الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : ولو مسح مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة مسح ثلاثا ) سواء سافر قبل انتقاض الطهارة أو بعدها قبل كمال مدة المقيم ولا خلاف في أن مدته تتحول إلى مدة المسافر في الأول وفي الثاني خلاف الشافعي لنا العمل بإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم يمسح المسافر الحديث ، وهذا مسافر فيمسحها بخلاف ما بعد كمال مدة المقيم ; لأن الحدث قد سرى إلى القدم ، وإنما يمسح على خف رجل لا حدث فيها إجماعا .

                                                                                        وأما ما استدل به الشافعي من أن هذه عبادة ابتدأت حالة الإقامة فيعتبر فيها حالة الابتداء كصلاة ابتدأها مقيما في سفينة فسافرت وصوم شرع فيه مقيما فسافر حيث يعتبر فيه حكم الإقامة فغني عن تكلف الفرق لعدم ظهور وجه الجمع بالمشترك المؤثر في الحكم كذا في فتح القدير وبيانه أن أئمتنا لا يرون العبادة وصفا لازما للمسح بل إذا كان الوضوء منويا والنية ليست بشرط فيه عند هم ; ولأن المسحات في المدة بمنزلة الصيام في السفر لا بمنزلة صوم اليوم بدلالة أن فساد بعض المسحات لا يوجب فساد البعض الآخر كما في صيام أيام رمضان ولا شك في أن من سافر في أواخر رمضان يسقط عنه وجوب الأداء فيما بقي ما دام مسافرا ولا يمنع كونه مقيما في أوله من ترخصه بترك أداء الصوم في تلك الحالة فكذا كون الماسح مقيما في أول المدة لا يمنع من ترخصه رخصة المسافر بالمسح إذا كان في آخرها مسافرا قال في السراج الوهاج فلو أنه لما جاوز العمران قبل مضي يوم وليلة ودخل في الصلاة سبقه الحدث فيها وعاد إلى مصره ليتوضأ فمضى يوم وليلة قبل أن يعود إلى مصلاه فالقياس أن تفسد صلاته ; لأنه لما عاد إلى مصره فقد صار مقيما وقد انقضت مدته ، وهو في الصلاة ففسدت إلا أن الصدر الشهيد ذكر في الواقعات أن الماسح إذا انقضت مدته ، وهو في حال انصرافه مع الحدث لا تبطل صلاته استحسانا

                                                                                        ولو عاد إلى مصلاه في مسألتنا قبل مضي يوم وليلة انتقلت مدته إلى السفر ووجب عليه الإتمام في هذه [ ص: 189 ] الصلاة وهذه مسألة عجيبة ، وهو أنه مسافر في حق المسح مقيم في حق إتمام الصلاة كذا في إيضاح الصيرفي . ا هـ .

                                                                                        وقد علمت فيما قدمناه أن الصحيح بطلان الصلاة ومسألة الإتمام المذكورة مذكورة في الخلاصة من باب المسافر ( قوله : ولو أقام المسافر بعد يوم وليلة نزع ، وإلا يتم يوما وليلة ) ; لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه والشافعي يوافقنا في هذه على ما هو المنصوص عليه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : سواء سافر قبل انتقاض الطهارة إلخ ) تبع في ذلك المحقق في فتح القدير واعترضهما في النهر بأن قوله مسح لا يشمل ما لو سافر قبل انتقاض الطهارة ثم قال : فإن قلت لا يلزم من مسحه سبق حدث لجواز أن يتوضأ وضوءا على وضوء ويمسح في الثاني قلت هذا مع بعده مفوت لتقييد محل الخلاف على أن قول القدوري ومن ابتدأ مدة المسح فسافر يدفع هذا لما أن ابتداءها من وقت الحدث .

                                                                                        ( قوله : وفي الثاني خلاف الشافعي رحمه الله ) قال بعض الفضلاء قلت خلاف الشافعي إنما هو فيما إذا سافر بعد الحدث والمسح قبل كمال مدة المقيم ، وأما إذا سافر بعد الحدث ومسح في السفر قبل خروج وقت الصلاة أو بعد خروجه في الصحيح ، فإنه يتم مسح مسافر من حين أحدث في الحضر ; لأنه بدأ بالعبادة في السفر فثبت له رخصة السفر كذا في المهذب وشرحه للنووي ا هـ .

                                                                                        قلت : ونحوه في شرح المنهج للقاضي زكريا الأنصاري ، وهو المفهوم أيضا من تقييد المصنف بقوله مسح مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة .




                                                                                        الخدمات العلمية