قوله ( ) بإجماع الفقهاء كما نقله في فتح القدير ولقوله عليه السلام ولا يملك الوقف رضي الله عنه { لعمر } ولأنه باللزوم خرج عن ملك الواقف وبلا ملك لا يتمكن من البيع أفاد بمنع تمليكه وتملكه منع رهنه فلا يجوز للمتولي رهنه قال في الخانية تصدق بأصلها لا تباع ولا تورث لا يصح وكذلك أهل الجماعة إذا رهنوا فإن سكن المرتهن الدار قال بعضهم عليه أجر المثل سواء كانت الدار معدة للاستغلال أو لم تكن نظرا للوقف وكذلك المتولي إذا رهن أرض الوقف بدين فسكنها المشتري ثم عزل هذا المتولي وولي غيره فادعى الثاني المنزل على المشتري وأبطل القاضي بيع المتولي وسلم الدار إلى المتولي الثاني فعلى المشتري أجر المثل . ا هـ . متولي المسجد إذا باع منزلا موقوفا على المسجد
ولا فرق بين أن يكون البائع المتولي أو غيره بل وجوب أجر المثل فيما إذا باعه غير المتولي بالأولى وذكر في القنية أنه لا يجب وهو ضعيف لأنه وإن سكن بتأويل الملك يجب أجر المثل مراعاة للوقف وفي القنية سكنها ثم بان أنها وقف أو لصغير يجب أجر المثل بخلاف ما مر وفي المحيط فإن هدم المشتري البناء فالقاضي بالخيار إن شاء ضمن البائع قيمة البناء وإن شاء ضمن المشتري فإن ضمن البائع [ ص: 222 ] نفذ بيعه لأنه ملكه بالضمان فصار كأنه باع ملك نفسه وإن ضمن المشتري لا ينفذ البيع ويملك المشتري البناء بالضمان ويكون الضمان للوقف لا للموقوف عليهم . ا هـ .
فإن قلت : قال في الخلاصة وفي فوائد شمس الإسلام يرفع الأمر إلى القاضي حتى يفسخ إن لم يكن مسجلا . ا هـ . الواقف إذا افتقر واحتاج إلى الوقف
وفي البزازية والخلاصة ولو وكتب القاضي شهادته في صك البيع وكتب في الصك باع فلان منزل كذا أو كان كتب وأقر البائع بالبيع لا يكون حكما بصحة البيع ونقض الوقف ولو كتب باع بيعا جائزا صحيحا كان حكما بصحة البيع وبطلان الوقف وإذا وقف محدودا ثم باعه إن أطلق ذلك للوارث كان حكما بصحة بيع الوقف وإن أطلقه لغير الوارث لا يكون ذلك نقضا للوقف أما إذا بيع الوقف وحكم بصحته قاض كان حكما ببطلان الوقف . ا هـ . أطلق الحاكم وأجاز بيع وقف غير مسجل
وفي القنية ينفذ إذا كان وارث الواقف ثم رقم : باعه الوارث لضرورة فالبيع باطل ولو قضى القاضي بصحته ولا يفتح هذا الباب . ا هـ . وقف قديم لا يعرف صحته ولا فساده باعه الموقوف عليه لضرورة وقضى القاضي بصحة البيع
قلت : إنه في وقف لم يحكم بصحته ولزومه بدليل قوله في الخلاصة إن لم يكن مسجلا أي محكوما به ومع ذلك الحمل أيضا فهو على قول المرجوح وعلى قولهما الراجح المفتى به لا يجوز بيعه قبل الحكم بلزومه لا للوارث ولا لغيره ولو قضى قاض بصحة بيعه فإن كان حنفيا مقلدا فحكمه باطل لأنه لا يصح إلا بالصحيح المفتى به فهو معزول بالنسبة إلى القول الضعيف ولذا قال في القنية تفريعا على الصحيح فالبيع باطل ولو قضى القاضي بصحته وقد أفتى به العلامة الإمام قاسم وأما ما أفتى به العلامة سراج الدين قارئ الهداية من صحة الحكم ببيعه قبل الحكم بوقفه فمحمول على أن القاضي مجتهد أو سهو منه وظاهر قول المصنف وأصحاب المتون والهداية أنه لا يجوز استبداله ولو خرب وأنه [ ص: 223 ] لا يعود ملكا للواقف ولا لورثته لعدم استثنائهم شيئا من قولهم لا يملك وظاهر قولهم أن الوقف لا يملك ولا يباع يقتضي أن الوقفية لا تبطل بالخراب ولا تعود إلى ملك الواقف ووارثه وأنه لا يجوز الاستبدال ولذا قال الإمام قاضي خان ولو كان الوقف مرسلا لم يذكر فيه شرط الاستبدال لم يكن له أن يبيعها ويستبدل بها وإن كانت أرض الوقف سبخة لا ينتفع بها لأن سبيل الوقف أن يكون مؤبدا لا يباع وإنما تثبت ولاية الاستبدال بالشرط وبدون الشرط لا تثبت فهو كالبيع المطلق عن شرط الخيار لا يملك المشتري رده وإن لحقه في ذلك غبن ا هـ .
