( قوله ولا خراج ) لأنه فات التمكن من الزراعة وهو النماء التقديري المعتبر في الخراج وفيما إذا اصطلم الزرع آفة فات النماء التقديري بري في بعض الحول وكونه ناميا في جميع الحول شرط كما في الزكاة أو يدار الحكم على الحقيقة عند خروج الخارج أطلقه فشمل ذهاب كل الخارج أو بعضه وهو مقيد بالأول أما في الثاني قال إن غلب على أرضه الماء أو انقطع أو أصاب الزرع آفة إن بقي مقدار الخراج ومثله بأن بقي مقدار درهمين وقفيزين يجب الخراج وإن بقي أقل من مقدار الخراج يجب نصفه قال مشايخنا والصواب في هذا أن ينظر أولا إلى ما أنفق هذا الرجل في هذه الأرض ثم ينظر إلى الخارج فيحسب ما أنفق أولا من الخارج فإن فضل منه شيء أخذ منه مقدار ما بينا وما ذكر في الكتاب أن الخراج يسقط بالاصطلام محمول على ما إذا لم يبق من السنة مقدار ما يمكنه أن يزرع الأرض أما إذا بقي ذلك لا يسقط الخراج كذا في الفوائد وأطلق الآفة وهو مقيد بالآفة السماوية التي لا يمكن الاحتراز عنها كالغرق والاحتراق وشدة البرد أما إذا كانت غير سماوية ويمكن الاحتراز عنها كأكل القردة والسباع والأنعام ونحو ذلك لا يسقط الخراج وقال بعضهم يسقط والأول أصح وذكر محمد شيخ الإسلام أن هلاك الخارج قبل الحصاد يسقط كذا في السراج الوهاج ومنه يعلم أن الدودة والفأرة إذا أكلا الزرع لا يقسط الخراج وقيد بالزرع وهو اسم للقائم لأنه لو هلك بعد الحصاد لا يسقط كما أشار إليه شيخ الإسلام .
وقيد بالخراج لأن الأجرة تسقط بالأوليين وأما بالثالث فذكر الولوالجي في فتاواه إذا استأجر أرضا للزراعة سنة ثم اصطلم الزرع آفة قبل مضي السنة فما وجب من الأجر قبيل الاصطلام لا يسقط وما وجب بعد الاصطلام يسقط لأن الأجر إنما يجب بإزاء المنفعة شيئا فشيئا فما استوفى من المنفعة وجب عليه الأجر وما لم يستوف انفسخ العقد في حقه وفي بعض الروايات لا يسقط شيء والاعتماد على ما ذكرنا فرق بين هذا وبين الخراج فإنه يسقط ا هـ .
قال شمس الأئمة ومما حمد من سير الأكاسرة أنهم إذا أصاب بعض زرع الرعية آفة غرموا له ما أنفق في الزراعة من بيت مالهم وقال : التاجر شريك في الخسران كما هو شريك في الربح فإذا لم يعطه الإمام شيئا فلا أقل من أن لا يغرمه الخراج ا هـ .
( قوله يجب ) أي الخراج أما الأول فلأن التمكن كان ثابتا وهو الذي فوته قالوا من انتقل إلى أحسن الأمرين من غير عذر فعليه خراج الأعلى لأنه هو الذي ضيع الزيادة كما إذا كانت صالحة للزعفران فزرع الشعير وهذا يعرف ولا يفنى به كي لا يتجرأ الظلمة على أخذ أموال الناس لأنا لو أفتينا بذلك يدعي كل ظالم في أرض ليس هذا شأنها أنها كانت تزرع الزعفران فيأخذ خراجه فيكون ظلما وعدوانا . وإن عطلها صاحبها أو أسلم أو اشترى مسلم أرض خراج
قيد بكونه المعطل لأنه لو منعه [ ص: 118 ] إنسان من الزراعة لا يجب عليه الخراج لعدم التمكن وقيد بالخراج الموظف لأن كلامه فيه لأنه لو كان خراج مقاسمة فلا شيء عليه بالتعطيل كذا في السراج الوهاج وأشار بنسبة التعطيل إليه إلى أنه كان متمكنا من الزراعة ولم يزرع فلو عجز المالك عن الزراعة لعدم قوته وأسبابه فللإمام أن يدفعها إلى غيره مزارعة ويأخذ الخراج من نصيب المالك ويمسك الباقي للمالك وإن شاء أجرها وأخذ الخراج من الأجرة وإن شاء زرعها بنفقة من بيت المال فإن لم يتمكن من ذلك ولم يجد من يقبل ذلك باعها وأخذ من ثمنها الخراج وهذا بلا خلاف وعن يدفع للعاجز كفايته من بيت المال فيعمل فيها قرضا وفي جمع الشهيد باع أرضا خراجية فإن بقي من السنة مقدار ما يتمكن المشتري من الزراعة فالخراج عليه وإلا فعلى البائع كذا في البناية وقد قدمناه أن أرض أبي يوسف مصر الآن ليست خراجية إنما هي بالأجرة فلا شيء على الفلاح لو عطلها ولم يكن مستأجرا لها ولا جبر عليه بسببها وبه علم أن بعض المزارعين إذا ترك الزراعة وسكن في مصر فلا شيء عليه فما يفعله الظلمة من الأضرار به فحرام خصوصا إذا أراد الاشتغال بالقرآن والعلم كمجاوري الجامع الأزهر وأما الثاني وهو أن من أسلم من أهل الخراج فإنه يؤخذ منه الخراج على حاله لأن فيه معنى المؤنة فيعتبر مؤنة في حالة البقاء فأمكن إبقاؤه على المسلم وأما الثالث وهو إذا اشترى مسلم من ذمي أرض خراج فلما قلنا وقد صح أن الصحابة رضي الله عنهم اشتروا أراضي الخراج وكانوا يؤدون خراجها فدل على جواز الشراء وأخذ الخراج وأدائه للمسلم من غير كراهية .
( قوله ولا عشر في خارج أرض الخراج ) لقوله عليه السلام { } كما رواه لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم في مسنده ولأن أحدا من أئمة العدل والجور لم يجمع بينهما وكفى بإجماعهم حجة ولأن الخراج يجب في أرض فتحت عنوة وقهرا والعشر يجب في أرض أسلم أهلها طوعا والوصفان لا يجتمعان في أرض واحدة وسبب الحقين واحد وهو الأرض النامية إلا أنه يعتبر في العشر تحقيقا وفي الخراج تقديرا ولهذا يضافان إلى الأرض وعلى هذا الخلاف الزكاة مع أحدهما والحد والعقر والجلد والنفي والرجم وزكاة التجارة وصدقة الفطر والقطع والضمان كذا في السراج الوهاج وكذا التيمم مع الوضوء وكذا الحبل مع الحيض والحيض مع النفاس . أبو حنيفة