الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وإن ناوله آخر من خارج أو أدخل يده في بيت فأخذ أو طر صرة خارجة من كم أو سرق من قطار بعيرا أو حملا لا ) أي لا يقطع في هذه المسائل الأربع أما الأولى وهي ما إذا نقب اللص البيت فدخل وأخذ المال وناوله آخر من خارج الدار فلا قطع عليهما ; لأن الأول لم يوجد منه الإخراج لاعتراض يد معتبرة على المال قبل خروجه ، والثاني لم يوجد منه هتك الحرز فلم تتم السرقة من كل واحد أطلقه فشمل ما إذا أخرج الداخل يده وناولها الخارج أو أدخل يده الخارج فتناولها من يد الداخل وهو ظاهر المذهب ولم يذكر محمد ما إذا وضع الداخل المال عند النقب ثم خرج وأخذه قيل يقطع ، والصحيح أنه لا يقطع كذا في فتح القدير

                                                                                        وأما الثانية وهي ما إذا أدخل يده في بيت وأخذ فلما روي عن علي رضي الله عنه أن اللص إذا كان ظريفا لا يقطع قيل وكيف ذلك قال أن ينقب البيت ويدخل يده من غير أن يدخله ولأنه لم يهتك الحرز قيد بالبيت ; لأنه لو أدخل يده في الصندوق ، والجيب ، والكم ونحوه ، فإنه يقطع ; لأن الممكن فيها إدخال اليد لا الدخول بخلاف ما إذا شق الجولق فتبدد ما فيه من الدراهم فأخذه لا يقطع لعدم الهتك ، وأما الثالثة وهي ما إذا طر صرة خارجة من كم فلأن الرباط من خارج فبالطر لا تبقى الصرة داخل الكم فيتحقق الأخذ من الخارج فلم يوجد هتك الحرز قيد بكونها خارجة ; لأنه إن طر صرة داخلة وأخذها قطع ; لأن الرباط من داخل فبالطر تبقى الصرة داخل الكم فتحقق الأخذ [ ص: 66 ] من الداخل فيوجد الهتك ، والطر الشق وذكر الشمني أن المراد بالصرة بعض الكم المشدود فيه الدراهم وقيد بالطر ; لأنه لو كان مكانه حل الرباط انعكس الحكم لانعكاس العلة فيقطع إن كان الرباط خارج الكم ; لأنه يأخذ الدراهم من داخله ولا يقطع إن كان الرباط من داخل الكم ; لأنه يأخذها من خارجه وفي فتح القدير وبما ذكر من التفصيل في الطر ظهر أن ما يطلق في الأصول من أن الطرار يقطع إنما يتأتى على قول أبي يوسف ، فإنه قال يقطع الطرار على كل حال . ا هـ .

                                                                                        وأما الرابعة وهي ما إذا سرق من قطار بعيرا أو حملا عليه ، فإنه ليس بمحرز مقصودا فيتمكن فيه شبهة العدم أطلقه فشمل ما إذا كان معها سائق أو قائد أو لم يكن ; لأن السائق أو الراكب يقصد قطع المسافة ونقل الأمتعة دون الحفظ حتى لو كان معها من يحفظها يقطع ، والقطار الإبل على نسق واحد ، والجمع قطر وقيد بسرقة الحمل ; لأنه لو شق الجولق على الجمل وهو يسير وأخذ ما فيه ، فإنه يقطع ; لأن صاحب المال اعتمد الجوالق فكان هاتكا للحرز بخلاف ما إذا أخذ الجولق بما فيه وكذا لو سرق من الفسطاط ، فإنه يقطع ولو سرق نفس الفسطاط ، فإنه لا يقطع لعدم إحرازه إلا إذا كان الفسطاط غير منصوب ، وإنما هو ملفوف عند من يحفظه أو في فسطاط آخر ، فإنه يقطع كذا في فتح القدير ( قوله : وإن شق الحمل فسرق منه أو سرق جوالقا فيه متاع وربه يحفظه أو نائم عليه أو أدخل يده في صندوق أو جيب غيره أو كمه فأخذ المال قطع ) لوجود السرقة من الحرز وقدمنا كل ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : فتبدد ما فيه من الدراهم فأخذه ) أي أخذه من الأرض مثلا ولم يدخل يده فيه أما إن أدخل يده فأخذ يقطع لوجود الهتك كما صرح به الزيلعي وعليه يحمل ما يأتي من قوله لو شق الجولق على الجمل وهو يسير وأخذ ما فيه ، فإنه يقطع

                                                                                        .



                                                                                        الخدمات العلمية