( قوله : ولو أرادت الخروج فقال إن خرجت أو ضرب العبد فقال إن ضربت تقيد به كاجلس فتغد عندي فقال إن تغديت ) بيان ليمين الفور مأخوذ من فور القدر إذا غلت واستعير للسرعة ثم سميت بها الحال التي لا ريث فيها فقيل جاء فلان من فوره أي من ساعته وسميت هذه اليمين به باعتبار فوران الغضب انفرد بإظهارها ، وكانت اليمين في عرفهم قسمين مؤبدة ، وهي أن يحلف مطلقا ومؤقتة ، وهي أن يحلف أن لا يفعل كذا اليوم أو هذا الشهر فأخرج أبو حنيفة أبو حنيفة قال في المحيط ، ولم يسبقه أحد في تسميتها ، ولا في حكمها ، ولا خالفه أحد فيه بعد ذلك فإن الناس كلهم عيال يمين الفور في هذا . ا هـ . أبي حنيفة
بل الناس عيال في الفقه كله ، وهي يمين مؤبدة لفظا موقتة معنى تتقيد بالحال أو تكون بناء على أمر حالي فمن الثاني أبي حنيفة لا يحنث ; لأن قصده أن يمنعها من الخروج الذي تهيأت له فكأنه قال إن خرجت أي الساعة ، ومنه من امرأة تهيأت للخروج فحلف لا تخرج فإذا جلست ساعة ثم خرجت فإذا تركه ساعة بحيث يذهب فور ذلك ثم ضربه لا يحنث لذلك بعينه ، ومن الأول اجلس فتغد عندي فيقول إن تغديت فعبدي حر تقيد بالحال فإذا تغدى في يومه في منزله لا يحنث ; لأنه يمين وقع جوابا تضمن إعادة ما في السؤال والمسئول الغد الحالي فينصرف الحلف إلى الغداء الحالي لتقع المطابقة . أراد أن يضرب عبده فحلف عليه لا يضربه
وهذا كله عند عدم نية الحالف ، وقيد بكونه قال إن تغديت ، ولم يزد عليه ; لأنه لو زاد بأن فإنه يحنث ; لأنه زاد على حرف الجواب فيكون مبتدأ ، ولا يقال إن قال إن تغديت اليوم أو معك فعبدي حر فتغدى في بيته أو معه في وقت آخر موسى عليه السلام زاد في الجواب حين سئل عن العصا ، ولم يكن مبتدأ ; لأنا نقول لما سئل بما ، وهي تقع على ذات ما لا يعقل ، والصفات فاشتبه عليه الحال فأجاب بهما حتى يكون مجيبا عن أيهما كان ، وأشار المصنف إلى أنه لو فالظاهر أنه يصدق ; لأنه لو قال إن خرجت ، ولا نية له ينصرف إلى هذه الخرجة فكذا إذا قال إن رجعت ونوى الرجوع بعد هذه الخرجة كان أولى أن ينصرف إلى الرجوع عن هذه الخرجة كذا في المحيط ثم اعلم أن التقييد تارة يثبت صريحا وتارة يثبت دلالة والدلالة نوعان دلالة لفظية ودلالة حالية فدلالة اللفظ نحو ما إذا قال لامرأته عند خروجها من المنزل إن رجعت إلى منزلي فأنت طالق ثلاثا ثم جلست فلم تخرج زمانا ثم خرجت ورجعت والرجل يقول نويت الفور تقيد بحال حياة المحلوف عليه والدلالة الحالية كما في الكتاب . حلف لا يدخل على فلان
وفي المحيط أصله أن الحالف متى أعقب الفعل فعلا بحرف العطف ، وهو الفاء والواو فإن كان الفعل الثاني في العادة يفعل على فور الأول ، ولم يفعل حنث ، وإن لم يكن يفعل على فور الأول لا يحنث ما لم يمت ، وإن ذكر الفعل الثاني بحرف الشرط أو التراخي ، وهو حرف ثم فهو على الأبد ; لأن المشروط لا يتحقق إلا بعد وجود الشرط ، وكلمة ثم على التراخي فلو قال إن ضربتني فلم أضربك أو لقيتك فلم أسلم عليك ، وإن كلمتني فلم أجبك فهو على الفور باعتبار العادة ، وكذا لو قال إن استعرت دابتك فلم تعرني أو دخلت الدار فلم أقعد ، وإن ذكر بحرف الواو بأن قال إن كلمتك [ ص: 343 ] ولم تكلمني فهذا يحتمل قبل وبعد فتعتبر نيته ، ولو قال إن ركبت دابتي فلم أعطك دابتي فهو على الفور ، ولو قال إن أتيتني فلم آتك أو إن زرتني فلم أزرك فهو على الأبد إلى آخر ما ذكره ثم قال لو لا يحنث ; لأن رجوع المرأة وجلوسها ما دامت في تهيؤ الخروج لا يكون تركا للفور ألا ترى أنه لو أخذها البول فبالت قبل لبس الثياب ثم لبست الثياب لم يحنث ألا ترى أن الرجل إذا قال لامرأته إن لم تقومي الساعة وتجيئي إلى دار والدي فأنت طالق ثلاثا فقامت الساعة ، ولبست الثياب وخرجت ثم رجعت وجلست حتى خرج الزوج فخرجت هي أيضا ، وأتت دار والده بعدما أتاها الزوج كان على الفور حتى لو ذهبت إلى الفراش لا يحنث فإن خافت فوت الصلاة فصلت قال قال لامرأته إن لم تجيئي إلى الفراش هذه الساعة فأنت طالق ، وهما في التشاجر فطال بينهما نصر بن يحيى حنث الرجل ; لأن الصلاة عمل آخر فينقطع به فور الأول ، وعلى قياس لا يحنث ، وعليه الفتوى ، ولو اشتغلت بالوضوء للصلاة المكتوبة أو اشتغلت بالصلاة المكتوبة لا يحنث ; لأنه عذر شرعا فصار مستثنى من يمينه شرعا ، وعرفا ، ولو اشتغلت بالتطوع أو بالوضوء أو أكلت أو شربت حنث ; لأن هذا ليس بعذر شرعا . ا هـ . الحسن بن زياد
وفي القنية قال لها في الخصومة الحلال علي حرام إن لم تخرجي ، وقال ما أردت به الخروج للحال ثم خرجت بعد ساعات يحنث إن كانت الخصومة في الخروج ، وإلا فلا ، وفي الجامع لو فهي على أربعة أقسام فإن كان فيه دلالة الفور بأن قصد ضربها فمنع انصرف إلى الفور ، وإن نوى الفور بدون الدلالة يصدق أيضا ; لأن فيه تغليظا ، وإن نوى الأبد أو لم تكن له نية انصرف إلى الأبد ، وإن نوى اليوم أو الغد لم تقبل نيته ، ولو قال لها إن أخذت من مالي شيئا ، ولم تخبريني فكذا فأخذت ، ولم تخبره في الحال ، ولا قبله ، وإنما أخبرته بعد أيام لا يحنث إن رأيت سارقا فلم أخبرك فهو على الفور ، وإن قال : ولم أخبرك ، وإن لم أخبرك فعلى التراخي ، ولا بد من الشرطين . ا هـ ما في القنية . قال لها إن لم أضربك فأنت طالق
[ ص: 340 - 342 ]