قوله ( ولو لم يكن قضاء بخلاف المبيع ) أي لو أمر رب السلم أن يكيله في ظرفه ففعل وهو غائب صح والفرق أن رب السلم حقه في الذمة ولا يملكه إلا بالقبض فلم يصادف أمره ملكه فلا يصح فيكون المسلم إليه مستعيرا للظرف جاعلا فيه ملك نفسه كالدائن إذا دفع كيسا إلى المدين وأمره أن يزن دينه ويجعله فيه لم يصر قابضا بوزنه فيه وصح الأمر في البيع لمصادفته ملكه لكونه صار مالكا للعين بنفس العقد فصار البائع وكيلا عنه في إمساك الغرائر فصارت في يد المشتري حكما وصار الواقع فيها واقعا في يد المشتري وأشار اشترى مكيلا معينا ودفع المشتري إلى البائع ظرفا وأمره أن يكيله في ظرفه ففعل البائع والمشتري غائب المصنف بالفرق إلى مسائل الأولى لو كان الطحين للمشتري ، ولو أمر رب السلم كان الطحين للمسلم إليه ، فلو أخذ رب السلم الدقيق كان حراما ; لأنه أمر المشتري البائع بطحن الطعام ، كذا في فتح القدير . استبدال بالمسلم فيه قبل قبضه
الثانية لو وليس ذلك إلا باعتبار صحة الأمر وعدمها الثالثة يكتفي بكيل البائع في الشراء على الصحيح بخلاف السلم قيدنا بكون الظرف للمشتري ; لأنه لو كان للبائع فأمره المشتري بالكيل فيه ففعل لم يصر قابضا لكون المشتري استعار ظرفه ولم يقبضها فلا يصير في يده فكذا ما يقع فيه فصار كما لو أمره أن يكيله في ناحية من بيت البائع فإن المشتري لا يكون قابضا فإن البيت بنواحيه في يد البائع ، وفي البدائع لو أمره المشتري أن يصبه في البحر ففعل هلك من مال المشتري وفي السلم يهلك من مال المسلم إليه صار قابضا بالتخلية إجماعا إن كان المشتري حاضرا وإلا لا ما لم يسلمها إليه عند استعار المشتري من البائع غرائره وأمره أن يكيله فيها ففعل سواء كانت الغرائر بعينها أو لا وقال محمد إن كانت بعينها صار قابضا وإلا لا . ا هـ . أبو يوسف
وقيد بقوله وهو غائب لأنه إذا كان حاضرا صار المسلم إليه قابضا سواء كانت الغرائر له أو للبائع أو كانت مستأجرة وبه صرح ، كذا في البناية والتقييد بظرف الآمر ليفهم منه حكم ما إذا كان أمره بكيله في ظرف المسلم إليه بالأولى ، وقد سوى بينهما في البدائع وأشار الفقيه أبو الليث المؤلف بالفرق بينهما إلى أنه لو فإن بدأ المأمور بوضع العين صار الآمر قابضا للعين والدين أما العين فلصحة القبض بصحة الآمر وأما الدين فلاتصاله بملكه لكون العين صارت في يده حكما وبمثله يصير قابضا كمن اجتمع الدين والعين بأن اشترى كرا معينا وله على البائع كر دين والظرف للمشتري فأمره أن يجعلها فيه صح الأمر وصار المستقرض قابضا له وكمن استقرض حنطة وأمره أن يزرعها في أرضه صح وصار قرضا وفي الإيضاح وليس فيه [ ص: 183 ] أنه إذا هلك قبل التسليم هل يصير قابضا أم لا قال وإن جعلناه قابضا فالوجه فيه أن الخلط استهلاك وهو من أسباب التملك وإن بدأ بالدين ، ثم بالعين لم يصر قابضا أما الدين فلعدم صحة الأمر به . دفع إلى صانع خاتما وأمره أن يزيده من عنده نصف دينار
وأما العين فلأنه خلطه بملك نفسه قبل التسليم بحيث لا يتميز فصار مستهلكا للبيع عند رحمه الله تعالى فينتقض البيع وهذا الخلط غير مرضي به من جهة المشتري لجواز أن يكون مراده البداءة بالعين أبي حنيفة وعندهما المشتري بالخيار إن شاء نقض البيع وإن شاء شاركه في المخلوط ; لأن الخلط ليس باستهلاك عندهما ، كذا في الهداية وخصه قاضي خان بقول ، أما عند محمد إذا بدأ بالدين يصير قابضا لهما جميعا كما لو بدأ بالعين ضرورة اتصاله بملكه في الصورتين إذ الخلط ليس باستهلاك ، وقال أبي يوسف يصير قابضا للعين دون الدين فيشتركان فيه ولم يبرأ عن الدين وأشار بقوله في ظرفه إلى أنه لا طعام فيه ، فلو كان في الظرف طعام لرب السلم قبل لا يصير قابضا لما قررنا أن أمره غير معتبر في ملك الغير ، قال في المبسوط والأصح عندي أنه يصير قابضا ; لأن أمره بخلط طعام السلم بطعام على وجه لا يتميز به معتبر فيصير به قابضا ، كذا في فتح القدير وأشار محمد المصنف بمسألة السلم إلى مسألة القرض ، قال في البدائع : وكذلك لو لم يكن قابضا ; لأن القرض لا يملك قبل القبض فكان الكر على ملك المقرض فلم يصح الأمر ا هـ . استقرض من رجل كرا ودفع إليه غرائره ليكيله فيها ففعل وهو غائب