( قوله وسن ) ذكره هنا ولم يذكره في سنن الوضوء ; لأن الاستنجاء إزالة النجاسة العينية وهو إزالة ما على السبيل من النجاسة وفي المغرب الاستنجاء مسح موضع النجو وهو ما يخرج من البطن أو غسله ويجوز أن تكون السين للطلب أي طلب النجو ليزيله ، وقد علم من تعريفه أن الاستنجاء لا يسن إلا من حدث خارج من أحد السبيلين غير الريح ; لأن بخروج الريح لا يكون على السبيل شيء فلا يسن منه بل هو بدعة كما في المجتبى ولا من النوم والفصد إليه أشار في شرح الوقاية لكن يرد عليه الحصى الخارج من أحد السبيلين فإنه يدخل تحت ضابطه والحال أنه لا يسن الاستنجاء له صرح به في السراج الوهاج وأفاد أن الاستنجاء لا يكون إلا سنة وصرح في النهاية بأنه سنة مؤكدة فلا يكون فرضا وعلى هذا فما ذكر في السراج الوهاج من أن الاستنجاء بنحو حجر منق أربعة فريضة وواحد سنة فالأول من الحيض والنفاس والجنابة وإذا تجاوزت النجاسة مخرجها وواحد سنة وهو ما إذا كانت النجاسة مقدار المخرج فتسامح فإن الثلاثة الأول من باب إزالة الحدث إن لم يكن شيء على المخرج ، وإن كان شيء فهو من باب إزالة النجاسة الحقيقية من البدن غير السبيلين فلا يكون من باب الاستنجاء ، وإن كان على أحد السبيلين شيء فهي سنة لا فرض الاستنجاء خمسة أنواع
وأما الرابع فهو من باب إزالة النجاسة عن البدن ، وقد علمت أنه ليس من باب الاستنجاء فلم يبق إلا القسم المسنون وأشار بقوله منق إلى أن المقصود هو الإنقاء وإلى أنه لا حاجة إلى التقييد بكيفية من المذكورة في الكتب نحو إقباله بالحجر في الشتاء وإدباره به في الصيف لاسترخاء الخصيتين فيه لا في الشتاء وفي المجتبى المقصود الإنقاء فيختار ما هو الأبلغ والأسلم عن زيادة التلويث [ ص: 253 ] ا هـ .
فالأولى أن يقعد مسترخيا كل الاسترخاء إلا أن يكون صائما وكان الاستنجاء بالماء ولا يتنفس إذا كان صائما ويحترز من دخول الأصبع المبتلة كل ذلك يفسد الصوم وفي كتاب الصوم من الخلاصة إنما يفسد إذا وصل إلى موضع المحقنة وقلما يكون ذلك . ا هـ .
وللمخافة ينبغي أن ينشف المحل قبل أن يقوم ويستحب لغير الصائم أيضا حفظ الثوب من الماء المستعمل ويغسل يديه قبل الاستنجاء وبعده وينبغي أن يخطو قبله خطوات والمقصود أن يستبرئ وفي المبتغى والاستبراء واجب ولو عرض له الشيطان كثيرا لا يلتفت إليه بل ينضح فرجه بماء أو سراويله حتى إذا شك حمل البلل على ذلك النضح ما لم يتيقن خلافه وبالماء البارد في الشتاء أفضل بعد تحقق الإزالة به ولا يدخل الأصبع قيل يورث الباسور والمرأة كالرجل تغسل ما ظهر منها ولو غسلت المرأة براحتها كفاها ، كذا في فتح القدير ولا تدخل المرأة أصبعها في قبلها للاستنجاء كما في الخانية
وأراد المصنف بالسنة السنة المؤكدة كما هو مذكور في الأصل ولو تركه صحت صلاته قال في الخلاصة بناء على أن النجاسة القليلة عفو عندنا وعلماؤنا فصلوا بين النجاسة التي على موضع الحدث والتي على غيره في غير موضع الحدث إذا تركها يكره وفي موضعه إذا تركها لا يكره وما عن { أنس } متفق عليه ظاهر في المواظبة بالماء ومقتضاه كراهة تركه ، كذا في فتح القدير وهو مبني على أن صيغة كان يفعل مفيدة للتكرار وفيه خلاف بين الأصوليين والمختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزم منها الدوام ولا التكرار ، وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه ، فإن دل دليل على التكرار عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها ، وقد قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء رضي الله عنها { عائشة } ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد أن صحبته كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع فاستعملت كان في مرة واحدة ولا يقال لعلها طيبته في إحرامه ; لأن المعتمر لا يحل له التطيب قبل الطواف بالإجماع فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة كما قال الأصوليون ذكره عائشة النووي في شرح من باب الوتر واختاره مسلم المحقق في التحرير فإنه اختار أن إفادتها للتكرار من جهة الاستعمال لا من جهة الوضع لكن الاستعمال مختلف كما رأيت ، وقد علم مما ذكرنا أن التقييد بالإنقاء إنما هو لحصول السنة حتى لو لم ينق فإن السنة قد فاتت لا أنه قيد للجواز وأطلق الخارج ولم يقيده بكونه معتادا ليفيد أن غير المعتاد إذا أصاب المحل كالدم يطهر بالحجارة على الصحيح سواء كان خارجا منه أو لا وليفيد أنه لا فرق بين أن يكون الغائط رطبا ولم يقم من موضعه أو قام من موضعه أو جف الغائط فإن الحجر كاف فيه والثاني خلاف ذكره في السراج الوهاج
وأراد بنحو الحجر ما كان عينا طاهرة مزيلة لا قيمة له كالمدر والتراب والعود والخرقة والقطن والجلد الممتهن فخرج الزجاج والثلج والآجر والخزف والفحم .