( قوله ) وهو أن وصح خيار التعيين فيما دون الأربعة والقياس الفساد كالأربعة لجهالة المبيع وهو قول يبيع أحد العبدين أو الثلاثة أو أحد الثوبين أو الثلاثة على أن يأخذ المشتري واحدا وجه الاستحسان إن شرع الخيار للحاجة إلى دفع الغبن ليختار ما هو الأرفق والأوفق والحاجة إلى هذا النوع من البيع متحققة لأنه يحتاج إلى اختيار من يثق به أو اختيار من يشتريه لأجله ولا يمكنه البائع من الحمل إليه إلا بالبيع فكان في معنى ما ورد به الشرع غير أن هذه تندفع بالثلاث لوجود الجيد والوسط والرديء فيها والجهالة لا تفضي إلى المنازعة في الثلاثة لتعيين من له الخيار وكذا في الأربعة إلا أن الحاجة إليها غير متحققة والرخصة ثبوتها بالحاجة وكون الجهالة موجودة غير مفضية إلى المنازعة فلا يثبت بأحدهما أطلقه فشمل ما إذا كان للبائع أو للمشتري وهو المذكور في المأذون وهو الأصح ذكره في شرح التلخيص وفي جامع الفصولين يجوز زفر كما لا يجوز في جانب المشتري . ا هـ . خيار التعيين في جانب البائع
وفي الظهيرية وللبائع أن يلزم أيهما شاء على المشتري فإن هلك أحدهما في يد البائع فله أن يلزمه الباقي لا الهالك ولو حدث في أحدهما عيب في يد البائع فله أن يلزمه السليم وليس له أن يلزمه المعيب إلا برضا المشتري فإن ألزمه المعيب ولم يرض به ليس له أن يلزمه الآخر بعد ذلك ، ولو قبضهما المشتري وخيار التعيين [ ص: 24 ] للبائع فهلك فالبيان بحاله ا هـ .
وأما إذا كان الخيار للمشتري فالبيع لازم في أحدهما إلا أن يكون معه خيار شرط وما هو مبيع مضمون بالثمن وغير المبيع أمانة فلو رد النصف الباقي ولا شيء عليه من ضمان النصف المحترق وضمن نصف ثمن المحترقين ولو كانا ثوبان فاحترق نصف كل معا رد أيهما شاء بغير ضمان وضمن ثمن الآخر . اشترى ثلاثة أثواب وعين لكل ثمنا على أن له خيار التعيين فاحترق ثوبان ونصف الثالث
ولو احترق أحدهما ونصف الآخر لزمه ثمن المحترق لتعينه مبيعا ورد الآخر بغير ضمان ويسقط خيار التعيين بما يسقط به خيار الشرط وإذا بيع أحدهما أو هلك تعين هو مبيعا والآخر أمانة ولو هلكا معا ضمن نصف ثمن كل واحد منهما ولو اختلفا في الهالك أولا تحالفا على العلم على قول الأول ثم رجع إلى قوله الثاني من أن القول للمشتري مع يمينه وبينة البائع أولى ولو تعيبا معا فالخيار بحاله وإن على التعاقب تعين الأول مبيعا وإن اختلفا في الأول فعلى ما ذكرنا ولو باعهما المشتري ثم اختار أحدهما صح بيعه فيه ولو صبغ المشتري أحدهما تعين هو مبيعا ورد الآخر ولو أعتقهما البائع عتق الذي يرد عليه وإن كان أعتق ما اختاره المشتري للبيع لم يصح إعتاقه ولو استولدهما المشتري تعينت الأولى للبيع وضمن عقر الأخرى للبائع . الإمام
ولا يثبت نسب ولدها منه لعدم الملك ويؤمر المشتري بالبيان أيتهما استولدها أولا فإن مات قبل البيان فخيار التعيين للورثة فإن لم تعرف الورثة الأول منهما ضمن المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما ونصف عقرهما للبائع ويسعيان في نصف قيمتهما للبائع وروي أن الولدين يسعيان أيضا في نصف قيمتهما للبائع ولو وطئهما البائع والمشتري فولدتا وادعى كل واحد منهما الولدين صدق المشتري في التي وطئها أولا وضمن عقر الأخرى ويثبت نسب الأخرى من البائع لأنه استولد جارية نفسه ويضمن البائع عقر الأخرى للمشتري وإن ماتا قبل البيان ولم تعلم ورثة المشتري الأول منهما لم يثبت نسب الولد من أحد لوقوع الشك وعتقوا وضمن المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما ونصف عقرها للبائع والبائع يضمن نصف عقر كل واحدة للمشتري ويتقاصان وولاؤهم بينهما وقيل لا ولاء على الولدين .
