الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن حلف بحج أو صوم أو عتق أو صدقة أو طلاق أو آلى من المطلقة الرجعية فهو مول ) هذا شروع في القسم الثاني من الإيلاء ، وهو الإيلاء المعنوي ، وهو اليمين بتعليق ما يستشقه على القربان كإن قربتك فلله علي حج ، وخرج اليمين بما لا يستشقه كإن قربتك فلله علي صلاة ركعتين أو فلله علي صلاة ركعتين في بيت المقدس لأنه لا يلزمه بتعيين المكان شيء عندنا فله صلاتهما في غيره كما خرج فعلي اتباع جنازة أو سجدة تلاوة أو قراءة القرآن أو تسبيحة ، ودخل ما لو قال فلله علي مائة ركعة لأنه يشق على النفس كما في فتح القدير بحثا ، وإطلاق أن الصلاة مما لا يستشقه كما فعل الشارح مما لا ينبغي هذا إن علل الصلاة بما لا يستشق أما إذا علل بأن الصلاة لا يحلف بها عادة كما في شرح المجمع للمصنف قال فالتحق بصلاة الجنازة ، وسجدة التلاوة فلا فرق بين الركعتين ومائة ركعة كما لا يخفى ، ودخل الهدي والاعتكاف واليمين ، وكفارة اليمين ، وذبح الولد لأنه يلزمه بالنذر به ذبح شاة عندنا كما في البدائع ، وأراد بالصوم غير المعين كقوله فلله علي صوم يوم أو شهر ، والمعين إن كان بمدة الإيلاء أو أكثر كقوله فلله علي صوم أربعة أشهر أولها هذا الشهر مثلا .

                                                                                        وأما إذا كان بأقل منها كقوله فلله علي صوم هذا الشهر فليس بمول لأنه يمكنه ترك القربان إلى أن يمضي ذلك ثم يطأها بلا شيء يلزمه ، وأطلق العتق فشمل عتق العبد المعين كقوله فلله علي عتق هذا العبد ، وغيره كقوله فلله علي عتق عبد سواء كان منجزا أو معلقا حتى لو قال فكل مملوك اشتريته فهو حر صار موليا خلافا لأبي يوسف كما أطلق الطلاق فشمل طلاقها وطلاق غيرها منجزا أو معلقا حتى لو قال فكل امرأة أتزوجها من أهل الإسلام طالق صار موليا ، وفي التلخيص من باب الإيلاء يكون في موطنين ، وفي إن قربتك فأنت طالق كلما [ ص: 72 ] دخلت فليس بمول لأن له مدفعا بالترك أو بحمل الغير بخلاف فكل مملوك أملك حر ، أو أخر الجزاء كان موليا للإعراض ا هـ .

                                                                                        ومن باب الفيء في اليمين قال إن قربتك فعبداي حران فباع أحدهما ثم اشتراه ، وباع الآخر أو قدم بيعه فهو مول من وقت شرائه ، وفي فأحدهما حر من وقت اليمين . ا هـ .

                                                                                        ولو باع العبد المعين سقط الإيلاء لأنه صار بحال يمكنه قربانها بغير شيء يلزمه ، ولو ملكه بسبب شراء أو غيره عاد الإيلاء من وقت الملك إن لم يكن وطئها قبله فإن كان وطئها قبل تجدد الملك لم يعد لسقوط الإيلاء ، ولو مات العبد المعين قبل البيع سقط الإيلاء لقدرته على الوطء بغير شيء ، وعلى هذا التفصيل موت المرأة المعلق طلاقها أو إبانتها ثم تزوجها ، وفي الجامع للصدر قال أنت طالق ثلاثا قبل أن أقربك بشهر أو قبل أن أقربك بشهر إذا قربتك لا يصير موليا قبل الشهر ، وبعده يصير إلا إذا قربها فيه ، والثاني تأكيد بخلاف والله لا أقربك إن قربتك للتعليق قال أنت طالق قبل أن أقربك يتنجز ، وقيل لا ، ويصير موليا . ا هـ . وفي الخانية قال لامرأته إن قربتك فعبدي هذا حر فمضت أربعة أشهر ، وخاصمته إلى القاضي ، وفرق بينهما ثم أقام العبد البينة أنه حر الأصل فإن القاضي يقضي بحريته ، ويبطل الإيلاء ، وترد المرأة إلى زوجها لأنه تبين أنه لم يكن موليا ا هـ .

                                                                                        وأما صحة الإيلاء من المطلقة رجعيا ، وإن لم يكن لها حق في الوطء فباعتبار أن وطأها مباح فإن كانت تعتد بالإقراء فلاحتمال امتداد عدتها حتى تمضي مدة الإيلاء فتبين ، وإن كانت بالأشهر فلاحتمال أن يراجعها قبل مضيها فإن لم يراجعها حتى مضت عدتها قبل مضيها سقط الإيلاء لفوات محله .

                                                                                        [ ص: 72 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 72 ] ( قوله بخلاف فكل مملوك أملك حر ) أي حيث يصير موليا عندهما خلافا لأبي يوسف لأنه لا يمكنه القربان إلا بشيء يلزمه ، ولا يمكنه دفع ذلك بالترك إذ الملك قد يحصل من غير صنعه بالميراث ، ولا يتمكن من رده ، ولو أخر الجزاء بأن قال إن قربتك كلما دخلت هذه الدار فأنت طالق كان موليا بعد الدخول لاعتراض الشك على الشرط ، وفي مثله تقدم الشرط المؤخر مع الجزاء على الشرط المقدم في الذكر فصار تقديره كلما دخلت هذه الدار فأنت طالق إن قربتك فيكون انعقاد الإيلاء معلقا بالدخول فيكون الدخول قابلا أنت طالق إن قربتك فيكون موليا كذا في شرح الفارسي ( قوله ثم اشتراه ، وباع الآخر أو قدم بيعه ) لم أجد قوله أو قدم بيعه في تلخيص الخلاطي ولا في شرحه ، ولعلها عبارة تلخيص الشهيد قال الفارسي رجل قال لامرأته إن قربتك فعبداي حران صار موليا فلو باع أحدهما بطل الإيلاء في حقه لأنه لو كان منفردا ، وباعه بطل الإيلاء كذلك هنا ، وبقي الإيلاء في حق الذي لم يبع لبقائه محلا للعتق فلو اشترى الذي باعه ثم باع الآخر بطلت المدة الأولى ، وانعقدت المدة من حين الشراء ، وهذا لأن المولى من لا يمكنه القربان إلا بشيء واحد يلزمه من أول المدة إلى آخرها ، وإذا كان إيجاد المانع شرطا لا يكون موليا إلا من وقت الشراء لفقد الشرط قبله إذ قبل البيع يلزمه بالقربان عتقهما ، وبعده عتق أحدهما ، وهو الباقي ، وبعد الشراء عتق المشتري ، وإنما يتحد المانع في جميع المدة من حين الشراء ، وفيما إذا قال فأحد هذين العبدين حر ، والمسألة بحالها صار موليا من حين حلف لأن المانع ، وهو عتق أحدهما لم يتبدل لوجوده من أول المدة إلى آخرها ا هـ . ملخصا




                                                                                        الخدمات العلمية