الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وأمة تبين أنه عبد ، وكذا عكسه ) أي لم يجز بيع أمة ظهر أنه عبد وعكسه ، وهو بيع عبد تبين أنه جارية بخلاف ما إذا باع كبشا فإذا هو نعجة حيث ينعقد البيع ، ويتخير الفرق يبتنى على الأصل الذي ذكرناه في النكاح لمحمد ، وهو أن الإشارة مع التسمية إذا اجتمعتا ففي مختلفي الجنس يتعلق العقد بالمسمى ، ويبطل لانعدامه ، وفي متحدي الجنس يتعلق بالمشار إليه ، وينعقد لوجوده ، ويتخير لفوات الوصف كمن اشترى عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب ، وفي مسألتنا الذكر والأنثى من بني آدم جنسان للتفاوت في الأغراض ، وفي الحيوانات جنس واحد للتقارب فيها ، وهو المعتبر دون الأصل كالخل والدبس جنسان والوذاري والزنديجي على ما قالوا جنسان مع اتحاد أصلهما كذا في الهداية ، والأصل المذكور لمحمد رحمه الله تعالى متفق عليه هنا ، ويجري في سائر العقود من النكاح والإجارة والصلح عن دم العمد والخلع والعتق على مال ، والبيع في مسألة الكتاب باطل لعدم المبيع ، وبه ظهر أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان فقها ، وإن اتحدا جنسا في المنطق لأنه الذاتي المقول على كثيرين مختلفين بمميز داخل ، والجنس في الفقه المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا فالجنسان ما يتفاوت الغرض منهما فاحشا بلا نظر إلى الذاتي .

                                                                                        والوذاري بفتح الواو وكسرها وإعجام الذال ثم راء مهملة نسبة إلى وذار قرية من قرى سمرقند ، والزنديجي بزاي أي ثم نون ثم دال مهملة ثم ياء ثم جيم نسبة إلى زندنة بفتح الزاي والنون الأخيرة ، والجيم زيدت على خلاف القياس مع اتحاد أصلهما هكذا ذكر صاحب الهداية عن المشايخ قال في فتح القدير ، ومن المختلفي الجنس ما إذا باع فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج فالبيع باطل ، ولو باعه ليلا على أنه ياقوت أحمر فظهر أصفر صح ، ويخير كما إذا باع عبدا على أنه خباز فإذا هو كاتب هكذا ذكر المصنف ، وإن كانت صناعة الكتابة أشرف عند الناس من الخبز ، وكان المصنف ممن لا يفرق من المشايخ بين كون الصفة التي ظهرت خيرا من الصفة التي عينت أو لا في ثبوت الخيار كما أطلق في المحيط ثبوت الخيار ، وذهب آخرون منهم صدر الإسلام وظهير الدين إلى أنه إنما يثبت إذا كان الموجود أنقص ، وصحح الأول لفوات غرض المشتري ، وكان مستند المفصلين ما تقدم فيمن اشترى عبدا على أنه كافر فإذا هو مسلم لا خيار له لأنه خير مما عين ، وقد يفرق بأن الغرض ، وهو استخدام العبد بما لا يليق به لا يتفاوت بين مسلم وكافر من الزراعة وأمورها أو التجارة وأمورها بخلاف تعيين الخبز أو الكتابة فإنه يفيد أن حاجته التي لأجلها اشتري هي هذا الوصف . ا هـ .

                                                                                        وقد ظهر من كلامهم أن من اشترى فصوصا ثم اختلفا قال المشتري شرطت لي ياقوتا ، وأنكره البائع أنه إن كان ما ظهر من خلاف جنس الياقوت تحالفا ، وفسخ البيع لأن الاختلاف في جنس المبيع ، وإن كان ما ظهر من جنسه ، وإنما الفائت الوصف فإن كان المبيع بمرأى من عين المشتري وقت البيع فلا خيار له ، ولو أقر البائع بالشرط لما قدمناه عن قاضي خان في شرح اشتراط الخبز والكتابة قبيل باب خيار الرؤية ، وإلا فالقول للبائع لأن الاختلاف في اشتراط وصف كالاختلاف في اشتراط الخبز ، ولذا صورها في الفتح بما إذا اشترياه ليلا [ ص: 90 ] لإخراج ما إذا كان نهارا بمرأى من عينه ، وقد صارت حادثة الفتوى ، وأجبت بما ذكرناه ، والله الموفق للصواب .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله كذا ذكر المصنف ) أي صاحب الهداية ( قوله بما لا يليق به ) أي بالسيد تأمل




                                                                                        الخدمات العلمية