( عتق الأول ) ; لأن البشارة اسم لخبر سار صدق ليس للمبشر به علم عرفا ويتحقق ذلك من الأول دون الباقين ، وأصله ما روي { قوله : ( كل عبد بشرني بكذا فهو حر فبشره ثلاثة متفرقون ) ، وهو يقرأ القرآن فقال عليه السلام من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد فابتدر إليه بابن مسعود أبو بكر رضي الله عنهما فسبق ، وعمر أبو بكر فكان يقول بشرني عمر أبو بكر ، وأخبرني عمر } ، ولو كتب إليه أحدهما كتابا بالبشارة يعتق إلا إذا نوى المشافهة ; لأن البشارة قد تكون بالكتابة ; لأن الكتابة من الغائب بمنزلة الخطاب من الحاضر ، وكذا لو أرسل إليه رسولا فإنه يعتق في البشارة والخبر بخلاف الحديث لا يحنث إلا بالمشافهة ولو حلف لا يدعو فلانا فكتب إليه يدعوه [ ص: 373 ] حنث كما في الذخيرة ، وقيدناها بالصدق ; لأنه لو بشره كذبا لا يقع ; لأنه ، وإن ظهر في بشرة الوجه الفرح والسرور باعتبار الظاهر لكنه قد زال لما تبين له خلافه بخلاف من أخبرني أن فلانا قدم فكذا فأخبره واحد كذبا فإنه يعتق ; لأنه ينطلق على الكذب والصدق بخلاف ما إذا قال من أخبرني بقدومه فلا بد من الصدق كما قدمناه ففي البشارة لا فرق بين أن يأتي بالباء أو لا بخلاف الخبر ، وقد علم الفرق في بحث الباء من الأصول والكتابة كالخبر فلو قال إن كتبت أن فلانا قدم فكذا فكتب كذبا عتق ; لأنها جمع الحروف وقد وجد بخلاف إن كتبت بقدومه فلا بد من قدومه حقيقة فلو كتب بقدومه غير عالم به ، وقد قدم حقيقة عتق بلغ الخبر إلى الحالف أو لا لوجود الشرط كما في المحيط ، وأما الإعلام فلا بد فيه من الصدق ; لأن الإعلام إثبات العلم والكذب لا يفيده كذا في البدائع ، ولا فرق فيه بين أن يأتي بالباء أو لا كما في الذخيرة وخرج الخبر الضار فليس ببشارة عرفا ، وإن سماه الله بشارة في قوله تعالى { أنه صلى الله عليه وسلم مر فبشرهم بعذاب أليم } ; لأنه بشارة لغة ، والكلام في العرف .
وفي المحيط لو قال يعتق المرسل دون الرسول ، وهو بمنزلة الكتابة ، ولو قال أول من بشرني بقدوم فلان من عبيدي فهو حر فأرسل بعض عبيده عبدا آخر فقال قل للمولى إن فلانا يقول لك قد قدم فلان فأبلغه ذلك العبد بكذا عتق الرسول دون المرسل ( قوله : وإن بشروه معا عتقوا ) لتحققها من الجميع قال تعالى { قال الرسول إن فلانا قد قدم ، ولم يقل أرسلني إليك فلان عبدك وبشروه بغلام عليم } .
[ ص: 373 ]