( قوله ) لأن الغاية التي ينتهي بها القتال التزام الجزية لا أداؤها والالتزام باق فيأخذها الإمام منه جبرا والإباء الامتناع وأما الزنا فيقيم الحد عليه وفي القتل يستوفى القصاص منه وأما السب فكفر والمقارن له لا يمنعه فالطارئ لا يرفعه وأشار إلى أنه لا ينتقض إذا نكح مسلمة ولو وقع ذلك فالنكاح باطل ويعزران وكذا الساعي بينهما ولو أسلم بعد ذلك لا يجوز النكاح لوقوعه باطلا كذا في المعراج من باب نكاح الكافر وذكر ولا ينتقض عهده بالإباء عن الجزية والزنا بمسلمة وقتل مسلم وسب النبي صلى الله عليه وسلم العيني وفي رواية مذكورة وفي واقعات حسام أن أهل الذمة امتنعوا عن أداء الجزية ينتقض العهد ويقاتلون وهو قول الثلاثة ا هـ .
ولا يخفى ضعفها رواية ودراية كما أن قول العيني واختياري [ ص: 125 ] أن يقتل بسب النبي صلى الله عليه وسلم لا أصل له في الرواية وكذا وقع لابن الهمام بحث هنا خالف فيه أهل المذهب وقد أفاد العلامة قاسم في فتاويه أنه لا يعمل بأبحاث شيخه ابن الهمام المخالفة للمذهب نعم نفس المؤمن تميل إلى قول المخالف في مسألة السب لكن اتباعنا للمذهب واجب وفي الحاوي القدسي ويؤدب الذمي ويعاقب على سبه دين الإسلام أو النبي أو القرآن ا هـ .
( قوله بل باللحاق ثمة أو بالغلبة على موضع للحراب ) أي بل ينتقض عهده باللحاق بدار الحرب ونحوه لأنهم صاروا حربا علينا فيعرى عقد الذمة عن الفائدة وهو دفع شر الحراب وظاهر كلامهم أنه لا ينتقض إلا بأحد الأمرين وقد ذكر في فتح القدير من باب نكاح المشرك أن الذمي لو جعل نفسه طليعة للمشركين فإنه يقتل لأنه محارب معنى فحينئذ هي ثلاث لكن في المحيط هنا الذمي إذا وقف منه على أنه يخبر المشركين بعيوب المسلمين أو يقاتل رجلا من المسلمين فيقتله لا يكون نقضا للعهد لما روي { كتب إلى حاطب بن أبي بلتعة مكة أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد حربكم فخذوا حذركم وجعل الكتاب في قرن امرأة لتذهب به إلى مكة فنزل قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة } فبعث رضي الله عنه فأخذه وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليا ما حملك على هذا فقال إن لي عيالات وقرابات لحاطب بمكة فأردت أن يكون لي عندهم عهد وإني أعلم أن الله تعالى ناصرك وممكنك ولا يضرك ما صنعت فقال رضي الله عنه ائذن لي حتى أضرب عنق هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلا يا عمر لعل الله اطلع على أهل عمر بدر فقال اعملوا ما شئتم فإني غفرت لكم } لأنه لو فعله المسلم لا يكون نقضا للإسلام فكذلك إذا فعله الذمي غير أنه يعاقب ويحبس لأنه ارتكب محظورا ا هـ . أن
إلا أن يفرق بين الطليعة وبين ما في المحيط لما في المغرب الطليعة واحدة الطلائع في الحرب وهم الذين يبعثون ليطلعوا على أخبار العدو ويتعرفونها قال صاحب العين وقد يسمى الرجل الواحد في ذلك طليعة والجميع أيضا إذا كانوا معا وفي كلام الطليعة الثلاثة والأربعة وهي فوق السرية ا هـ . محمد
فيحمل ما في المحيط على أنه لم يبعثه أهل الحرب ليطلع على أخبار المسلمين وما في الفتح ظاهر فيما إذا بعثوه لذلك واستدلاله في المحيط بواقعة بعيد لأن كلامه في الذمي حاطب كان مؤمنا ولذا قال تعالى { وحاطب يا أيها الذين آمنوا } إلخ وقال تعالى { ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل } ولذا قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت وأفاد المصنف رحمه الله أن العهد لا ينقض بالقول ولذا قال في المحيط عقد الذمة ينتقض بالفعل وهو الالتحاق ولا ينتقض بالقول وأمان الحربي ينتقض بالقول ا هـ .
[ ص: 126 ]