( قوله : والإقامة مثله ) أي مثل الأذان في كونه سنة الفرائض فقط وفي عدد كلماته وفي ترتيبها لحديث الملك النازل من السماء فإنه أذن مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى ولحديث الترمذي عن أبي محذورة { } ، وإنما قال تسع عشرة كلمة لأجل الترجيع وإلا فالأذان عندنا خمس عشرة كلمة وهذا الحديث لم يعمل بمجموعه الفريقان فإن الشافعية لا يقولون بتثنية الإقامة والحنفية لا يقولون بالترجيع ، وأما ما رواه علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة { البخاري أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة بلال } فمحمول على إيتار صوتها بأن يحدر فيها كما هو المتوارث ليوافق ما رويناه من النص الغير المحتمل لا إيتار ألفاظها ويدل عليه أن الشافعية لا يقولون بإيتار التكبير بل هو مثنى في الإقامة عندهم ، وقد قال أمر تواترت الآثار عن الطحاوي أنه كان يثني الإقامة حتى مات ، وفي الخلاصة وإن أذن رجل وأقام آخر بإذنه لا بأس به وإن لم يرض به الأول يكره وهذا اختيار الإمام بلال خواهر زاده وجواب الرواية أنه لا بأس به مطلقا ويدل عليه إطلاق ما في المجمع حيث قال : ولا نكرهها من غيره فما ذكره ابن الملك في شرحه من أنه لو حضر ولم يرض بإقامة غيره يكره اتفاقا فيه نظر
وفي الفتاوى الظهيرية والأفضل [ ص: 271 ] أن يكون المقيم هو المؤذن ولو أقام غيره جاز والظاهر أن الإقامة آكد في السنية من الأذان كما صرح به في فتح القدير ولهذا قالوا يكره تركها للمسافر دون الأذان ، وقالوا إن المرأة تقيم ولا تؤذن وفي الخلاصة والإقامة أفضل من الأذان وفي القنية ذكر في الصلاة أنه كان محدثا فقدم رجلا جاء ساعتئذ لا تسن إعادة الإقامة ويدخل في المثلية تحويل وجهه بالصلاة والفلاح فيها كالأذان ورفع الصوت بها كهو كما صرح به في القنية إلا أن الإقامة أخفض منه كما في غاية البيان فقول الشارح في عدد الكلمات فيه نظر . ( قوله ويزيد بعد فلاحها قد قامت الصلاة مرتين ) لحديث أبي محذورة وفي روضة الناطفي أكره للمؤذن أن يمشي في إقامته وفي الخلاصة إذا انتهى المؤذن إلى قد قامت الصلاة إن شاء أتمها في مكانه وإن شاء مشى إلى مكان الصلاة إماما كان المؤذن أو غيره وفي السراج الوهاج إن كان المؤذن غير الإمام أتمها في موضع البداية من غير خلاف وفي الظهيرية ولو أخذ المؤذن في الإقامة ودخل رجل في المسجد فإنه يقعد إلى أن يقوم الإمام في مصلاه وفي القنية ولا ينتظر المؤذن ولا الإمام لواحد بعينه بعد اجتماع أهل المحلة إلا أن يكون شريرا وفي الوقت سعة فيعذر وقيل يؤخر .
( قوله : ويترسل فيه ويحدر فيها ) أي أن يفصل بين كلمتي الأذان بسكتة بخلاف الإقامة للتوارث ولحديث يتمهل في الأذان ويسرع في الإقامة وحده الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال { لبلال } فكان سنة فيكره تركه ولأن المقصود من الأذان الإعلام والترسل بحاله أليق ومن الإقامة الشروع في الصلاة والحدر بحاله أليق وفسر الترسل في الفوائد بإطالة كلمات الأذان والحدر قصرها وإيجازها وفي الظهيرية ولو جعل الأذان إقامة يعيد الأذان ولو جعل الإقامة أذانا لا يعيد ; لأن تكرار الأذان مشروع دون الإقامة فما ذكره إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فاحدر المصنف في الكافي من أنه لو ترسل فيهما أو حدر فيهما أو ترسل في الإقامة وحدر في الأذان جاز لحصول المقصود وهو الإعلام وترك ما هو زينة لا يضر يدل على عدم الكراهة والإعادة ، وفي فتاوى قاضي خان أذن ومكث ساعة ، ثم أخذ في الإقامة فظنها أذانا فصنع كالأذان فعرف يستقبل الإقامة ; لأن السنة في الإقامة الحدر فإذا ترسل ترك سنة الإقامة وصار كأنه أذن مرتين . ا هـ .
لكن قال في المحيط ولو جعل الأذان إقامة لا يستقبل ولو جعل الإقامة أذانا يستقبل ; لأن في الإقامة التغير وقع من أولها إلى آخرها ; لأنه لم يأت بسنتها وهو الحدر وفي الأذان التغير من آخره ; لأنه أتى بسنته في أوله وهو الترسل فلهذا لا يعيد . ا هـ .
وهو مخالف لما في الظهيرية لكن تعليله يفيد أن المراد بجعل الأذان إقامة أنه أتى فيه بقوله قد قامت الصلاة مرتين فليكن هو المراد مما في الظهيرية وتصير مسألة أخرى غير ما في الخانية والكافي وهو الظاهر ويسكن كلمات الأذان والإقامة لكن في الأذان ينوي الحقيقة وفي الإقامة ينوي الوقف [ ص: 272 ] ذكره الشارح وفي المبتغى والتكبير جزم وفي المضمرات أنه بالخيار في التكبيرات إن شاء ذكره بالرفع وإن شاء ذكره بالجزم وإن كرر التكبير مرارا فالاسم الكريم مرفوع في كل مرة وذكر أكبر فيما عدا المرة الأخيرة بالرفع وفي المرة الأخيرة هو بالخيار إن شاء ذكره بالرفع وإن شاء ذكره بالجزم .
[ ص: 271 ]