( قوله : وإن أو جرح فقط أو قتل فتاب أو كان بعض القطاع غير مكلف أو ذا رحم محرم من المقطوع عليه لم يحد فأقاد الولي أو عفا ) بيان المسائل التي لا حد فيها وهي ست مسائل : الأولى : لو جرح ولم يقتل ولم يأخذ مالا فلأنه لا حد في هذه الجناية فيظهر حق العبد فيقتص منه مما فيه القصاص وأخذ الأرش منه مما فيه الأرش وذلك إلى الأولياء كذا في الهداية وفيه نظر ; لأن ذلك للمجروح لا لوليه ، فإن أفضى الجرح إلى القتل ينبغي أن يجب الحد ولما كان أخذ المال الموجب للحد هنا هو النصاب كأن أخذ ما دونه بمنزلة العدم ، فإذا قطع بعض القافلة على البعض أو قطع الطريق ليلا أو نهارا بمصر أو بين مصرين فهو داخل تحت قوله : وإن جرح فقط وكذا إذا أخذ مالا يقطع فيه كالأشياء التي يتسارع إليها الفساد قال الشارح : ولو كان مع هذا الأخذ قتل لا يجب الحد أيضا وهي طعن أخذ ما دون النصاب وجرح ، فإنه قال : القتل وحده يوجب الحد فكيف يمتنع مع الزيادة فجوابه أن قصدهم المال غالبا فينظر إليه لا غير بخلاف ما إذا اقتصروا على القتل ; لأنه تبين أن مقصدهم القتل دون المال فيحدون فعدت هذه من الغرائب وأمر بحفظها في الفوائد الظهيرية وعدها من أعجب المسائل من حيث إن ازدياد الجناية أورث الخفة الثانية لو عيسى لا حد ; لأن هذه الجناية لا تقام بعد التوبة للاستثناء المذكور في النص أو لأن التوبة تتوقف على رد المال ولا قطع في مثله فظهر حق العبد في النفس ، والمال حتى يستوفي الولي القصاص أو يعفو ويجب الضمان إذا هلك في يده أو استهلكه كذا في الهداية . قتل فتاب قبل الأخذ
وإنما قيد بالمختص بالقتل ليعلم حكم أخذ المال بالأولى وفي المبسوط ، والمحيط رد المال من تمام توبتهم لتنقطع خصومة صاحبه ولو تاب ولم يرد المال لم يذكره في الكتاب واختلفوا فيه فقيل لا يسقط الحد كسائر الحدود ولا تسقط بالتوبة وقيل يسقط أشار إليه في الأصل . الثالثة ، والرابعة : لو محمد ، فإن القطع يسقط عن الكل ; لأنه جناية واحدة قامت بالكل ، فإذا لم يقع فعل بعضهم موجبا كان فعل الباقين بعض العلة وبه [ ص: 75 ] لا يثبت الحكم فصار كالخاطئ مع العامد أطلق في ذي الرحم المحرم فشمل ما إذا لم يكن مشتركا بين المقطوع عليهم وهو الأصح . كان بعض القطاع غير مكلف كالصبي ، والمجنون أو ذا رحم محرم من المقطوع عليه
لأن الجناية واحدة فالامتناع في حق البعض يوجب الامتناع في حق الباقين بخلاف ما إذا كان فيهم مستأمن ; لأن الامتناع في حقه لخلل في العصمة وهو يخصه أما هنا الامتناع لخلل في الحرز ، والقافلة حرز واحد ، وإذا سقط الحد صار القتل إلى الأولياء لظهور حق العبد على ما ذكرنا ، وإن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا عفوا وأشار بذي الرحم المحرم إلى أنه لو كان في المقطوع عليهم شريك مفاوض لبعض القطاع لا يحدون كذي الرحم المحرم وفي المبسوط دفعه مولاه أو فداه كما فعله في غير قطع الطريق وهذا ; لأنه لا قصاص بين العبيد ، والأحرار فيما دون النفس فيبقى حكم الدفع ، والفداء ، فإن كانت فيهم امرأة فعلت ذلك فعليها دية اليد في مالها ; لأنه لا قصاص بين الرجال ، والنساء في الأطراف ، والواقع منها عمدا لا تعقله العاقلة الخامسة لو قطع بعض القافلة على البعض لم يجب الحد ; لأن الحرز واحد فصارت القافلة كدار واحدة ، وإذا لم يجب الحد وجب القصاص في النفس إن قتل عمدا بحديدة أو بمثقل عندهما ورد المال إن أخذه وهو قائم في يده وضمانه إن هلك أو استهلك . السادسة : لو قطع الطريق بمصر ليلا أو نهارا أو بين مصرين فليس بقاطع الطريق استحسانا وفي القياس أن يكون قاطع الطريق وهو قول تابوا وفيهم عبد قطع يد حر لوجوده حقيقة وقدمنا المفتى به . ا هـ . الشافعي
