الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وعتقت بموته من كل ماله ولم تسع لغريمه ) لحديث سعيد بن المسيب { أن النبي عليه السلام أمر بعتق أمهات [ ص: 295 ] الأولاد وأن لا يبعن في دين وأن لا يجعلن من الثلث } ولأن الحاجة إلى الولد أصلية فتقدم على حق الورثة والدين كالتكفين بخلاف التدبير فإنه وصية بما هو من زوائد الحوائج ولأنها ليست بمال متقوم حتى لا تضمن بالغصب عند أبي حنيفة فلا يتعلق بها حق الغرماء كالقصاص بخلاف المدبر ; لأنه مال متقوم أطلق في الموت فشمل الحكمي كردته ولحوقه بدار الحرب وكذا الحربي المستأمن إذا اشترى جارية بدار الإسلام واستولدها ثم رجع إلى دار الحرب فاسترق الحربي عتقت الجارية لما ذكرنا في المدبر كذا في البدائع وشمل كلامه ما إذا أقر بأنها ولدت منه في الصحة أو في المرض لكن إن كان في الصحة فإنها تعتق من جميع المال ، سواء كان معها ولد ، أو لم يكن ، وإن كان الإقرار في المرض فإن كان معها ولد فكذلك الجواب وإلا فهي أم ولده وحكمها كالمدبر تعتق من ثلث المال كذا في شرح الطحاوي وذكر في المحيط أنه لو قال لأمته في مرضه : ولدت مني فإن كان هناك ولد ، أو حبل تعتق من جميع المال ، وإلا فمن الثلث ; لأنه عند عدم الشاهد إقرار بالعتق وهو وصية ، وفي الخانية : وإذا عتقت بموته يكون ما في يدها من المال للمولى إلا إذا أوصى لها به ا هـ .

                                                                                        وفي المجتبى عن محمد مات مولى أم الولد ولها متاع وعروض ليس لها منها شيء إلا أني أستحسن أن أترك لها ملحفة وقميصا ومقنعة فأما المدبر فلا شيء له من الثياب وغيره ا هـ .

                                                                                        ولم يذكر المصنف هنا حكم ولد أم الولد من غير المولى لأنه قدمه في كتاب العتق أن الولد أي الجنين يتبع الأم في الاستيلاد فإذا زوج المولى أم ولده لرجل فولدت فهو في حكم أمه ; لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق ، والنسب يثبت من الزوج ; لأن الفراش له وإن كان النكاح فاسدا ; لأن الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام ، وإذا ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه ; لأنه ثابت النسب من غيره ويعتق الولد كذا في الهداية فإذا مات المولى عتق ولد أم الولد كأمه ، وفي المحيط لو شهد أحدهما أنه أقر أنها ولدت هذا الغلام منه وشهد الآخر أنها ولدت هذه الجارية منه فشهادتهما جائزة على أمية الولد لا على ثبات النسب لاختلافهما في الولد فإن كان الولدان لا يعلم أيهما أكبر فنصف كل واحد منهما بمنزلة أمه يعتق ذلك النصف بعتقها ويسعى كل واحد منهما في نصف قيمته بعد موت المولى ، وإن كان أحدهما أكبر من الآخر عتق الأصغر بعتقها ويباع الأكبر ولا يثبت نسب واحد منهما ومتى لم يعلم أيهما أكبر وأحدهما حادث بعد ثبوت أمية الولد للأم وهو مجهول فيشيع ذلك الحكم فيهما نصفان ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية