قوله ( ويرابح بلا بيان بالتعيب ، ووطء الثيب ) لأنه لم يحبس عنده شيء بمقابلة الثمن لأن الأوصاف تابعة لا يقابلها الثمن ، ولهذا لو فاتت قبل التسليم لا يسقط شيء من الثمن ، وكذا منافع البضع لا يقابلها الثمن ، وأطلق في قوله بلا بيان ، ومراده بلا بيان أنه اشتراه سليما فتعيب عنده أما بيان نفس العيب القائم به فلا بد منه لئلا يكون غاشا له للحديث الصحيح { من غش فليس منا } ، وفي الخلاصة قبيل [ ص: 124 ] الصرف رجل أراد أن يبيع سلعة معيبة ، وهو يعلم يجب أن يبينها ، ولو لم يبين قال بعض مشايخنا يصير فاسقا مردود الشهادة قال الصدر الشهيد ، ولا نأخذ به ا هـ .
وأطلق في وطء الثيب ، ومراده ما إذا لم ينقصها الوطء أما إذا نقصها فهو كوطء البكر ، والتعيب مصدر تعيب أي صار معيبا بلا صنع أحد بل بآفة سماوية ، ويلحق به ما إذا كان بصنع المبيع ، وشمل ما إذا كان نقصان العيب يسيرا أو كثيرا ، وعن محمد أنه إن نقصه قدرا لا يتغابن الناس فيه لا يبيعه مرابحة بلا بيان ، ودل كلامه أنه لو نقص بتغير السعر بأمر الله تعالى لا يجب عليه أن يبين بالأولى أنه اشتراه في حال غلائه ، وكذا لو اصفر الثوب أو احمر لطول مكثه أو توسخ ، وأورد على قولهم الفائت وصف لا يقابله بشيء من الثمن ما إذا اشتراه بأجل فإن الأجل وصف ، ومع ذلك لا يجوز بيعه مرابحة بلا بيان ، وأجيب بإعطاء الأجل جزءا من الثمن عادة فكان كالجزء ، وأورد على قولهم منافع البضع لا يقابلها شيء من الثمن ما إذا اشترى جارية فوطئها ثم وجد بها عيبا امتنع ردها ، وإن كانت ثيبا وقت الشراء لاحتباسه جزءا من المبيع عنده ، وأجيب بأن عدم الرد إنما هو لمانع ، وهو أنه إذا ردها فلا يخلو إما مع العقر احترازا عن الوطء مجانا أو من غير عقر لا وجه إلى الأول لعود الجارية مع زيادة ، والزيادة تمنع الفسخ ، ولا إلى الثاني لسلامة الوطء له بلا عوض ، وهو لا يجوز فأورد الواهب إذا رجع في هبته بعد وطء الموهوب له حيث يصح ، ولا شيء على الواطئ لسلامتها كلها بلا عوض له فالوطء أولى بخلاف البيع .
قوله ( وببيان بالتعيب ووطء البكر ) أي يرابح مع البيان إذا عيبه المشتري أو غيره لأنها صارت مقصودة بالإتلاف فيقابلها شيء من الثمن ، وكذا إذا وطئها وهي بكر لأن العذرة جزء من العين فيقابلها شيء من الثمن وقد حبسها ، وشمل ما إذا تكسر الثوب بنشره وطيه ، ودخل تحت الأول ما إذا أصاب الثوب قرض فأر أو حرق نار ، والقرض بالقاف والفاء ، والتعيب مصدر عيبه إذا أحدث فيه عيبا ، وأطلقنا في تعييب غير المشتري فشمل ما إذا أخذ المشتري الأرش أو لا ، وما إذا كان بأمر المشتري أو بغير أمره ، وما وقع في الهداية من التقييد بقوله ، وأخذ المشتري أرشه اتفاقي للوجوب كما في فتح القدير ثم اعلم أن زفر قال لا يرابح إلا بالبيان في المسألتين ، واختاره الفقيه أبو الليث فقال وقول زفر أجود ، وبه نأخذ ، ورجحه في فتح القدير .
وأشار المؤلف رحمه الله تعالى بالمسألة الأولى إلى أنه إذا وجد بالمبيع عيبا فرضي به كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الذي اشتراه به لأن الثابت له خيار فإسقاطه لا يمنع من البيع مرابحة كما لو كان فيه خيار شرط أو رؤية ، وكذا لو اشتراه مرابحة فاطلع على خيانة فرضي به كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به لما ذكرنا أن الثابت له مجرد خيار كذا في فتح القدير .
[ ص: 124 ]