( قوله : ومن قتل به ) أي مرارا كذا في شرح خنق في المصر غير مرة مسكين ; لأنه صار ساعيا في الأرض بالفساد فيدفع شره بالقتل ، والخنق عصر الحلق قيد بتعدده ; لأنه لو خنق مرة واحدة فلا قتل عند ، وإنما تجب الدية على العاقلة وهي نظير مسألة القتل بالمثقل وصرح الشارح بأن القتل عند التكرار إنما هو بطريق السياسة ومنها ما حكي عن الإمام الفقيه أبي بكر الأعمش أن فللإمام أن يعمل فيه بأكبر رأيه ، فإن غلب على ظنه أنه سارق وأن المال المسروق عنده عاقبه ، ويجوز ذلك كما لو رآه الإمام جالسا مع الفساق في مجلس الشراب وكما لو رآه يمشي مع السراق وبغلبة الظن أجازوا قتل النفس كما إذا المدعى عليه السرقة إذا أنكر وحكي عن دخل عليه رجل شاهر سيفه وغلب على ظنه أنه يقتله عصام بن يوسف أنه دخل على أمير بلخ فأتي بسارق فأنكر السرقة فقال الأمير لعصام ماذا يجب عليه فقال على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين فقال الأمير هاتوا بالسوط فما ضرب عشرة حتى أقر وأحضر السرقة فقال عصام ما رأيت جورا أشبه بالعدل من هذا . ا هـ .
وفي التجنيس رجل ادعى على آخر بسرقة كان على المدعي البينة وعلى السارق اليمين ، والضرب خلاف الشرع فلا يفتى به ; لأن فتوى المفتي يجب أن يطابق الشرع لص هو معروف بالسرقة وجده رجل يذهب في حاجته غير مشغول بالسرقة ليس له أن يقتله وله أن يأخذه وللإمام أن يحبسه حتى يتوب ; لأن الحبس للزجر لتوبته مشروع حل له أن يقاتلهم لقوله عليه السلام { رجل استقبله اللصوص ومعه مال لا يساوي عشرة } واسم المال يقع على القليل ، والكثير قاتل دون مالك فله أن يقتله ما دام المتاع معه لقوله عليه السلام { اللص إذا دخل دار رجل وأخذ المتاع } ، فإن رمى به ليس له أن يقتله ; لأنه لا يتناوله الحديث ا هـ . قاتل دون مالك
وفي الذخيرة كان للورثة أن يأخذوا صاحب السرقة بدية أبيهم وبالغرامة التي أداها إلى السلطان ; لأن الكل حصل بتسبيبه وهو متعد [ ص: 76 ] في هذا التسبيب هكذا ذكر في مجموع النوازل قيل هذا الجواب مستقيم في حق الغرامة أصله مسألة السعاية غير مستقيم في حق الدية ; لأنه صعد السطح باختياره وقيل هو مستقيم في حق الدية أيضا ; لأنه مكره على الصعود للفرار من حيث المعنى ; لأنه إنما قصد الفرار خوفا على نفسه من التعذيب . ا هـ . رجل ادعى على رجل سرقة وقدمه إلى السلطان وطلب من السلطان أن يضربه فضربه السلطان مرة أو مرتين ثم أعيد إلى السجن من غير أن يعذبه فخاف المحبوس من التعذيب ، والضرب فصعد السطح ليفر فسقط من السطح ومات ، وقد لحقه غرامة في هذه الحادثة ، وقد ظهرت السرقة على يدي رجل آخر
ولم أر في كلام مشايخنا تعريف السياسة قال المقريزي في الخطط يقال ساس الأمر سياسة بمعنى قام به وهو سائس من قولهم ساسه وسوسه القوم جعلوه يسوسهم ، والسوس الطبع ، والخلق يقال الفصاحة من سوسه ، والكرم من سوسه أي من طبعه فهذا أصل وضع السياسة في اللغة ثم رسمت بأنها القانون الموضوع لرعاية الآداب ، والمصالح وانتظام الأموال سياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر فهي من الشريعة علمها من علمها وجهلها من جهلها ، وقد صنف الناس في السياسة الشرعية كتبا متعددة ، والنوع الآخر سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها إلى آخر ما ذكره من النصف الثاني عند ذكر جيوش الدولة التركية والله تعالى أعلم . ، والسياسة نوعان