الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والمراهقة لأقل من تسعة أشهر وإلا لا ) أي : ويثبت نسب ولد المطلقة المراهقة إذا أتت به لأقل من تسعة أشهر وقد كان دخل بها ولم تقر بانقضاء عدتها ولم تدع حبلا وإن جاءت به لتسعة أشهر فأكثر لا يثبت ، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا كما أطلقه المصنف ، وقال أبو يوسف : يثبت النسب إلى سنتين في الطلاق البائن كالكبيرة وإلى سبعة وعشرين شهرا في الطلاق الرجعي ; لأنه يجعل واطئا في آخر العدة وهي الثلاثة الأشهر ثم تأتي به لأكثر مدة الحمل وهي سنتان ولهما أن لانقضاء عدة الصغيرة جهة متعينة وهي الأشهر فبمضيها يحكم الشرع بالانقضاء وهو في الدلالة فوق إقرارها ; لأنه لا يحتمل الخلاف والإقرار يحتمله ، فإذا ولدت قبل مضي تسعة أشهر من وقت الطلاق تبين أن الحمل كان قبل انقضاء العدة وإن ولدته لتسعة أشهر فأكثر فهو حمل حادث بعد انقضاء [ ص: 173 ] عدتها بالأشهر وقد وقع في البدائع هذا غلط فاجتنبه فإنه قال : إذا لم تقر بانقضاء عدتها ، فإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق يثبت النسب وإن جاءت به لستة أشهر أو لأكثر لا يثبت وصوابه إبدال الستة بالتسعة كما في المختصر أو إبدال قوله من وقت الطلاق بقوله من وقت انقضاء العدة بالأشهر الثلاثة والعبارتان سواء قيد المصنف بكونها مطلقة ; لأنها لو مات عنها زوجها ولم تقر بالحبل ولا بانقضاء العدة فعندهما إن ولدت لأقل من عشرة أشهر وعشرة أيام يثبت النسب ; لأنه تبين أنه كان موجودا قبل مضي عدة الوفاة وإلا لم يثبت ; لأنه حادث بعد مضيها وعند أبي يوسف يثبت إلى سنتين كالكبيرة .

                                                                                        وإن أقرت بانقضاء العدة بعد أربعة أشهر وعشر ثم ولدت لستة أشهر فصاعدا لم يثبت النسب منه ، وقيدنا بكونه دخل بها ; لأنه لو لم يدخل بها وجاءت بولد ، فإن كان لأقل من ستة أشهر من وقت الطلاق يثبت نسبه وإن جاءت به لأكثر منها لا يثبت لحصول العلوق وهي أجنبية كما في غاية البيان وقيدنا بكونها لم تقر بانقضائها ; لأنها لو أقرت به بعد ثلاثة أشهر ولم تدع حبلا ثم جاءت بولد ، فإن كان لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار يثبت النسب وإن جاءت به لستة أشهر أو أكثر لم يثبت النسب لانقضاء العدة ومجيء الولد لمدة حبل تام بعده وقيدنا بكونها لم تدع حبلا ; لأنها لو أقرت بالحبل فهو إقرار منها بالبلوغ فيقبل قولها فصارت كالكبيرة في حق ثبوت نسبه من حيث إنها لا يقتصر انقضاء عدتها على أقل من تسعة ، فإن كان الطلاق بائنا يثبت نسب ولدها لأقل من سنتين وإن كان رجعيا يثبت نسبه إذا أتت به لأقل من سبعة وعشرين شهرا كما في غاية البيان لا مطلقا فإن الكبيرة يثبت نسب ولدها في الطلاق الرجعي لأكثر من سنتين وإن طال إلى سن الإياس لجواز امتداد طهرها ووطئه إياها في آخر الطهر وتعبير المصنف بالمراهقة أولى من تعبير كثير بالصغيرة ; لأن المراهقة هي التي تلد لا ما دونها ومن تعبير الهداية بالصغيرة التي يجامع مثلها كما لا يخفى .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية