قوله ( وبمحرم نكحها ) أي لا يجب عند الحد بوطء امرأة محرم له عقد عليها أبي حنيفة وقالا عليه الحد إذا كان عالما بذلك ; لأنه عقد لم يصادف محله فيلغو كما إذا أضيف إلى الذكور وهذا ; لأن محل التصرف ما يكون محلا لحكمه وحكمه في الحل وهي من المحرمات أن العقد صادف محله ; لأن محل التصرف ما يقبل مقصوده ، والأنثى من بنات ولأبي حنيفة آدم قابلة للتوالد وهو المقصود وكان ينبغي أن ينعقد في حق جميع الأحكام إلا أنه تقاعد عن إفادة حقيقة الحل فيورث الشبهة ; لأن الشبهة ما يشبه الثابت لا نفس الثابت وحاصل الخلاف أن هذا العقد هل يوجب شبهة أم لا ومداره أنه هل ورد على ما هو محله أو لا فعند ورد على ما هو محله ; لأن المحلية ليست بقبول الحل بل بقبول المقاصد من العقد وهو ثابت ولذا صح من غيره عليها الإمام وعندهما لا ; لأن محل العقد ما يقبل حكمه وحكمه الحل وهذه من المحرمات في سائر الأحوال فكان الثابت صورة العقد لانعقاده وبتأمل يسير يظهر أنهم لم يتواردوا على محل واحد في المحلية فحيث نفوا محليتها أرادوا بالنسبة إلى خصوص هذا العاقد أي ليست محلا لعقد هذا العاقد ولهذا عللوه بعدم حلها ولا شك في حلها لغيره بعقد النكاح لا محليتها للعقد من حيث هو ، حيث أثبت محليتها أراد محليتها لنفس العقد لا بالنظر إلى خصوص عاقد . والإمام
ولذا علل بقبولها مقاصده ولا ينافيه قول الأصوليين : إن النهي عن نكاح المحارم مجاز عن النفي لعدم محله ولا قول الفقهاء : إن محل النكاح الأنثى من بنات آدم التي ليست من المحرمات ; لأنهم أرادوا نفي المحلية لعقد النكاح الخاص وأنت علمت أن إنما أثبت محليتها للنكاح في الجملة لا بالنظر إلى خصوص ناكح لكن قد أخذ أبا حنيفة بقولهما قال في الواقعات ونحن نأخذ به أيضا وفي الخلاصة الفتوى على قولهما ووجه ترجيحه أن تحقق الشبهة يقتضي تحقق [ ص: 17 ] الحل من وجه ; لأن الشبهة لا محالة شبهة الحل لكن حلها ليس ثابتا من وجه وإلا وجبت العدة وثبت النسب أطلق الفقيه أبو الليث المصنف فشمل ما إذا كان عالما بالحرمة أو لا ثم اعلم أن مسائلهم هنا تدل على أن لا يكفر ، وإنما يكفر إذا اعتقد الحرام حلالا لا إذا ظنه حلالا ألا ترى أنهم قالوا في من استحل ما حرمه الله على وجه الظن ، فإنه لا يحد بالإجماع ويعزر كما في الظهيرية وغيرها ولم يقل أحد إنه يكفر وكذا في نظائره وهو نظير ما ذكره نكاح المحرم لو ظن الحل في شرح القرطبي إن مسلم جائز كظن المنجم ، والرمال بوقوع شيء في المستقبل بتجربة أمر عادي فهو ظن صادق ، والممنوع هو ادعاء علم الغيب . ظن الغيب
والظاهر أن حرام وليس بكفر بخلاف ادعاء ظن الغيب ، فإنه كفر وسنوضحه إن شاء الله تعالى في باب الردة . ادعاء علم الغيب
وأشار المصنف إلى أن فلا حد عليه لشبهة العقد عند المستأجر للزنا لو وطئها ; لأن المستوفى بالزنا المنفعة وهي المعقود عليه في الإجارة الإمام وقالا يحد كما سيأتي وأطلق في المحرم فشمل المحرم نسبا ورضاعا وصهرية وأشار إلى أنه لو أو عقد على منكوحة الغير أو معتدته أو مطلقته الثلاث أو أمة على حرة أو تزوج مجوسية أو أمة بلا إذن سيدها أو تزوج العبد بلا إذن سيده لو كان متعاقبا بعد التزوج ، فإنه لا حد بالوطء بالأولى وهو بالاتفاق على الأظهر أما تزوج خمسا في عقدة فوطئهن أو جمع بين أختين في عقدة فوطئهما أو الأخيرة فظاهر ، وأما عنده عندهما فلأن الشبهة إنما تنتفي عندهما إذا كان مجمعا على تحريمه وهي محرمة على التأبيد وقيد بنفي الحد ; لأن التعزير واجب إن كان عالما قالوا يوجع بالضرب الشديد أشد ما يكون من التعزير سياسة .
[ ص: 17 ]