الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والشعر والماء في العين ) لأنهما يضعفان البصر ويورثان العمى ولا خصوصية لهما بل كل مرض بالعين فهو عيب ومنه السبل كما في المعراج وكثرة الدمع وقد ذكر المصنف أولا ضابط العيب ثم ذكر عددا من العيوب ولم يستوفها لكثرتها فلا بأس بتعداد ما اطلعنا عليه في كلامهم تكثيرا للفوائد ولكثرة الاحتجاج إليها في المعاملات ففي المعراج الثؤلول عيب وكذا الحال إن كان قبيحا منقصا والصهوبة حمرة الشعر إذا فحش بحيث تضرب إلى البياض والشمط وهو اختلاط البياض بالسواد في الشعر في غير أوانه دليل الداء وفي أوانه دليل الكبر والعشى عيب وهو ضعف البصر بحيث لا يبصر في الليل والسن الساقط ضرسا كان أو غيره وكذا السوداء والظفر الأسود المنقص للثمن والعسر وهو العمل باليسار دون اليمين عجز إلا أن يكون عسر يسر وهو الأضبط الذي يعمل بهما وقد كان عمر رضي الله تعالى عنه بهذه الصفة فهو زيادة .

                                                                                        والقشف وهو يبوسة الجلد وتشنج في الأعضاء والكي إن كان من داء وإلا لا كما في الحبشة والحرن على وجه لا يستفز ولا ينقاد للراكب عند العطف والسير والجمع عيب وهو أن لا يلين عند اللجام وخلع الرأس من العذار وبل المخلاة إن نقص وهو أن يسيل لعاب الفرس على وجه يبل المخلاة إذا جعل على رأسه وفيه علفه وقيل أن يرميها وهو نوع من الجمع والغرب في العين وهو ورم في المآقي وربما يسيل منه شيء حتى قال محمد إنه إذا كان سائلا فصاحبه من أصحاب الأعذار .

                                                                                        والشتر عيب وهو انقلاب في الأجفان وبه سمي الأشتر وهو لضعف البصر والحول كذلك والحوص وهو نوع من الحول والقبل في إنسان العين وإذا كان في جانب فهو الحوص .

                                                                                        والظفر وهو بياض يبدو في إنسان العين وكل ذلك لضعف البصر وربما منعه أصلا ، والجرب في العين وغيرها لكونه عن داء ، والعزل وهو أن يعزل ذنبه في أحد الجانبين والمشش وهو ورم في الدابة له صلابة والفحج وهو تباعد ما بين القدمين والصكك وهو أن يصكك إحدى [ ص: 49 ] ركبتيه على الأخرى والحبل في بنات آدم عيب لكونه منقصا بخلافه في البهائم لكونه زيادة والقرن عظم في المأتي مانع من الوصول والرتق وهو لحم في المأتي والعفل وهو أن يكون المأتي منها شبه الكيس لا يلتذ الواطئ بوطئها والكل يخل بالمقصود والبرص والجذام وهو قيح يوجد تحت الجلد يوجد نتنه من بعيد .

                                                                                        والفتق وهو ريح في المثانة وربما يهيج بالمرء فيقتله ولا يكون إلا لداء في الباطن والسلعة وهي القروح التي تكون على العين وقيل داء في الرأس يتناثر منه شعر الرأس وقيل غدة تحت الجلد تدور بين اللحم والجلد والدحس وهو ورم يكون في أطراف حافر الفرس والحمار والحنف وهو إقبال كل واحد من الإبهامين إلى صاحبه وهو ينقص من قوة المشي وقيل الأحنف الذي يمشي على ظهر قدميه والصدف التواء في أصل العنق وقيل إقبال إحدى الركبتين إلى الأخرى والشدق وهو سعة مفرطة في الفم والتخنث والحمق وكونها مغنية وشرب الخمر وترك الصلاة وغيرها من الذنوب وكل عيب يتمكن المشتري من إزالته بلا مشقة لا يرده به كإحرام الجارية ونجاسة الثوب وقلة الأكل في البقرة عيب .

