قوله ; لأن براءة الأصيل توجب براءته ; لأنه لا دين عليه في الصحيح وإنما عليه المطالبة فيستحيل بقاؤها بلا دين هكذا ذكر الشارح تبعا للهداية وظاهره أن القائل بأن الكفيل عليه دين لا يبرأ بأداء الأصيل وليس كذلك بل يبرأ إجماعا ; لأن تعدد الدين عند القائل به حكمي فيسقط بأداء واحد . ا هـ . ( وبرئ بأداء الأصيل ) أي برئ الكفيل
( قوله : ولو أبرأ الأصيل أو آخر عنه برئ الكفيل وتأخر عنه ) لما قدمناه أنه يلزم من إبراء الأصيل إبراؤه والتأخير إبراء مؤقت فتعتبر بالإبراء المؤبد وإنما قال أبرأ الأصيل أي أبرأ الطالب ولم يقل لو برئ الأصيل ; لأنه لا يلزم من براءته براءته لما في الخانية ضمن له ألفا على فلان فبرهن فلان أنه كان قضاه إياها قبل الكفالة فإنه يبرأ الأصيل دون الكفيل ولو برهن أنه قضاه بعدها يبرآن . ا هـ .
فقد برئ الأصيل في الوجه الأول فقط ولكن يخرج عنه حينئذ ، مسألة في الخانية هي لو مات الطالب والأصيل وارثه برئ الكفيل أيضا لكون المطلوب ملكا في ذمته فبرأ وبراءته توجب براءته فعلى هذا لو عبر ببرئ لشملها .
ويجاب عما ذكرناه من فرع الخانية السابق بأنه ليس من باب البراءة وإنما تبين أن لا دين على الأصيل [ ص: 246 ] والكفيل عومل بإقراره كما لا يخفى وخرج عن مسألة الكتاب ما إذا تكفل بشرط براءة الأصيل فإن الأصيل يبرأ دون الكفيل لكونها صارت مجازا عن الحوالة وفي جامع الفصولين باع المديون بيع وفاء برئ كفيله فلو تفاسخا لا تعود الكفالة ا هـ .
وهو يدل على أن الدين إذا عاد إلى الأصيل بما هو فسخ لا يعود على الكفيل ، وسيأتي عن التتارخانية بيانه وفي السراج الوهاج ويشترط قبول الأصيل البراءة فإن ردها ارتدت وهل يعود الدين على الكفيل ؟ فيه قولان وموت الأصيل كقبوله وإنما قال أو أخر عنه للاحتراز عما إذا تأخرت المطالبة عن الأصيل لا بتأخير الطالب كالعبد المحجور إذا لزمه شيء بعد عتقه فكفل به إنسان فإن الأصيل تتأخر المطالبة عنه إلى إعتاقه ويطالب كفيله للحال ومنه المكاتب إذا صالح عن دم عمد وكفل به رجل ثم عجز تأخرت المطالبة عن الأصيل دون الكفيل والمسألتان ، في الخانية معللا بأن الأصيل إنما تأخرت عنه لإعساره ومفهومه أن الأصيل لو كان معسرا ليس للطالب مطالبته ويطالب الكفيل لو موسرا ، وفي التتارخانية لو أجل الطالب الأصيل فلم يقبل صار حالا عليهما ولو أجله شهرا ثم سنة دخل الشهر في السنة والآجال إذا اجتمعت انقضت بمرة . ا هـ .
وفي النهاية أن إبراء الأصيل وتأجيله يرتدان بالرد وإبراء الكفيل يرتد بالرد ، وأما تأجيله فلا يرتد بالرد . ا هـ .
