( قوله : وغيره بالغسل ثلاثا وبالعصر في كل مرة ) أي يطهر بثلاث غسلات وبالعصر في كل مرة ; لأن التكرار لا بد منه للاستخراج ولا يقطع بزواله فاعتبر غالب الظن كما في أمر القبلة ، وإنما قدروا بالثلاث ; لأن غالب الظن يحصل عنده فأقيم السبب الظاهر مقامه تيسيرا و يتأيد ذلك بحديث المستيقظ من منامه حيث شرط الغسل ثلاثا عند توهم النجاسة فعند التحقق أولى ولم يشترط الزيادة في المتحقق ; لأن الثلاث لو لم تكن لإزالة النجاسة حقيقة لم تكن رافعة للتوهم ضرورة كذا في الهداية والكافي وفي غاية البيان أن التقدير بالثلاث ظاهر الرواية وظاهره أنه لو غلب على ظنه زوالها بمرة أو مرتين لا يكفي وظاهر ما في الهداية أولا أنه يكفي ; لأنه اعتبر غلبة الظن وآخرا أنه لا بد من الزيادة الواحدة حيث قال ; لأن التكرار لا بد منه للاستخراج والمفتى به اعتبار غلبة الظن من غير تقدير بعدد كما صرح به في منية المصلي وصرح غير المرئي من النجاسة في مختصره بأنه لو غلب [ ص: 250 ] على ظنه أنها قد زالت بمرة أجزأه واختاره الإمام الكرخي الإمام الإسبيجابي وذكر في البدائع أن التقدير بالثلاث ليس بلازم بل هو مفوض إلى رأيه وفي السراج اعتبار غلبة الظن مختار العراقيين والتقدير بالثلاث مختار البخاريين والظاهر الأول إن لم يكن موسوسا ، وإن كان موسوسا فالثاني . ا هـ .
واشتراط العصر في كل مرة هو ظاهر الرواية ; لأنه هو المستخرج ، كذا في الهداية وفي غير رواية الأصول يكتفي بالعصر مرة واحدة وهو أرفق وعن العصر ليس بشرط ، كذا في الكافي ، ثم اشتراط العصر فيما ينعصر إنما هو فيما إذا غسل الثوب في الإجانة ، أما إذا غمس الثوب في ماء جار حتى جرى عليه الماء طهر وكذا ما لا ينعصر ولا يشترط العصر فيما لا ينعصر ولا التجفيف فيما لا ينعصر ولا يشترط تكرار الغمس وكذا أبي يوسف طهر ، ولو تنجست يده بسمن نجس فغمسها في الماء الجاري وجرى عليها طهرت ولا يضره بقاء أثر الدهن ; لأنه طاهر في نفسه ، وإنما ينجس بمجاورة النجاسة ، بخلاف ما إذا كان الدهن ودك ميتة فإنه يجب عليه إزالة أثره ، وأما حكم الغدير فإن غمس الثوب به فإنه يطهر ، وإن لم ينعصر وهو المختار ، وأما حكم الصب فإنه الإناء النجس إذا جعله في النهر وملأه وخرج منه إن أكثر الصب بحيث يخرج ما أصاب الثوب من الماء وخلفه غيره ثلاثا فقد طهر ; لأن الجريان بمنزلة التكرار والعصر والمعتبر غلبة الظن هو الصحيح وعن إذا صب الماء على الثوب النجس إن كانت النجاسة رطبة لا يشترط العصر ، وإن كانت يابسة فلا بد منه وهذا هو المختار ، كذا في السراج الوهاج وفي التبيين والمعتبر ظن الغاسل إلا أن يكون الغاسل صغيرا أو مجنونا فيعتبر ظن المستعمل ; لأنه هو المحتاج إليه . ا هـ . أبي يوسف
وتعتبر قوة كل عاصر دون غيره خصوصا على قول إن قدرة الغير غير معتبرة و عليه الفتوى فلو كانت قوته أكثر من ذلك إلا أنه لم يبالغ في العصر صيانة لثوبه عن التمزيق لرقته قال بعضهم لا يطهر قال بعضهم يطهر لمكان الضرورة وهو الأظهر ، كذا في السراج الوهاج لكن اختار أبي حنيفة قاضي خان في فتاويه عدم الطهارة وفي فتح القدير أن اشتراط العصر فيما ينعصر مخصوص منه ما قال في إزار الحمام إذا صب عليه ماء كثير وهو عليه يطهر بلا عصر حتى ذكر أبو يوسف الحلواني لو كانت النجاسة دما أو بولا وصب عليه الماء كفاه على قياس قول في إزار الحمام لكن لا يخفى أن ذلك لضرورة ستر العورة فلا يلحق به غيره وتترك الروايات الظاهرة فيه وقالوا في البساط النجس إذا جعل في نهر ليلة طهر وفي أنه إذا لم يتهيأ له عصر الكرباس طهر كالبساط . ا هـ . أبي يوسف
ولا يخفى أن الإزار المذكور إن كان متنجسا فقد جعلوا الصب الكثير بحيث يخرج ما أصاب الثوب من الماء ويخلفه غيره ثلاثا قائما مقام العصر كما قدمناه عن السراج فحينئذ لا فرق بين إزار الحمام وغيره وليس الاكتفاء به في الإزار لأجل ضرورة الستر كما فهمه المحقق بل لما ذكرناه وظاهر ما في فتاوى قاضي خان أن الإزار ليس متنجسا ، وإنما أصابه ماء الاغتسال من الجنابة فعلى رواية طاهر وعليه بني هذا الفرع ، وأما على طهارته فلا حاجة إلى غسله أصلا كما لا يخفى والتقدير بالليلة في مسألة البساط لقطع الوسوسة وإلا فالمذكور في المحيط قالوا البساط إذا تنجس فأجري عليه الماء إلى أن يتوهم زوالها طهر ; لأن إجراء الماء يقوم مقام العصر . ا هـ . نجاسة الماء المستعمل
ولم يقيده بالليلة .
[ ص: 250 ]