                                                                                        ولو اشترى زوجي الخف وأحدهما أضيق من الآخر فإن خرج عن العادة فله الرد وإن كان الخف لا يتسع في اللبس وقد اشتراه له فهو عيب والتراب في الحنطة الخارج عن العادة عيب فله ردها وليس له أن يميز التراب ويرجع بحصته ولو خلطه بها بعد التمييز أو انتقص الكيل والوزن بالتنقية امتنع الرد وله النقصان وإن وجد الجارية دميمة أو سوداء لا ترد وإن كانت محترقة الوجه لا يعرف جمالها وقبحها فله الرد ولو امتنع الرد رجع بفضل ما بينهما ولو اشترى دارا ليس لها مسيل أو أرضا لا شرب لها أو مرتفعة لا تسقى إلا بالسكر فله الرد ا هـ ما في المعراج .

                                                                                        ونقل منه في فتح القدير ولكن يحتاج إلى ضبط بعض ألفاظ ليزول الاشتباه عنها الثؤلول بهمزة ساكنة وزان عصفور ويجوز التخفيف والجمع الثآليل وهو من ثئل ثألا من باب تعب فالذكر أثأل والأنثى ثألاء والجمع ثؤل مثل أحمر وحمراء وحمر وهو داء يشبه الحبوب وقال ابن فارس الثأل داء يصيب الشاة فتسترخي أعضاؤها كذا في الصحاح والعشى من عشي عشيا من باب تعب ضعف بصره فهو أعشى والمرأة عشواء منه أيضا والقشف من قشف الرجل قشفا فهو قشف من باب تعب لم يعتد النظافة وأصله خشونة العيش منه أيضا والجمع من جمح الفرس براكبه يجمع بفتحتين جماحا بالكسر وجموحا مصدر استعصى حتى غلبه فهو جموح بالفتح وجامح يستوي فيه الذكر والأنثى كذا في المصباح ولم يذكر أن مصدره الجمح ولكن في الصحاح جمح الفرس جموحا وجماحا وجمحا إذا أعثر فارسه وغلبه ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا الجمع في كلامهم بفتح الجيم وسكون الميم

                                                                                        والغرب بفتح الغين المعجمة والراء الساكنة وللعين غربان كذا في الصحاح والحوص بفتحتين ضيق في مؤخر العين والرجل أحوص منه أيضا والقبل بفتحتين في العين إقبال السوداء على الأنف والعزل بفتحتين والأعزل من الخيل الذي يقع ذنبه في جانب وذلك عادة لا خلقة وهو عيب منه أيضا والمشش بفتحتين وهو شيء يشخص في وطيفها حتى يكون له حجم منه أيضا والسكك بفتحتين ولو ذكروا من العيوب أيضا الصأك بصاد ثم همزة مفتوحة وهو من صئك الرجل يصأك صأكا إذا عرق فهاجت منه ريح منتنة من ذفر أو غير ذلك كما في الصحاح لكان أفود ويمكن تخصيصه بالجارية كالبخر والدفر والسلعة بكسر السين اسم لزيادة تحدث في الجسد كالغدة تتحرك إذا حركت وتكون من حمصة إلى بطيخة والسلعة بالفتح الشجة منه أيضا وما قدمناه من تفسيرها بعيد والحنف بفتحتين اعوجاج في الرجل والصدف بالصاد والدال المهملين يقال فرس أصدف إذا كان متداني الفخذين متباعد الحافرين [ ص: 50 ] في التواء من الرسغين . وقيل الصدف ميل في الحافر إلى الشق الوحشي وقيل أن يميل خف البعير من اليد أو الرجل إلى الجانب الوحشي فإن مال إلى الإنسي فهو لا يعد منه أيضا

                                                                                        والشدق بفتح الشين وكسر الدال سعة الشدق وهو جانب الفم منه أيضا وفي فتح القدير ومن العيوب العثار في الدواب إن كان كثيرا فاحشا وأكل العذار وعدم الختان في الغلام والجارية المولدين البالغين بخلافهما في الصغيرين وفي الجليب من دار الحرب لا يكون عيبا مطلقا وفي فتاوى قاضي خان وهذا عندهم يعني عدم الختان في الجارية المولدة أما عندنا عدم الخفض في الجوار لا يكون عيبا . ا هـ .

