين من فتاواه أن المتيمم إذا سبقه حدث في خلال صلاته فانصرف ثم وجد ماء يتوضأ ويبني والفرق بينه وبين المتيمم الذي وجد الماء في خلال صلاته حيث يستأنف إن التيمم ينتقض بصفة الاستناد إلى وجود الحدث عند إصابة الماء ; لأنه يصير محدثا بالحدث السابق ; لأن الإصابة ليست بحدث وفي هذه الصلاة لم ينتقض التيمم عند إصابة الماء بصفة الاستناد لانتقاضه بالحدث الطارئ على التيمم ويمكن أن يقال إن التيمم ينتقض عند رؤية الماء بالحدث السابق
وإن كان هناك حدث طارئ لما قدمناه عن أن الأسباب المتعاقبة كالبول ثم الرعاف ثم القيء توجب أحداثا متعاقبة يجزئ عنها وضوء واحد وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الحدث في الصلاة ما يخالف ما ذكره محمد قاضي خان فثبت أن البناء بالتيمم متفق عليه ، ولو فعند شرع بالوضوء ثم سبقه الحدث ولم يخف زوال الشمس ولا يرجو إدراك الإمام قبل فراغه يتيمم ويبني وقالا يتوضأ ولا يتيمم ثم اختلف المشايخ فمنهم من قال إنه اختلاف عصر وزمان فكان في زمانه جبانة أبي حنيفة الكوفة بعيدة ولو انصرف للوضوء زالت الشمس فخوف الفوت قائم وفي زمنهما جبانة بغداد قريبة فأفتيا على وفق زمنهما ; ولهذا كان شمس الأئمة الحلواني والسرخسي يقولان في ديارنا لا يجوز التيمم للعيد ابتداء ولا بناء ; لأن الماء محيط بمصلى العيد فيمكن التوضؤ والبناء بلا خوف الفوت حتى [ ص: 167 ] لو خيف الفوت يجوز التيمم ومنهم من جعله برهانيا ثم اختلفوا فمنهم من جعله ابتدائيا فهما نظرا إلى أن اللاحق يصلي بعد فراغ الإمام فلا فوت نظر إلى أن الخوف باق ; لأنه يوم زحمة فيعتريه عارض يفسد عليه صلاته من رد سلام أو تهنئة ومنهم من جعله مبنيا على مسألة ، وهي أن من أفسد صلاة العيد لا قضاء عليه عنده فتفوت لا إلى بدل وعندهما عليه القضاء فتفوت إلى بدل وإليه ذهب وأبو حنيفة أبو بكر الإسكاف لكن قال القاضي الإسبيجابي في شرح مختصر الأصح أنه لا يجب قضاء صلاة العيد بالإفساد عند الكل وفي شرح منية المصلي لقائل أن يقول بجواز الطحاوي ما عدا سنة الفجر إذا خاف فوتها لو توضأ ، فإنها تفوت لا إلى بدل ، فإنها لا تقضى كما في العيد ولا سيما على القول بأن صلاة العيد سنة كما اختاره التيمم في المصر لصلاة الكسوف والسنن الرواتب السرخسي وغيره
وأما سنة الفجر ، فإن خاف فوتها مع الفريضة لا يتيمم ، وإن خاف فوتها وحدها فعلى قياس قول لا يتيمم وعلى قياس قولهما يتيمم ، فإن عند محمد إذا فاتته باشتغاله بالفريضة مع الجماعة عند خوف فوت الجماعة يقضيها بعد ارتفاع الشمس وعندهما لا يقضيها أصلا . محمد