قوله ( ولو كان مضاربا بالنصف يبيعه رب المال باثني عشر ونصف ) لأن هذا البيع ، وإن قضي بجوازه عندنا عند عدم الربح خلافا مع أنه يشتري ماله بماله لما فيه من استفادة ولاية التصرف ، وهو مقصود ، والانعقاد يتبع الفائدة ففيه شبهة العدم ألا ترى أنه وكيل عنه في البيع الأول من وجه فاعتبر البيع الثاني عدما في حق نصف الربح ، ولم يذكر لزفر المصنف والشارح ما إذا كان البائع رب المال ، والمشتري المضارب ، وقد سوى بينهما في السراج الوهاج فقال ولو فإنه يبيعه مرابحة على أقل الضمانين وحصة المضارب من الربح لكن لو قال وحصة الآخر لكان أولى ليشمل رب المال ، ولكن قال بعده لو اشترى من مضاربه أو مضاربه منه فإن المضارب يبيعها مرابحة على ألف ومائتين وخمسين إلا أن يبين . ا هـ . اشترى من رب المال سلعة بألف تساوي ألفا وخمسمائة فباعها من المضارب بألف وخمسمائة
وذكر المصنف في كتاب المضاربة تبعا لما في الهداية رابح بنصفه ، وعلله في الهداية من المضاربة بأن هذا البيع يقضى بجوازه لتغاير المقاصد دفعا للحاجة ، وإن كان بيع ملكه بملكه إلا أن فيه شبهة العدم وإن اشترى من المالك بألف عبدا اشتراه بنصفه والاحتراز عن شبهة الخيانة فاعتبر أقل الثمنين ا هـ . ومبنى المرابحة على الأمانة
وهذا لا يخالف مسألة الكتاب هنا لأنها فيما إذا كان البائع المضارب من رب المال ، وفي المضاربة فيما إذا كان رب المال هو البائع من المضارب ، ولكن يحتاج إلى الفرق ، وكأنه إنما لم يضم المضارب نصيب رب المال لما في البناية أن العقدين وقعا لرب المال ، ولم يقع للمضارب منه إلا قدر مائة فوجب اعتبار هذه المائة ، وفيما يقع لرب المال لم يعتبر الربح لاحتمال بطلان العقد الثاني . ا هـ .
ومن العجب قول الشارح الزيلعي في المضاربة في شرح قوله ، وإن اشترى من المالك إلى آخره ، ولو كان بالعكس بأن يبيعه مرابحة على خمسمائة لأن البيع الجاري بينهما كالمعدوم فتبنى المرابحة على ما اشتراه به المضارب كأنه اشتراه له ، وناوله إياه من غير بيع . ا هـ . اشترى المضارب عبدا بخمسمائة فباعه من رب المال بألف
وهو سهو لمخالفته الرواية في باب المرابحة وكتاب المضاربة ، وقد صرح في الهداية في الموضعين بضم حصة المضارب إلى رأس المال [ ص: 123 ] وهو تناقض منه أيضا لموافقته على ذلك ، وتصريحه بالضم في بابها ، ولم أر له سلفا ، ولا من نبه على ذلك في الموضعين ، وقد كنت قديما في ابتداء اشتغالي حملت كلام الزيلعي في المضاربة على أنه اشترى ببعض رأس المال ، وكلامهم في باب المرابحة على ما إذا اشترى المضارب بالجميع لتصريحه في المبسوط بأن الربح لا يظهر إلا بعد تحصيل رأس المال ا هـ .
فإذا كان رأس المال ألفا واشترى بنصفها عبدا وباعه بألف لم يظهر الربح لعدم الزيادة على رأس المال لاحتمال هلاك الخمسمائة الباقية فإذا لم يظهر الربح فلا شيء للمضارب حتى يضم ، وأما إذا اشترى بالألف وباعه بألف وخمسمائة فقط ظهر الربح فتضم حصة المضارب إلى المال ، وهذا التقرير إن شاء الله تعالى من خواص هذا الشرح بحوله وقوته .
[ ص: 122 ]