                                                                                        وفي السراج الوهاج الزكام ليس بعيب والجنون عيب وكذا العمى والعور والشلل والصمم والخرس والإصبع الزائدة والناقصة والقروح والشجاج والأمراض كلها والأدر عيب وهو انتفاخ الأنثيين والعشا عيب وهو الذي لا يبصر بالليل وكذا العمش والعنين والخصي ولو اشتراه على أنه خصي فوجده فحلا لا خيار له والكذب والنميمة عيب فيهما وقلة الأكل في الدواب لا في بني آدم والنكاح في الجارية والغلام وإن طلقها زوجها رجعيا فله الرد وإن كان بائنا سقط وإذا وجدها محرمة عليه برضاع أو صهرية كأخته أو أم امرأته فليس بعيب لأنه يقدر على الانتفاع بتزويجها وأخذ العوض وإذا وجدها لا تحسن الطبخ والخبز فليس بعيب وإذا وجد في المصحف سقطا أو خطأ فهو عيب وإن كانت معتدة من طلاق بائن فليس بعيب لأنه لا سبيل للزوج عليها والحرمة عارضة كتحريم الحائض . ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية لو اشترى جارية وقبضها ثم ادعى أن لها زوجا وأراد أن يردها فقال البائع كان لها زوج أبانها أو مات عنها قبل البيع كان القول قول البائع ولا ترد عليه ولو أقام المشتري البينة على قيام النكاح لا تقبل بينته ولو أقام البينة على إقرار البائع بذلك قبلت بينته .

                                                                                        ولو قال البائع كان زوجها عبدي فلان أبانها قبل البيع والمشتري ينكر الطلاق كان القول قول البائع فإن حضر المقر له بالنكاح وأنكر الطلاق كان للمشتري أن يردها ولو قال البائع كان لها زوج عبدي يوم البيع فأبانها أو مات عنها قبل القبض أو بعده والمشتري ينكر الطلاق كان للمشتري أن يرد الجارية ولو كان لها زوج عند المشتري فقال البائع كان لها زوج عندي غير هذا الرجل أبانها أو مات عنها قيل البيع كان القول قول البائع ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية التخنث نوعان أحدهما بمعنى الرديء من الأفعال وهو عيب الثاني الرعونة واللين في الصوت والتكسر في المشي فإن قل لا يرد وإن كثر رده ولو اشترى غلاما أمرد فوجده محلوق اللحية يرد وعدم استمساك البول عيب ولو اشترى حبلى فولدت عند المشتري لا خصومة له مع البائع فإن ماتت في نفاسها رجع بنقصان الحبل إن لم يعلم به عند الشراء اشتراها على أنها صغيرة فإذا هي بالغة لا يردها والثقب في الأذنين إن واسعا فهو عيب في التركية إن عدوه عيبا لا في الهندية وإن وجد الحنطة مسوسة يرد لا رديئة وجع الضرس مرة بعد مرة عيب وإذا كانت إحدى العينين زرقاء والأخرى غير زرقاء أو إحداهما كحلاء والأخرى بيضاء فهو عيب وإذا كانت البقرة لا تحلب إن كان مثلها يشترى للحلب ردها وإن للحم لا وإن كانت تمص إحدى ثدييها له الرد .

                                                                                        وإن كانت الدابة بطيئة السير لا ترد إلا إذا شرط أنها عجول وكونها وكون العبد أكولا فليس بعيب وفي الجارية عيب لأنها تفسد الفراش اشترى عبدا فأصابه حمى في يده وكان في يد البائع أيضا إن اتحد الوقتان يرد وإن اختلف لا والثقب الكبير في الجدار عيب وكذا في بيوت النمل في الكرم إن فاحشا عيب وكذا لو كان فيه ممر الغير أو ميل الغير ولو وجد في المسك رصاصا ميزه ورده بحصته قل أو كثر ولو وجد في الشحم ملحا كثيرا أو وجد في الدهن ودكا كثيرا فكالحنطة أقر البائع بعد بيع [ ص: 51 ] السمن الذائب بموت فأرة فيه رجع عليه المشتري بالنقصان عندهما وعليه الفتوى ا هـ .

                                                                                        وفي جامع الفصولين وكونه مقامرا إن كان يعد عيبا كقمار نرد وشطرنج ونحوهما فهو عيب وكذا السحر عيب فيهما لما فيه من الضرر وشرب الخمر عيب على سبيل الإعلان والإدمان لا على الكتمان أحيانا اشترى فرسا فوجده كبير السن قيل ينبغي أن لا ترد إلا إذا شرط صغر السن كالجارية إذا وجدها كبيرة السن . ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية والدفن عيب وهو أن يسيل الماء من المنخرين والأجهر عيب وهو من لا يبصر في النهار والدحس وهو ورم يكون في إطرة حافر الفرس والإطرة دور الحافر والفدع عوج في الرسغ بينه وبين الساعد وفي القدم كذلك عوج بين عظم الساق وفي الفرس التواء الرسغ من الجانب الأيمن والجرذ عيب وهو بالذال المعجمة كل ما حدث في عرقوب الدابة من تزند أو انتفاخ عصب والهقعة وهي دائرة في عرض زور يعد عيبا ويتشاءم به ومنه يقال اتقوا الخيل المهقوع . والزور أعلى الصدر ، وفسره في المنتقى فقال المهقوع الذي إذا سار سمع مما بين حاصرتيه وفرجه صوت

                                                                                        والانتشار وهو انتفاخ العصب عند الإعياء وتحرك الشظى كانتشار العصب غير أن الفرس لانتشار العصب أشد احتمالا منه لتحرك الشظى والشظى عظم ملتزق بالذراع والشامة إن كانت على الخد كانت زينة فإن كانت على الأرنبة كانت قبحا ا هـ .

                                                                                        وفي القنية اشترى حانوتا فوجد بعد القبض على بابه مكتوبا وقف على مسجد كذا لا يرده لأنها علامة لا تبنى الأحكام عليها اشترى أرضا فظهر أنها ميشومة فينبغي أن يتمكن من الرد لأن الناس لا يرغبون فيها ولو اشترى حمارا لا ينهق فهو عيب وترك الصلاة في العبد لا يوجب الرد . ا هـ .

                                                                                        وقدمنا خلافه وفي آخر الباب من فتح القدير قطع الإصبع عيب والأصبعان عيبان والأصابع من الكف عيب واحد وحذف الحروف أو نقصها أو النقط أو الإعراب في المصحف عيب .

                                                                                        ( فائدة )

                                                                                        في ميم المصحف الحركات الثلاثة ذكره الكرماني في شرح كتاب الإمامة والمصراة شاة ونحوها شد ضرعها ليجتمع لبنها ليظن المشتري أنها كثيرة اللبن فإذا حلبها ليس له ردها عندنا ولا يرجع بالنقصان في رواية الكرخي ويرجع في رواية الطحاوي لفوات وصف مرغوب بعد زيادة منفصلة ولو اختيرت للفتوى كان حسنا لغرور المشتري بالتصرية ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية التصرية ليست بعيب عندنا وكذا لو سود أنامل عبده وأجلسه على المعرض حتى ظنه المشتري كاتبا أو ألبسه ثياب الخبازين حتى ظنه خبازافليس له أن يرده لأنه مغتر وليس بمغرور . ا هـ .

                                                                                        وفي الحاوي القدسي في المصراة وعن أبي يوسف أنه يردها وقيمة صاع من تمر ويحبس لبنها لنفسه ا هـ .

                                                                                        وهو أقرب إلى حديث المصراة الثابت في الصحيحين إلا أن الحديث أوجب رد الصاع وهو أوجب قيمته .

                                                                                        [ ص: 49 - 50 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 49 - 50 ] قوله وأكل العذار ) في نسخة الرملي وأكل العذرة وكتب عليها فقال وفي نسخة العذار ( قوله وكونها وكون العبد أكولا إلخ ) عبارة الفتح وقلة الأكل في البقرة ونحوها وكثرته في الإنسان وقيل في الجارية عيب لا الغلام ولا شك أنه لا فرق إذا أفرط [ ص: 51 ]

                                                                                        ( قوله والفدع عوج إلخ ) الفدع بالفاء وبالدال والعين المهملتين ( قوله والأصبعان عيبان ) أي فلا يبرأ إذا كانت البراءة عن عيب واحد كذا نقل عن الفتاوى الهندية




                                                                                        الخدمات العلمية