كذا في الظهيرية ثم قال بعده ويجوز خيار التعيين في الفاسد أيضا إلا أن هاهنا ما يتعين للبيع كان مضمونا بالقيمة والباقي كما قلنا في الجائز وإن ماتا معا ضمن نصف قيمة كل واحد منهما ولو أعتقهما المشتري عتق أحدهما والتعيين إليه ولو أعتق أحدهما المشتري بعينه أو باعه جاز وعليه قيمته ولا يجوز إعتاق المبهم لا من البائع ولا من المشتري لأن العتق المبهم بين المملوكين للمعتق ولم يوجد ولو أعتق البائع أحدهما بعينه ثم أعتق المشتري ذلك أو عينه للبيع أو مات فعتق البائع باطل ولو رد ذلك على البائع صح عتقه ولو كان أعتقهما وردا عليه عتق أحدهما والتعيين إليه ا هـ .
وقيدوا صورة خيار التعيين بأن يقول على أن تأخذ أيهما شئت لأنه لو لم يذكر هذه الزيادة وقال بعتك أحد هذين العبدين فقبل يكون فاسدا لجهالة المبيع فإن قبضهما وماتا عنده ضمن نصف قيمة كل واحد منهما وإن مات أحدهما قبل صاحبه لزمه قيمة الآخر كذا في المحيط وتقدم تفاريعه ولم يذكر المؤلف خيار الشرط مع خيار التعيين للاختلاف فقيل يشترط أن يكون فيه خيار الشرط مع خيار التعيين وهو المذكور في الجامع الصغير قال شمس الأئمة وهو الصحيح فإذا ذكرا فله ردهما في المدة وإذا مضت لزم في أحدهما وله التعيين وقيل لا وهو المذكور في الجامع الكبير وصححه فخر الإسلام فيكون ذكره في الجامع الصغير وفاقا لا شرطا ورجحه في فتح القدير ولكن ذكر قاضي خان أن الاشتراط قول أكثر المشايخ وإذا لم يذكر خيار الشرط على هذا القول فلا بد من تأقيت خيار التعيين [ ص: 25 ] بالثلاث عنده وبأي مدة معلومة كانت عندهما كذا في الهداية وذكر في المحيط أنه لا يتأقت عنده بالثلاث فيجوز إلى أربعة عنده وفيها ثم ذكر في بعض النسخ اشترى ثوبين وفي بعضها اشترى أحد الثوبين وهو الصحيح لأن المبيع في الحقيقة أحدهما والآخر أمانة والأول تجوز واستعارة ا هـ .
وفي فتح القدير وإذا أقت خيار التعيين وكان فيه خيار الشرط فمضت المدة حتى انبرم في أحدهما ولزم التعيين أن يتقيد التعيين بثلاثة أيام من ذلك الوقت وحينئذ فإطلاق قوله : خيار الشرط مؤقت بالثلاث في قوله غير مؤقت بها الطحاوي عندهما وخيار الشرط مؤقت فيه نظر ا هـ .
وذكر الشارح أنه إذا لم يذكر خيار الشرط فلا معنى لتأقيت خيار التعيين بخلاف خيار الشرط فإن التأقيت فيه يفيد لزوم العقد عند مضي المدة وفي خيار التعيين لا يمكن ذلك لأنه لازم في أحدهما قبل مضي الوقت ولا يمكن تعيينه بمضي الوقت بدون تعيينه فلا فائدة لشرط ذلك والذي يغلب على الظن أن التوقيت لا يشترط فيه . ا هـ .
ويمكن أن يراد قسم آخر وهو ارتفاع العقد فيهما بمضي المدة من غير تعيين بخلاف مضيها في خيار الشرط فإنه إجازة ليكون لكل خيار ما يناسبه وأطلق في محل الخيار وقيده في البدائع بالأشياء المتفاوتة كالعبيد والثياب فعلى هذا لا يدخل خيار التعيين في المثليات من جنس واحد لأنه لا فائدة له لعدم التفاوت فيها وأما ما يبطل هذا الخيار وهو نوعان اختياري وضروري والاختياري نوعان صريح وما يجري مجراه فالاختياري اخترت هذا أو شئته أو رضيت به أو أجزته وما يجري مجراه وأما الاختياري دلالة فهو أن يوجد منه فعل في أحدهما يدل على تعيين الملك فيه كما قدمناه في خيار الشرط وأما الضروري فهلاك أحدهما بعد القبض وتعيبه وأما إذا تعيبا لم يتعين أحدهما للبيع وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء بثمنه لكن ليس له ردهما للزوم البيع في أحدهما بتعيبهما في يده وبطل خيار الشرط وهذا يؤيد قول من يقول بأن فيه خيارين .