[ ص: 12 ] باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه .
قد قدم حقيقة الزنا وهو الذي لا يوجب الحد وهذا الباب لتفاصيله ثم بدأ ببيان وهي ما يشبه الثابت وليس بثابت وبين أنها ثلاثة أنواع شبهة في المحل وشبهة في الفعل وشبهة في العقد قال الشبهة الإمام الإسبيجابي الأصل أنه متى ادعى شبهة وأقام البينة عليها سقط الحد فبمجرد الدعوى يسقط أيضا إلا الإكراه خاصة لا يسقط الحد حتى يقيم البينة على الإكراه ا هـ .
( قوله ، وإن ظن حرمته لا حد بشبهة المحل ) ; لأن الشبهة إذا كانت في الموطوءة يثبت الملك فيها من وجه فلم يبق معه اسم الزنا فامتنع الحد على التقادير كلها وهي تتحقق بقيام الدليل النافي للحرمة في ذاته ولا يتوقف على ظن الجاني واعتقاده وبيانه أن قوله عليه السلام { كوطء أمة ولده وولد ولده ومعتدة الكنايات } أورث شبهة في جارية الولد للأب ; لأن اللام فيه للملك ، والمعتدة بالكنايات في بينونتها اختلاف الصحابة رضي الله عنهم فمذهب أنت ومالك لأبيك رضي الله عنه أنها رجعية فورث شبهة . عمر
وإن كان المختار قول رضي الله عنه قال الشارحون ومن هذا النوع مسائل منها الجارية المبيعة في حق البائع قبل التسليم ; لأنها في ضمانه ويده وتعود إلى ملكه بالهلاك قبل التسليم وكذا في الفاسدة قبل القبض وبعده أما قبله فلبقاء الملك ، وأما بعده فلأن له الفسخ فله حق الملك فيها وكذا إذا كان بشرط الخيار سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري ، فإن كان للبائع فلبقاء ملكه ، وإن كان للمشتري فلأن المبيع لم يخرج عن ملك بائعه بالكلية ومنها جارية مكاتبه أو عبده المأذون له وعليه دين يحيط بماله ورقبته ; لأن له حقا في كسب عبده فكان شبهة في حقه ، ومنها الجارية الممهورة قبل التسليم في حق الزوج لما ذكرنا من المعنى في المبيعة ومنها الجارية المشتركة بينه وبين غيره ; لأن ملكه في البعض ثابت حقيقة فالشبهة فيها أظهر ويدخل فيه وطء الرجل من الغانمين قبل القسمة جارية من الغنيمة سواء كان بعد الإحراز بدار الإسلام أو قبله لثبوت الحق له بالاستيلاء كذا في البدائع ومنها المرهونة في حق المرتهن في رواية كتاب الرهن ; لأن استيفاء الدين يقع بها عند الهلاك وقد انعقد له سبب الملك في الحال فصارت كالمشتراة بشرط الخيار للبائع ففي هذه المواضع لا يجب الحد ، وإن قال علمت أنها علي حرام لما ذكرنا قال في فتح القدير وينبغي [ ص: 13 ] أن يزاد جاريته التي هي أخته في الرضاع وجاريته قبل الاستبراء ، والاستقراء يفيدك غير ذلك أيضا علي فلا حد عليه ولا على قاذفه ; لأن بعض الأئمة لم يجزم به فاستحسن أن يدرأ بذلك الحد فالاقتصار على الستة لا فائدة فيه ا هـ . كالزوجة التي حرمت بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه لأمها ثم جامعها وهو يعلم أنها عليه حرام
وفي الظهيرية فلا حد عليه وعلى قياس قول رجل غصب جارية وزنى بها ثم ضمن قيمتها أبي حنيفة لا يسقط الحد وعلى قياس ما روي عن ومحمد ينبغي أن يسقط كما يذكر في المسألة التي تليه ا هـ . أبي يوسف
ذكر في ظاهر الرواية أنه يحد وروي عن رجل زنى بأمة ثم اشتراها أنه يسقط الحد وذكر أصحاب الإملاء عن أبي يوسف أن أبي يوسف لا حد عليه عند من زنى بامرأة ثم تزوجها أو بأمة ثم اشتراها وعليه الحد في قول أبي يوسف وذكر أبي يوسف في نوادره على عكس هذا وقال وعلى قول ابن سماعة أبي حنيفة عليه الحد في الوجهين وعن ومحمد لا حد عليه في الوجهين وروى أبي يوسف الحسن عن أنه إذا زنى بأمة ثم اشتراها فلا حد عليه ، وإن أبي حنيفة فعليه الحد ، والفرق بين النكاح ، والشراء أنه بالشراء يملك عينها وملك العين في محل الحل سبب لملك الحل فيجعل الطارئ قبل الاستيفاء كالمقترن بالسبب كما في باب السرقة ، فإن زنى بامرأة ثم تزوجها يمتنع القطع ، فأما بالنكاح فلا يملك عين المرأة ، وإنما ثبت له ملك الاستيفاء ولهذا لو السارق إذا ملك المسروق قبل القطع كان العقر لها فلا يورث ذلك شبهة فيما تقدم استيفاؤه منها فلا يسقط الحد عنه ، وإذا وطئت المنكوحة بشبهة لا حد عليه . زنى بأمة ثم قال اشتريتها وصاحبها فيها بالخيار وقال مولاها كذب لم أبعها
وإذا ، فإن قال علمت أنها علي حرام ، فإنه لا يحد ، وأما إذا جنت الأمة فزنى بها ولي الجناية ، فإن قتلت رجلا عمدا فوطئها ولي القتيل ولم يدع شبهة أجمعوا على أنه إذا اختار الفداء بعد ذلك ، فإنه يحد ، وأما إذا اختار دفع الجارية فالقياس أن يحد وفي الاستحسان لا يحد وبالقياس أخذ قتلت رجلا خطأ فوطئها ولي القتيل قبل أن يختار المولى شيئا أبو حنيفة وبالاستحسان أخذ ومحمد ا هـ . أبو يوسف
وأطلق في الكنايات فشمل المختلعة وفي المجتبى المختلعة ينبغي أن تكون كالمطلقة ثلاثا لحرمتها إجماعا وفي جامع النسفي لا حد عليه ، وإن علم حرمتها لاختلاف الصحابة رضي الله عنهم في كونه بائنا ا هـ .
[ ص: 12 ]