( قوله : بثلاث أصابع ) بطريق المنطوق ولبيان قدر الممسوح بطريق اللزوم وأراد أصابع اليد لما ذكره في المستصفى كذا أطلقه غير واحد من مشايخ المذهب وعزاه في الخلاصة إلى بيان لمقدار آلة المسح وفي الاختيار وغيره إلى أبي بكر الرازي رحمه الله وقيدها محمد قاضي خان بكونها من أصغر أصابع اليد وقال ثلاث أصابع من أصابع الرجل والأول أصح كذا في كثير من الكتب ; لأن اليد آلة المسح والثلاثة أكثر أصابعها وقد تقدم دليله من السنة من البدائع وغيرها وقد ذكر كثير من المشايخ أن الثلاث فرض المسح ونص عليه الكرخي كما في المحيط ومرادهم به الواجب ; لأنه ثابت بالسنة فيكون المراد بالفرض التقدير دون الفرض الاصطلاحي ، فإنه ليس ثابتا بدليل قطعي ; ولأنه مختلف فيه كذا في التوشيح لكن لا حاجة إلى هذا ; لأن مشايخنا يطلقون أصل الفرض على ما ثبت بظني إذا كان الجواز يفوت بفوته كغسل المرافق والكعبين وقد بيناه هناك وفي تقدير الفرض بثلاث أصابع إشارة إلى أنه لو قطعت إحدى رجليه وبقي منها أقل منه أو بقي ثلاث أصابع لكن من العقب لا من موضع المسح فلبس على الصحيحة أو المقطوعة لا يمسح لوجوب غسل ذلك الباقي كما لو قطعت من الكعب حيث يجب غسل الجميع ولا يمسح ، وهذا التقدير لا بد منه في كل رجل فلو محمد لم يجز واستفيد منه أنه لو مسح على رجل أصبعين ، وعلى الأخرى قدر خمسة لا يجوز ولو مسح بأصبع واحدة ومدها حتى بلغ مقدار الثلاث من غير أن يأخذ ماء جديدا جاز إن مسح كل مرة غير الموضع الذي مسحه كأنه مسح بثلاثة أصابع كما في فتاوى مسح بأصبع واحدة ثلاث مرات وأخذ لكل مرة ماء قاضي خان
ولو مسح بالإبهام والسبابة إن كانتا مفتوحتين جاز ; لأن ما بينهما مقدار أصبع ولو مسح بأصبع واحدة بجوانبها الأربع فينبغي أن يجوز بالاتفاق على الأصح بخلاف مسح الرأس ، فإن فيه اختلافا فصحح في الهداية الجواز بناء على التقدير بثلاث أصابع وصحح شمس الأئمة السرخسي ومن تابعه عدم الجواز بناء على التقدير بالربع وهنا لما اتفقوا في الأصح على الثلاث كان الإجزاء متفقا عليه كما لا يخفى ، وإنما قيدنا الاتفاق بالأصح ; لأن المصنف في الكافي قال والكلام فيه كالكلام في مسح الرأس فمن شرط ثمة الربع شرط الربع هنا ومن شرط الأدنى شرطه هنا ا هـ .
وفيه نظر ; لأن هناك الراجح الربع وهنا الراجح الثلاث كما لا يخفى وفي منية المصلي ولو مسح برءوس الأصابع وجافى أصول الأصابع الكف لا يجوز إلا أن يكون الماء متقاطرا وفي الخلاصة ولو مسح بأطراف أصابعه يجوز سواء كان الماء متقاطرا أو لا ، وهو الصحيح وما في المنية أولى مما في الخلاصة كما لا يخفى ، وفي البدائع ولو لا يجوز بلا خلاف بين أصحابنا ولو مسح بثلاث أصابع منصوبة غير موضوعة ولا ممدودة جاز وكذا لو أصاب موضع المسح ماء أو مطر قدر ثلاث أصابع قيل يجوز ; لأنه ماء وقيل لا يجوز ; لأنه نفس دابة في البحر يجذبه الهواء [ ص: 183 ] والأول أصح وفي الخلاصة ولو مسح بظاهر كفه جاز والمستحب أن يمسح بباطن كفه . ا هـ . مشى في حشيش مبتل بالمطر ولو كان مبتلا بالطل وأصاب الخف طل قدر الواجب
وكان المراد به باطن الكف والأصابع ولو قال بباطن اليد لكان أولى كذا في شرح منية المصلي وفيه نظر ; لأن صاحب الخلاصة نقل أنه إن وضع الكف ومدها أو وضع الكف مع الأصابع ومدها كلاهما حسن والأحسن الثاني ا هـ .
فوضع الكف وحدها دون الأصابع مستحب حسن ، وإن كانت مع الأصابع أحسن ، ولو يجوز سواء كانت البلة قاطرة أو لم تكن كذا في فتاوى توضأ ومسح ببلة بقيت على كفيه بعد الغسل قاضي خان وغيرها وصرح في الخلاصة بأنه الصحيح ولو لا يجوز وكذا بماء أخذه من لحيته . مسح رأسه ثم مسح خفيه ببلة بقيت على كفيه
والحاصل أن البلل إذا بقي في كفيه بعد غسل عضو من المغسولات جاز المسح به ; لأنه بمنزلة ما لو أخذه من الإناء ، وإذا بقي في يده بعد مسح عضو ممسوح أو أخذه من عضو من أعضائه لا يجوز المسح به مغسولا كان ذلك العضو أو ممسوحا ; لأنه مسح ببلة مستعملة ويستثنى من هذا الإطلاق مسح الأذنين ، فإنه جائز ببلة بقيت بعد مسح الرأس بل سنة عندنا كما قدمناه والأصبع يذكر ويؤنث كذا في شرح الوقاية .
[ ص: 182 ]