قوله ( ومنقول فيه تعامل ) أي وصح مقصودا إذا تعامل الناس وقفه وأما وقف المنقول فلا خلاف فيه بين الكراع والسلاح الشيخين وهو استحسان والقياس أن لا يجوز لما بينا من قبل من أن التأبيد شرط وهو لا يتحقق فيه وجه الاستحسان الآثار المشهورة فيه منها قوله عليه السلام { فقد حبس أدرعا له في سبيل الله تعالى خالد حبس أدرعا له في سبيل الله تعالى وطلحة } ويروى كراعه وفي المجتبى والمراد من الكراع الخيل والحمير والبغال والإبل والثيران التي يحمل عليها والمراد من السلاح ما يستعمل في الحرب ويكون معدا للقتال . ا هـ . فأما
وفي المصباح درع الحديد مؤنثة في الأكثر ويصغر على دريع بغير هاء على قياس ويجوز أن يكون التصغير على لغة من ذكر وربما قيل دريعة بالهاء وجمعها أدرع ودروع وأدراع قال هي الزردية ذكره في الدال المهملة وأما ما سوى الكراع والسلاح فعند ابن الأثير أبي يوسف لا يجوز وقفه لأن القياس إنما يترك بالنص والنص ورد فيهما فيقتصر عليه وقال يجوز وقف ما فيه تعامل من المنقولات واختاره أكثر فقهاء الأمصار وهو الصحيح كما في الإسعاف وهو قول عامة المشايخ كما في الظهيرية لأن القياس قد يترك بالتعامل كما في الاستصناع وقد حكى في المجتبى هذا الخلاف في المنقول على خلاف هذا وعزاه إلى السير فنقل قول محمد بجوازه مطلقا جرى التعارف به أو لا وقول محمد أبي يوسف بجوازه إن جرى فيه تعامل ا هـ .
ومثل في الهداية ما فيه تعامل بالفأس والمر والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف قال وعن نصير بن يحيى أنه وقف كتبه إلحاقا لها بالمصاحف وهذا صحيح لأن كل واحد يمسك للدين تعليما وتعلما وقراءة . ا هـ .
وجوز الفقيه أبو الليث وعليه الفتوى كذا في النهاية ولم يجوزه وقف الكتب محمد بن سلمة وهو ضعيف وفي الخلاصة إذا إن كانوا يحصون جاز وإن [ ص: 219 ] وقف على المسجد جاز ويقرأ في ذلك المسجد وفي موضع آخر ولا يكون مقصورا على هذا المسجد . ا هـ . وقف مصحفا على أهل مسجد لقراءة القرآن
وذكر في التحرير في بحث الحقيقة التعامل هو الأكثر استعمالا فلذا اقتصر على هذه الأشياء فخرج ما لا تعامل فيه كالثياب والحيوان والذهب والفضة ولو حليا لأن الوقف فيه لا يتأبد ولا بد منه بخلاف الكراع والسلاح لورود النص بهما وما ذكرناه للتعامل فبقي ما عدا ذلك على أصل القياس . الإمام محمد
وقد زاد بعض المشايخ أشياء من المنقول على ما قاله لما رأوا من جريان التعامل بها ففي الخلاصة محمد قال إن كان ذلك في موضع غلب ذلك في أوقافهم رجوت أن يكون ذلك جائزا وعن وقف بقرة على أن ما يخرج من لبنها وسمنها يعطى لأبناء السبيل الأنصاري وكان من أصحاب في من وقف الدراهم أو الدنانير أو الطعام أو ما يكال أو يوزن أيجوز قال نعم قيل وكيف قال تدفع الدراهم مضاربة ثم يتصدق بها في الوجه الذي وقف عليه وما يكال وما يوزن يباع ويدفع ثمنه مضاربة أو بضاعة قال فعلى هذا القياس إذا وقف هذا الكر من الحنطة على شرط أن يقرض للفقراء الذين لا بذر لهم ليزرعوه لأنفسهم ثم يؤخذ منهم بعد الإدراك قدر القرض ثم يقرض لغيرهم من الفقراء أبدا على هذا السبيل يجب أن يكون جائزا قال ومثل هذا كثير في زفر الري وناحية دوبناوند أبدا جاز وتدفع الأكسية للفقراء فينتفعون بها في أوقات لبسها ولو وقف ثورا لإنزاء بقرهم لا يصح ثم إذا عرف جواز وقف الفرس والجمل في سبيل الله تعالى . والأكسية أسترة الموتى إذا وقفت صدقة
فلو وقفه على أن يمسكه ما دام حيا إن أمسكه للجهاد له ذلك لأنه لو لم يشترط كان له ذلك لأن لجاعل فرس السبيل أن يجاهد عليه وإذا أراد أن ينتفع به في غير ذلك ليس له ذلك وصح جعله للسبيل يعني يبطل الشرط ويصح وقفه ولا يؤاجر فرس السبيل إلا إذا احتيج إلى نفقته فيؤاجر بقدر ما ينفق عليه قال في الخلاصة وهذا دليل على أن المسجد إذا احتاج إلى نفقته تؤاجر قطعة منه بقدر ما ينفق عليه ا هـ .
وهذا عندي غير صحيح لأنه يعود إلى القبح الذي لأجله استثنى أبو يوسف المسجد من وقف المشاع وهو أن يتخذ مسجدا يصلى فيه عاما وإصطبلا تربط فيه الدواب عاما ولو قال إنما يؤجر لغير ذلك فنقول غاية ما يكون للسكنى ويستلزم جواز المجامعة فيه وإقامة الحائض والجنب فيه ولو قال لا يؤاجر لذلك فكل عمل يؤاجر له تغيير أحكامه الشرعية ولا شك أن باحتياجه إلى النفقة لا تتغير أحكامه الشرعية ولا يخرج به عن أن يكون مسجدا نعم إن خرب ما حوله واستغنى عنه فحينئذ لا يصير مسجدا عند خلافا محمد لأبي يوسف وأما إذا لم يكن كذلك فتجب عمارته في بيت المال لأنه من حاجة المسلمين وفي الخلاصة أيضا يجوز كذا في فتح القدير ولم يذكر وقف الغلمان والجواري على مصالح الرباط ولم أر من صرح بها ولا شك في دخولها تحت المنقول الذي لا تعامل فيه فلا يجوز وقفها وقد وقف بعضهم سفينة على مقام وقف السفينة فسألني عنه فأجبت بعدم الصحة بناء على هذا وفي الظهيرية الشافعي يجوز ولو وقف بستانا بما فيه من البقر والغنم والرقيق فخرب الرباط واستغنى الناس عنه فإنها تربط في أقرب الرباطات إليه . وقف دابة على رباط