الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وإن ) ( نوى بأنت علي مثل أمي برا أو ظهارا أو طلاقا فكما نوى وإلا لغا ) بيان للكنايات فمنها أنت علي مثل أمي أو كأمي فإن نوى الكرامة قبل منه ; لأنه مستعمل فيه فالتقدير أنت عندي في الكرامة كأمي وإن نوى الظهار كان ظهارا بكونه كناية فيه وأشار إلى أن صريحه لا بد فيه من ذكر العضو فحينئذ لا يحتاج إلى النية ولا تصح فيه نية الطلاق والإيلاء ; لأنها تغيير للمشروع وإذا نوى الطلاق في مسألة الكتاب كان بائنا كلفظ الحرام وإن لم ينو شيئا كان باطلا ولم يتعرض لنية الإيلاء به للاختلاف فأبو يوسف جعله إيلاء ; لأنه أدنى من الظهار ومحمد جعله ظهارا نظرا إلى أداة التشبيه وصحح أنه ظهار عند الكل ; لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه ، وذكر علي ليس بشرط في مسألة الكتاب ; إذ أنت مثل أمي كذلك كما في الخانية وقيد بالتشبيه ; لأنه لو خلا عنه بأن قال : أنت أمي لا يكون مظاهرا لكنه مكروه لقربه من التشبيه وقياسا على قوله يا أخية المنهي عنه في حديث أبي داود المصرح بالكراهة ولولا التصريح بها لأمكن القول بالظهار فعلم أنه لا بد في كونه ظهارا من التصريح بأداة التشبيه شرعا ومثله قوله يا بنتي يا أختي ونحوه

                                                                                        . ( قوله وبأنت علي حرام كأمي ظهارا أو طلاقا فكما نوى ) ; لأنه لما زاد على المثال الأول لفظة التحريم امتنع إرادة الكرامة وصحت نية الظهار والطلاق ولم يبين ما إذا لم ينو شيئا للاختلاف فمحمد جعله ظهارا وأبو يوسف إيلاء والأول أوجه ( قوله وبأنت علي حرام كظهر أمي طلاقا أو إيلاء فظهار ) ; لأنه لما زاد على المثال الثاني لفظة الظهار كان صريحا فيه فكان مظاهرا سواء نواه أو نوى الطلاق أو الإيلاء أو لم تكن له نية .

                                                                                        [ ص: 107 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 107 ] ( قوله فإن نوى الكرامة قبل منه ) قال الرملي ينبغي أن لا يصدق قضاء في إرادة البر إذا كان في حال المشاجرة وذكر الطلاق وأقول : ينبغي إذا نوى الحرمة المجردة أن يكون إيلاء ; لأنه أدنى على قول أبي يوسف وعلى قول محمد يكون ظهارا كما يعلم من المسألة الآتية وعلى ما صحح في نية الإيلاء هنا ينبغي أن يكون ظهارا عند الكل فتأمل .

                                                                                        ( قوله ولم يبين ما إذا لم ينو شيئا ) قال الرملي لم يبين هو أيضا في هذه المسألة ما إذا نوى الإيلاء أو مجرد التحريم كغالب الكتب وقد ذكرها في التتارخانية نقلا عن الخانية و المحيط وأقول : إذا نوى التحريم لا غير وقلنا بصحة نيته كما في المحيط يكون إيلاء عند أبي يوسف وظهارا عند محمد وعلى ما صحح فيما تقدم يكون ظهارا على قول الكل ; لأنه تحريم مؤكد بالتشبيه وإنما ذكرنا ذلك لكثرة وقوعه في ديارنا




                                                                                        الخدمات العلمية