الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وله أن ينكحها ) أي : الملاعن بعد التفريق أن يتزوجها إذا أكذب نفسه أطلقه فشمل ما إذا حد أو لم يحد فتقييد الشارح الحل بالحد اتفاقي ، وكذا إذا أكذبت نفسها فصدقته فالحاصل أن الفرقة باللعان [ ص: 131 ] يزول بها ملك النكاح وتوجب حرمة الاجتماع والتزوج ما داما على حال اللعان فإن أكذب أحدهما نفسه جاز التناكح والاجتماع عند الإمام والثالث وقال الثاني إنها توجب حرمة مؤبدة كحرمة الرضاع والمصاهرة لقوله عليه السلام { المتلاعنان لا يجتمعان أبدا } ويقتضي قوله أن الفرقة لا تتوقف على القضاء كما أشار إليه في فتح القدير ولهما أن عويمرا طلق الملاعنة ثلاثا فصار سنة المتلاعنين ; لأنه يجب عليه أن يطلقها فإن لم يفعل ناب القاضي منابه كما في العنين فكانت الفرقة طلاقا ، وأما الحديث فلا يمكن العمل بحقيقته ; لأن حقيقة المتفاعل المتشاغل بالفعل ولما فرغا منه زالت الحقيقة فانصرف المراد إلى الحكم وهو أن يكون حكمه باقيا وبعد الإكذاب لم يبق حكمه لبطلانه فلم يبق حقيقة ولا حكما فجاز اجتماعهما .

                                                                                        ونظيره قوله تعالى في قصة أصحاب الكهف { إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا } أي : ما داموا في ملتهم ألا ترى إذا لم يفعلوا أفلحوا كذا هذا في البدائع وقد بحث المحقق ابن الهمام في فتح القدير بأنه لما لم تمكن الحقيقة وصير إلى المجاز كان له مجازان : أحدهما : ما ذكرتم من إرادة من بينهما تلاعن قائم حكما ، والثاني : من وجد بينهما تلاعن في الخارج وعلى هذا التقدير لا يجتمعان بعد الإكذاب بينهما ; إذ ارتفاع حكمه لا يوجب ارتفاع كونه قد تحقق له وجود في الخارج ولكن بقي النظر في أي الاحتمالين أرجح وأظن أن الثاني أسرع إلى الفهم ا هـ . .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية