( قوله : وندب ) لما رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه تأخير الفجر الترمذي { } وحمله على تبين طلوعه يأباه ما في صحيح أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر { ابن حبان } أطلقه فشمل الابتداء والانتهاء فيستحب البداءة بالإسفار والختم به خلافا كلما أصبحتم بالصبح فهو أعظم للأجر فإنه نقل عن الأصحاب استحباب البداءة بالغلس والختم بالإسفار والأول ظاهر الرواية كما في العناية وقالوا يسفر بها بحيث لو ظهر فساد صلاته يمكنه أن يعيدها في الوقت بقراءة مستحبة وقيل يؤخرها جدا ; لأن الفساد موهوم فلا يترك المستحب لأجله ، وهو ظاهر إطلاق الكتاب لكن لا يؤخرها بحيث يقع الشك في طلوع الشمس وفي السراج الوهاج حد الإسفار أن يصلي في النصف الثاني ولا يخفى أن الحاج للطحاوي بمزدلفة لا يؤخرها وفي المبتغى بالغين المعجمة الأفضل للمرأة في الفجر الغلس وفي غيرها الانتظار إلى فراغ الرجال عن الجماعة .
( قوله : لرواية وظهر الصيف ) أي ندب تأخيره { البخاري } والمراد الظهر ; لأنه جواب السؤال عنها وحده أن يصلي قبل المثل أطلقه فأفاد أنه لا فرق بين أن يصلي بجماعة أو لا وبين أن يكون في بلاد حارة أو لا وبين أن يكون في شدة الحر أو لا ولهذا قال في المجمع ونفضل الإبراد بالظهر مطلقا فما في السراج الوهاج من أنه إنما يستحب الإبراد بثلاثة شروط ففيه نظر بل هو مذهب كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة على ما قيل والجمعة كالظهر أصلا واستحبابا في الزمانين كذا ذكره الشافعي الإسبيجابي . ( قوله : والعصر ما لم تتغير ) أي ندب تأخيره ما لم تتغير الشمس لرواية أبي داود { } أطلقه فشمل الصيف والشتاء لما في ذلك من تكثير النوافل لكراهتها بعد العصر وأراد بالتغير أن تكون الشمس بحال لا تحار فيها العيون على الصحيح فإن تأخيرها إليه مكروه لا الفعل ; لأنه مأمور بها منهي عن تركها فلا يكون الفعل مكروها ، كذا في السراج ولو شرع فيه قبل التغير فمده إليه لا يكره ; لأن الاحتراز عن الكراهة مع الإقبال على الصلاة متعذر فجعل عفوا ، كذا في غاية البيان كان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية حكم الصلاة في الاستحباب تعجيلا وتأخيرا صيفا وشتاء كما سنذكره في بابه إن شاء الله تعالى . ( قوله : وحكم الآذان لما رواه والعشاء إلى الثلث ) أي ندب تأخيرها إلى ثلث الليل الترمذي وصححه { } وفي مختصر لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه إلى ما قبل الثلث لرواية القدوري { البخاري } ومقتضاه أنه لا يستحب تأخيرها إلى الثلث بخلاف الأول ووفق بينهما في شرح المجمع كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل لابن الملك بحمل الأول على الشتاء والثاني على الصيف لغلبة النوم . ا هـ .
وأطلقه فشمل الصيف والشتاء وقيل يستحب تعجيل العشاء في الصيف لئلا تتقلل الجماعة وأفاد أن التأخير إلى نصف الليل ليس بمستحب وقالوا إنه مباح وإلى ما بعده مكروه وقيل إلى ما بعد الثلث مكروه وروى وغيره أنه عليه الصلاة والسلام { الإمام أحمد } وقيد كان يستحب أن يؤخر العشاء وكان يكره [ ص: 261 ] النوم قبلها والحديث بعدها كراهة النوم قبلها بمن خشي عليه فوت وقتها أو فوت الجماعة فيها وإلا فلا وقيد الشارح كراهة الحديث بعدها بغير الحاجة ، أما لها فلا وكذا قراءة القرآن والذكر وحكايات الصالحين ومذاكرة الفقه والحديث مع الضيف وفي الظهيرية ويكره الكلام بعد انفجار الصبح وإذا صلى الفجر جاز له الكلام ، وفي القنية الطحاوي يكره كراهة تحريم . ( قوله : والوتر إلى آخر الليل لمن يثق بالانتباه ) أي وندب تأخيره لرواية الصحيحين { تأخير العشاء إلى ما زاد على نصف الليل والعصر إلى وقت اصفرار الشمس والمغرب إلى اشتباك النجوم } والأمر للندب لرواية اجعلوا آخر صلاتكم وترا الترمذي { } وهي أفضل وهو دليل مفهوم قوله لمن يثق به وإذا من خشي منكم أن لا يستيقظ من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع منكم أن يوتر في آخر الليل فليوتر من آخر الليل فإن قراءة القرآن في آخر الليل محضورة لا كراهة فيه ولا يعيد الوتر ولزمه ترك الأفضل المفاد بحديث الصحيحين . ( قوله : وتعجيل ظهر الشتاء ) أي وندب أوتر قبل النوم ، ثم استيقظ وصلى ما كتب له لما روينا في ظهر الصيف وفي الخلاصة من أخر الإيمان إن كان عندهم حساب يعرفون به الشتاء والصيف فهو على حسابهم وإن لم يكن فالشتاء ما اشتد فيه البرد على الدوام والصيف ما يشتد فيه الحر على الدوام ، فعلى قياس هذا الربيع ما ينكسر فيه البرد على الدوام والخريف ما ينكسر فيه الحر على الدوام ومن مشايخنا من قال الشتاء ما يحتاج الناس فيه إلى شيئين إلى الوقود ولبس الحشو والصيف ما يستغنى فيه عنهما والربيع والخريف ما يستغنى عن أحدهما . ا هـ . تعجيل ظهر الشتاء
ولم أر من تكلم على حكم صلاة الظهر في الربيع والخريف والذي يظهر أن الربيع ملحق بالشتاء في هذا الحكم والخريف ملحق بالصيف فيه . ( قوله : والمغرب ) أي وندب تعجيلها لحديث الصحيحين { } ويكره تأخيرها إلى اشتباك النجوم لرواية كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب { أحمد } ذكره الشارح وفيه بحث إذ مقتضاه الندب لا الكراهة لجواز الإباحة وفي المبتغى بالمعجمة ويكره تأخير المغرب في رواية وفي أخرى لا ما لم يغب الشفق الأصح هو الأول إلا من عذر كالسفر ونحوه أو يكون قليلا وفي الكراهة بتطويل القراءة خلاف . ا هـ . لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم
وفي الأسرار تعجيل الصلاة أداؤها في النصف الأول من وقتها وفي فتح القدير تعجيلها هو أن لا يفصل بين الأذان والإقامة إلا بجلسة خفيفة أو سكتة على الخلاف الذي سيأتي وتأخيرها لصلاة ركعتين مكروهة وما روى الأصحاب عن أنه أخرها حتى بدا نجم فأعتق رقبة يقتضي أن ذلك القليل الذي لا يتعلق به كراهة هو ما قبل ظهور النجم ، وفي المنية لا يكره للسفر وللمائدة أو كان يوم غيم وذكر ابن عمر الإسبيجابي إذا بدءوا بالمغرب ، ثم بها ، ثم بسنة المغرب . ا هـ . وقد تقدم أن كراهة تأخيرها تحريمية . جيء بجنازة بعد الغروب
[ ص: 260 ]