الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : يوم أكلم فلانا فعلى الجديدين فإذا قال يوم أكلم فلانا فامرأته طالق فهو على الليل والنهار فإن كلمه ليلا أو نهارا حنث ) ; لأن اسم اليوم إذا قرن بفعل لا يمتد يراد به مطلق الوقت قال تعالى { ، ومن يولهم يومئذ دبره } والكلام لا يمتد ، وقد تقدم تحقيقه في فصل إضافة الطلاق إلى الزمان قيد بقوله يوم أكلم ; لأنه لو قال والله لا أكلمك اليوم ، ولا غدا فاليمين على بقية اليوم ، وعلى غد ، ولا تدخل الليلة التي بينهما في اليمين ; لأنه أفرد كل واحد من الوقتين بحرف النفي فيصير كل واحد منهما منفيا على الإفراد أصله قوله تعالى { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } ، ولو قال والله لا أكلمك اليوم وغدا دخلت الليلة التي بين اليوم والغد في يمينه ; لأنه هاهنا جمع بين الوقت الثاني وبين الأول بحرف الجمع ، وهي الواو فصار وقتا واحدا فدخلت الليلة المتخللة ، ولو حلف لا يكلمه يومين تدخل فيه الليلة سواء كان قبل طلوع الفجر أو بعده ، وكذلك الجواب في الليل ، ولو قال والله لا أكلمه يوما ، ولا يومين فهو كقوله ثلاثة أيام في قول أبي يوسف ومحمد حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث يحنث وذكر محمد في الجامع أنه على يومين حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني يحنث ، وإن كلمه في اليوم الثالث لا يحنث كذا في البدائع ( قوله : فإن نوى النهار صدق ) ; لأنه نوى حقيقة كلامه ، وهو مستعمل فيه أيضا أطلق في تصديقه فشمل الديانة والقضاء ، وعن أبي يوسف أنه لا يصدق قضاء .

                                                                                        ( قوله : وليلة أكمله على الليل ) ; لأنه حقيقة في سواد الليل كالنهار للبياض خاصة ، ولا يجيء استعماله في مطلق الوقت بخلاف اليوم ، وما ورد في أشعار بعض العرب من إطلاقها على مطلق الوقت فإنما هو في صيغة الجمع ، وكلامنا في المفرد ، وقدمنا أنه لو حلف لا يكلمه ليلة فاليمين من تلك الساعة إلى أن يجيء مثلها من الليلة المستقبلة فيدخل النهار الذي بينهما في ذلك ، وإذا كان بالليل ، وقال لا أكلمه الليلة فإذا طلع الفجر سقطت .

                                                                                        [ ص: 364 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 364 ] ( قوله : ولو قال والله لا أكلمه يوما ، ولا يومين إلخ ) قال في تلخيص الجامع للخلاطي ، ولو حلف لا يكلمه يوما ، ولا يومين فكلمه في الثالث لم يحنث ; لأن الحلف معاد مع النفي ، وفاء بالاستبداد أصله لا آكل خبزا ، ولا تمرا فاليوم الأول معتد منهما ، وفي يوما ويومين يحنث ; لأن الثاني إذا لم يستقل بعاطف فلا تداخل




                                                                                        الخدمات العلمية