( قوله : ولا حد لأقله ) أي النفاس ; لأن تقدم الولد علم الخروج من الرحم فأغنى عن امتداده بما جعل علما عليه بخلاف الحيض وذكر شيخ الإسلام في مبسوطه اتفق أصحابنا على أن أقل النفاس ما يوجد فإنها كما ولدت إذا رأت الدم ساعة ، ثم انقطع الدم عنها فإنها تصوم وتصلي وكان ما رأت نفاسا لا خلاف في هذا بين أصحابنا إنما الخلاف فيما إذا وجب اعتبار أقل النفاس في انقضاء العدة بأن قال لها إذا ولدت فأنت طالق فقالت انقضت عدتي أي مقدار يعتبر لأقل النفاس مع ثلاث حيض عند أبي حنيفة يعتبر أقله بخمسة وعشرين يوما وعند أبي يوسف بأحد عشر وعند محمد بساعة ، فأما في حق الصوم والصلاة فأقله ما يوجد ، كذا في النهاية ، وإنما لم ينقص عن خمسة وعشرين عند أبي حنيفة ; لأنه لو نصب لها دون ذلك أدى إلى نقض العادة عند عود الدم في الأربعين ; لأن من أصله أن الدم إذا كان في الأربعين فالطهر المتخلل فيه لا يفصل طال الطهر أو قصر حتى لو رأت ساعة دما وأربعين إلا ساعتين طهرا ، ثم ساعة دما كان الأربعون كله نفاسا وعندهما إن لم يكن الطهر خمسة عشر يوما فكذلك ، وإن كان خمسة عشر يوما فصاعدا يكون الأول نفاسا والثاني حيضا إن أمكن وإلا كان استحاضة وهو رواية ابن المبارك عنه وكذا في حق الإخبار بانقضاء العدة مقدر بخمسة وعشرين يوما عنده وأبو يوسف قدره بأحد عشر يوما ليكون أكثر من أكثر الحيض ، كذا في التبيين فعلى هذا لا تصدق في أقل من خمسة وثمانين يوما عند أبي حنيفة في رواية محمد عنه وفي رواية الحسن لا تصدق في أقل من مائة يوم وتوضيحه بتمامه في السراج الوهاج
( قوله وأكثره أربعون يوما [ ص: 231 ] والزائد استحاضة ) وهو مروي عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وعائشة ولأنهم أجمعوا على أن أكثر مدة النفاس أربعة أمثال أكثر مدة الحيض ، وقد ثبت في باب الحيض أن أكثر مدته عشرة أيام بلياليها فكان أكثر مدة النفاس أربعين يوما ، وإنما كان كذلك ; لأن الروح لا تدخل في الولد قبل أربعة أشهر فتجتمع الدماء أربعة أشهر فإذا دخل الروح صار الدم غذاء للولد فإذا خرج الولد خرج ما كان محتسبا من الدماء أربعة أشهر في كل شهر عشرة أيام ، كذا في العناية ومراده المبتدأة ، وأما صاحبة العادة إذا زاد دمها على الأربعين فإنها ترد إلى أيام عادتها ، وقد ذكره من قبل هذا ، كذا في التبيين ، وقد قدمنا أن أبا يوسف يجوز ختم عادتها بالطهر ومحمد يمنعه فراجعه .
( قوله : ونفاس التوأمين من الأول ) وهما الولدان اللذان بين ولادتيهما أقل من ستة أشهر وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ; لأن بالولد الأول ظهر انفتاح الرحم فكان المرئي عقبه نفاسا وعند محمد وزفر نفاسها من الثاني والأول استحاضة وأفاد المصنف أن ما تراه عقب الثاني إن كان قبل الأربعين فهو نفاس الأول لتمامها واستحاضة بعد تمامها عند أبي حنيفة وأبي يوسف فتغتسل وتصلي كما وضعت الثاني وهو الصحيح ، كذا في النهاية وفي السراج الوهاج ومن فوائد الاختلاف إذا كان عادتها عشرين فرأت بعد الأول عشرين وبعد الثاني أحدا وعشرين فعند أبي حنيفة وأبي يوسف العشرون الأولى نفاس وما بعد الثاني استحاضة وعند محمد وزفر العشرون الأولى استحاضة تصوم وتصلي معها وما بعد الثاني نفاس ولو رأت بعد الأول عشرين وبعد الثاني عشرين وعادتها عشرون فالذي بعد الثاني نفاس إجماعا والذي قبله نفاس أيضا عندهما خلافا لمحمد وزفر وقيد بالتوأمين ; لأنه لو كان بينهما ستة أشهر فأكثر فهما حملان ونفاسان ، ولو ولدت ثلاثة أولاد بين الأول والثاني أقل من ستة أشهر وكذا بين الثاني والثالث ولكن بين الأول والثالث أكثر من ستة أشهر فالصحيح أنه يجعل حملا واحدا . والله تعالى أعلم .


