وأما كفارة فإن كانت كفارة يمين خير الوصي بين الإطعام وبين الكسوة وبين التحرير ، وفي كفارة القتل والظهار والإفطار يتعين التحرير إن بلغت قيمته الثلث وإلا تعين الإطعام ولا دخل للصوم في الكل كذا في البدائع فإن قلت : هل لنا حر ليس له كفارة إلا بالصوم الميت إذا مات وعليه كفارة وأوصى بإخراجها من ثلث ماله قلت المحجور عليه بالسفه على قولهما المفتى به لا يكفر إلا بالصوم حتى لو أعتق عنها صح العتق ولا يجزئ عنها ويلزمه الصوم كما في شرح المنظومة من الحجر
. ( قوله فإن لم يستطع الصوم أطعم ستين فقيرا كالفطرة أو قيمته ) أي : إن لم يقدر على الصوم لمرض لا يرجى برؤه أو كبر أراد بالإطعام الإعطاء تمليكا ; لأنه سيصرح بالإباحة ; ولذا قال في البدائع : إذا أراد التمليك أطعم كالفطرة وإذا أراد الإباحة أطعمهم غداء وعشاء وقيد بالفقير ; لأن الغني لا يجوز إطعامه في الكفارات تمليكا وإباحة ومن له مال وعليه دين لعبد فقير في هذا كما في البدائع وأشار بذكر الفقير إلى أنه المراد في الآية فالمسكين والفقير سواء فيها وأفاد بقوله كالفطرة أي كصدقة الفطر أنه لا يجوز إطعام أصله وفرعه وأحد الزوجين ومملوكه والهاشمي وأنه يجوز إطعام الذمي ; لأن مصرفها مصرفها وهو مصرف الزكاة إلا الذمي فإنه مصرف فيما عدا الزكاة بخلاف الحربي فإنه ليس بمصرف لشيء ، ولو كان مستأمنا .
ولو دفع بتحر فبان أنه ليس بمصرف أجزأه عندهما خلافا كما عرف في الزكاة كما في البدائع وأنه يملك نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير أو دقيق كل كأصله وكذا السويق ، واختلفوا هل يعتبر الكيل أو القيمة فيهما كما في صدقة الفطر وأنه لو دفع البعض من الحنطة والبعض من الشعير فإنه جائز إذا كان قدر الواجب كأن يدفع ربع صاع من بر ونصفا من شعير وإنما جاز التكميل بالآخر لاتحاد المقصود وهو الإطعام ولا يجوز التكميل بالقيمة كما لو أدى نصفا من تمر جيد يساوي صاعا من الوسط وأفاد بعطف القيمة أنه لا بد أن تكون [ ص: 117 ] من غير المنصوص عليه فلو دفع منصوص عليه عن منصوص آخر بطريق القيمة لم يجز إلا أن يبلغ المدفوع الكمية المقدرة شرعا فلو دفع نصف صاع تمر يبلغ قيمة نصف صاع بر لا يجوز فالواجب عليه أن يتم للذين أعطاهم القدر المقدر من ذلك الجنس الذي دفعه لهم فإن لم يجدهم بأعيانهم استأنف في غيرهم ولا يقال . لأبي يوسف