( قوله : وعن ) أي منع عن الجمع بينهما في وقت واحد بسبب العذر للنصوص القطعية بتعيين الأوقات فلا يجوز تركه إلا بدليل مثله ولرواية الصحيحين قال الجمع بين الصلاتين في وقت بعذر { عبد الله بن مسعود بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع } ، وأما ما روي من الجمع بينهما فمحمول على الجمع فعلا بأن صلى الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها ويحمل تصريح الراوي بالوقت على المجاز لقربه منه والمنع عن الجمع المذكور عندنا مقتض للفساد إن كان جمع تقديم وللحرمة إن كان جمع تأخير مع الصحة كما لا يخفى وذهب والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا لوقتها إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر وغيره من الأئمة إلى جواز الشافعي ، وقد شاهدت كثيرا من الناس في الأسفار خصوصا في سفر الحج ماشين على هذا تقليدا للإمام الجمع للمسافر بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في ذلك إلا أنهم يخلون بما ذكرت الشافعية في كتبهم من الشروط له فأحببت إيرادها إبانة لفعله على وجهه لمريده ، اعلم أنهم بعد أن اتفقوا على أن فعل كل صلاة في وقتها أفضل إلا للحاج في الظهر والعصر الشافعي بعرفة وفي حق المغرب والعشاء بمزدلفة قالوا شروط التقديم ثلاثة البداءة بالأولى ونية الجمع بينهما ومحل هذه النية عند التحريم أعني في الأولى ويجوز في أثنائها في الأظهر ولو نوى مع السلام منها جاز على الأصح والموالاة بأن لا يطول بينهما فصل ، فإن طال وجب تأخير الثانية إلى وقتها ولا يضر فصل يسير وما عده العرف فصلا طويلا فهو طويل يضر ومالا فلا وللمتيمم الجمع على الصحيح ولا يشترط على الصحيح في جوازنا تأخير الأولى إلى الثانية سوى تأخيرها بنية الجمع بينهما والأصح أنه إن نوى ، وقد بقي من الوقت ما يسع ركعة كفى على ما في الرافعي والروضة واعتبر في شرح المهذب قدر الصلاة ، فإن لم ينو كما ذكرنا وأخر عصى في التأخير وكانت صلاته قضاء قالوا وإذا كان سائرا وقت الأولى فتأخيرها إلى وقت الثانية أفضل ، وإن كان نازلا فتقديم الثانية إلى وقت الأولى أفضل ذكره ابن أمير حاج في مناسكه والله سبحانه وتعالى أعلم .