وفي الخلاصة وفي فتاوى النسفي لا يجوز وإن كان بأمر القاضي وإن كان خرابا فأما بيع النقض فيصح ونقل عن بيع عقار المسجد لمصلحة المسجد شمس الأئمة الحلواني أنه يجوز للقاضي وللمتولي أن يبيعه ويشتري مكانه آخر وإن لم ينقطع ولكن يؤخذ بثمنه ما هو خير منه للمسجد لا يباع وقد روي عن إذا ضعفت الأرض الموقوفة عن الاستغلال والقيم يجد بثمنها أخرى هي أكثر ريعا كان له أن يبيعها ويشتري بثمنها ما هو أكثر ريعا وفي الفتاوى قيم وقف خاف من السلطان أو من وارث يغلب على أرض وقف يبيعها ويتصدق بثمنها وكذا كل قيم إذا خاف شيئا من ذلك له أن يبيع ويتصدق بثمنها قال محمد الصدر الشهيد والفتوى على أنه لا يبيع وما يوافق هذا ما روى الإمام السرخسي في السير الكبير في بابي الأسير في الدفتر الثاني ذكر مسألة ثم قال وبهذا تبين خطأ من يجوز استبدال الوقف والشيخ الإمام ظهير الدين كان يفتي بجواز الاستبدال ثم رجع ا هـ .
ما في الخلاصة وفي شرح الوقاية أن يجوز الاستبدال في الوقف من غير شرط إذا ضعفت الأرض من الريع ونحن لا نفتي به وقد شاهدنا في الاستبدال من الفساد ما لا يعد ولا يحصى فإن ظلمة القضاة جعلوه حيلة إلى إبطال أكثر أوقاف المسلمين وفعلوا ما فعلوا . ا هـ . أبا يوسف
وفي الذخيرة سئل شمس الأئمة الحلواني عن قال نعم قيل إن لم تتعطل ولكن يؤخذ بثمنها ما هو خير منها هل له أن يبيعها قال لا ومن المشايخ من لم يجوز بيعه تعطل أو لم يتعطل وكذا لم يجوز الاستبدال بالوقف وهكذا فتوى أوقاف المسجد إذا تعطلت وتعذر استغلالها هل للمتولي أن يبيعها ويشتري مكانها أخرى شمس الأئمة السرخسي وقد روينا عن في فصل العمارة إذا ضعفت الأرض الموقوفة عن الاستغلال والقيم يجد بثمنها أرضا أخرى أكثر ريعا له أن يبيع هذه الأرض ويشتري وفي المنتقى قال محمد هشام سمعت يقول محمدا فللقاضي أن يبيعه ويشتري بثمنه غيره وليس ذلك إلا للقاضي وذكر الوقف إذا صار بحيث لا ينتفع به المساكين في السير الكبير مسألة تدل على عدم جواز الاستبدال بالوقف وصورتها محمد فليس له أن يأخذها قالوا وهذا لأنه زال عن ملك الواقف وصار بحال لا يقبل النقل من ملك إلى ملك فلا يكون للمالك القديم حق الملك أما على قول الكفار إذا استولوا على بلدة من بلاد المسلمين ثم ظهر عليها المسلمون وقسموها فيما بينهم فأصاب رجل من الغانمين أرضا فجعلها صدقة موقوفة للمساكين ودفعه ا إلى قيم يقوم عليها ثم حضر المالك القديم الوقف باطل حتى كان للواقف أن يبيع الوقف حال حياته فإذا مات يصير ميراثا عنه فكان للمالك القديم حق الأخذ إلا في المسجد خاصة فإن اتخاذ المسجد عنده صحيح ويزول عن مليكة متخذه فلا يكون للمالك القديم حق الأخذ فيه . ا هـ . أبي حنيفة
وأما ما في الذخيرة وغيرها حانوت احترق في السوق وصار بحيث لا ينتفع به ولا يستأجر ألبتة وحوض محلة خرب وصار بحال لا يمكن عمارته فهو للواقف ولورثته فإن كان واقفه وورثته لا تعرف فهو لقطة زاد في فتاوى الخاصي إذا كان كاللقطة يتصدقون به على فقير ثم يبيعه الفقير [ ص: 224 ] فينتفع بثمنه فقال الصدر الشهيد في جنس هذه المسائل نظر يعني لأن الوقف بعدما خرج إلى الله تعالى لا يعود إلى ملك الواقف وسيأتي تمامه في بيان شروط الواقف عند قوله وإن شرط الولاية لنفسه وفي الخانية المتولي إذا اشترى من غلة المسجد حانوتا أو دارا أو مستغلا آخر جاز لأن هذا من مصالح المسجد فإن أراد المتولي أن يبيع ما اشترى أو باع اختلفوا فيه قال بعضهم لا يجوز هذا البيع لأن هذا صار من أوقاف المسجد وقال بعضهم يجوز هذا البيع وهو الصحيح لأن المشتري لم يذكر شيئا من شرائط الوقف فلا يكون ما اشترى من جملة أوقاف المسجد . ا هـ .
وفي القنية إنما يجوز الشراء بإذن القاضي لأنه لا يستفاد الشراء من مجرد تفويض القوامة إليه فلو استدان في ثمنه وقع الشراء له ا هـ .