( باب الأذان ) [ ص: 268 ] هو لغة الإعلام ومنه قوله تعالى { وأذان من الله ورسوله } وشرعا إعلام مخصوص في وقت مخصوص وسببه الابتدائي أذان جبريل عليه السلام ليلة الإسراء وإقامته حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم إماما بالملائكة وأرواح الأنبياء ، ثم رؤيا الملك النازل من السماء في المنام وهو مشهور وصححه عبد الله بن زيد الإسبيجابي واختلف في هذا الملك فقيل جبريل وقيل غيره ، كذا في العناية والبقائي دخول الوقت ودليله الكتاب { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } والسنة والإجماع وصفته ستأتي الألفاظ المخصوصة وكيفيته معلومة ، وأما سننه فنوعان سنن في نفس الأذان وسنن في وركنه ، أما الأول فسيأتي ، وأما الثاني فأن يكون رجلا عاقلا ثقة عالما بالسنة وأوقات الصلاة فأذان الصبي العاقل ليس بمستحب ولا مكروه في ظاهر الرواية فلا يعاد ويشهد له الحديث { صفات المؤذن } وصرحوا بكراهة أذان الفاسق من غير تقييد بكونه عالما أو غيره ، ثم يدخل في كونه خيارا أن لا يأخذ على الأذان أجرا فإنه لا يحل للمؤذن ولا للإمام لحديث وليؤذن لكم خياركم أبي داود { } قالوا : فإن لم يشارطهم على شيء لكن عرفوا حاجته فجمعوا له في وقت شيئا كان حسنا ويطيب له وعلى هذا المفتي لا يحل له أخذ شيء على ذلك لكن ينبغي للقوم أن يهدوا إليه ، كذا في فتح القدير وهو على قول المتقدمين واتخذ مؤذنا لا يأخذ على الأذان أجرا
أما على المختار للفتوى في زماننا فيجوز أخذ الأجر للإمام والمؤذن والمعلم والمفتي كما صرحوا به في كتاب الإجارات وفي فتاوى قاضي خان المؤذن إذا لم يكن عالما بأوقات الصلاة لا يستحق ثواب المؤذنين قال في فتح القدير ففي أخذ الأجر أولى . ا هـ .
وقد يمنع لما أنه في الأول للجهالة الموقعة في الغرر لغيره بخلافه في الثاني وهل يستحق المعلوم المقدر في الوقف للمؤذن لم أره في كلام أئمتنا وصرح النووي في شرح المهذب بأنه لم يصح أذانه فيمن يولي ويرتب للأذان واختلف هل قيل بالأول للآية { الأذان أفضل أم الإمامة ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله } فسرته عائشة بالمؤذنين وللحديث { } واختلف في معناه على أقوال قيل أطول الناس رجاء يقال طال عنقي إلى وعدك أي رجائي وقيل أكثر الناس اتباعا يوم القيامة ; لأنه يتبعهم كل من يصلي بأذانهم يقال جاءني عنق من الناس أي جماعة وقيل أعناقهم تطول حتى لا يلجمهم العرق يوم القيامة وقيل إعناقا بكسر الهمزة أي هم أشد الناس إسراعا في السير وقيل الإمامة أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا أئمة ولم يكونوا مؤذنين وهم لا يختارون من الأمور إلا أفضلها وقيل هما سواء المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة
وذكر الفخر الرازي في تفسير سورة المؤمنون إن بعض العلماء اختار الإمامة فقيل له في ذلك فقال أخاف إن تركت الفاتحة أن يعاتبني وإن قرأتها مع الإمام أن يعاتبني الشافعي فاخترت الإمامة طلبا للخلاص من هذا الاختلاف . ا هـ . أبو حنيفة
وقد كنت أختارها لهذا المعنى بعينه قبل الاطلاع على هذا النقل والله الموفق واختار المحقق ابن الهمام أنها أفضل لما ذكرناه وقول لولا الخليفى لأذنت لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها فيفيد أن الأفضل كون الإمام هو المؤذن وهذا مذهبنا وعليه كان عمر كما علم من إخباره . ا هـ . أبو حنيفة
وفي القنية وينبغي أن يكون المؤذن مهيبا ويتفقد أحوال الناس ويزجر المتخلفين عن الجماعات ولا يؤذن لقوم آخرين إذا صلى في مكانه ويسن والإقامة على الأرض وفي أذان المغرب اختلاف المشايخ . ا هـ . الأذان في موضع عال
والظاهر أنه يسن أيضا كما سيأتي وفي السراج الوهاج وينبغي للمؤذن أن يؤذن في موضع يكون أسمع للجيران ويرفع صوته ولا يجهد نفسه ; لأنه يتضرر بذلك وفي الخلاصة ولا يؤذن في المسجد وفي الظهيرية وولاية الأذان والإقامة لمن بنى المسجد وإن كان فاسقا [ ص: 269 ] والقوم كارهون له وكذا الإمامة إلا أن ههنا استثنى الفاسق ا هـ . يعني في الإمامة . المكان العالي في أذان المغرب