قوله ( ولا ينعكس ) أي براءة الكفيل لا توجب براءة الأصيل ولا التأخير عنه يوجب التأخير عن الأصيل لأن عليه المطالبة . وبقاء الدين على الأصيل بدونه جائز قيد بالتأخير أي التأجيل بعد الكفالة بالمال حالا ; لأنه لو كفل بالمال الحال مؤجلا إلى شهر فإنه يتأجل عن الأصيل ; لأنه لا حق له إلا الدين حال وجود الكفالة فصار الأجل داخلا فيه ، أما هاهنا بخلافه ، كذا في الهداية أطلقه في براءة الكفيل فشمل ما إذا قبل أو لم يقبل كما في السراج الوهاج وأشار باقتصاره على عدم براءة الأصيل إلى أن الكفيل إذا أبرأه الطالب فلا رجوع له عليه ، بخلاف ما إذا وهبه الدين أو تصدق به عليه فإن له الرجوع على الأصيل و لا بد من قبول الكفيل في الهبة والصدقة فلو كان الإبراء والهبة بعد موته فقبل الوارث صح فإن رد ورثته ارتد في قول وبطل الإبراء لأنه إبراء لهم ، وقال أبي يوسف لا يرتد بردهم كما لو أبرأه في حياته ثم مات ويستثنى من قوله براءة الكفيل لا توجب براءة الأصيل ما في السراج الوهاج لو محمد برئ الكفيل والأصيل ; لأن الحوالة حصلت بأصل الدين والدين أصله على المكفول عنه فتضمنت الحوالة براءتهما ولو اشترط الطالب وقت الحوالة براءة الكفيل خاصة برئ الكفيل ولا يبرأ المكفول عنه وللطالب أن يأخذ بدينه أيهما شاء إن شاء الأصيل وإن شاء المحال عليه ولا سبيل له على الكفيل حتى يتوى المال على المحال عليه . ا هـ . أحال الكفيل الطالب على رجل فقبل الطالب والمحال عليه
وكذا يستثنى منه ما في الخانية إذا مات الطالب والكفيل وارثه برئ الكفيل عن الكفالة وبقي المال على المكفول عنه على حاله وإن كانت الكفالة بغير [ ص: 247 ] أمره برئ المطلوب أيضا ; لأنه لما مات الطالب صار ذلك المال ميراثا لورثته ، ولو ملك الكفيل المال في حياة الطالب بالقضاء أو الهبة يرجع على المكفول عنه إن كانت الكفالة بأمره وإن كانت بغير أمره لا رجوع . ا هـ .
ففيما إذا مات الطالب والكفيل وارثه وكانت بغير أمره لزم من براءة الكفيل براءة الأصيل ، ثم اعلم أن قول صاحب الهداية فيما قدمناه لو كفل بالمال الحال مؤجلا إلى شهر يتأجل عن الأصيل أيضا محمول على غير القرض لما في التتارخانية ، وإذا كفل بالقرض مؤجلا إلى أجل مسمى فالكفالة جائزة والمال على الكفيل إلى الأجل المسمى وعلى الأصيل حال وعزاه إلى الذخيرة ثم عزا إلى الغياثية لو كفل بالقرض فأخر عن الكفيل جاز ولا يتأخر عن الأصيل ويخالفه ما صرح به في تلخيص الجامع من أنه شامل للقرض ، فإن هذا هو الحيلة في تأجيل القروض وقدمناه في التأجيل وللطرسوسي في أنفع الوسائل كلام فيه فراجعه وفيها ولو كفل بدين مؤجل ثم باعه الكفيل شيئا بالدين قبل حلوله سقط ، ولو أقال البيع أو رد بالتراضي عاد الدين ولم يعد الأجل ولو انفسخت الحوالة بالتوى عاد الأجل .
وكذا لو باع الأصيل الطالب بدينه سقط فلو رد عليه بملك جديد عاد الدين على الأصيل ولم يعد على الكفيل وبالفسخ من كل وجه يعود على الكفيل ولو كان الأجل لأحد الكفيلين أكثر فحل على الآخر وأدى رجع على الأصيل حتى يحل على الآخر أو يرجع الآخر بنصفه ثم يتبعان الأصيل بالنصف . ا هـ .
وإذا لم يكن تأجيل الكفيل تأجيلا للأصيل ، فإذا أدى الكفيل قبل مضي الأجل لا رجوع له على الأصيل حتى يمضي الأجل باتفاق الروايات ، وكذا إذا حل على الكفيل بموته لا يحل على الأصيل وكذا إذا حل على الأصيل بموته لا يحل على الكفيل ، وعن إذا أبي يوسف أخذ ما عليه بالأصالة ، وأما ما عليه بالكفالة يبقى مؤجلا هو الصحيح ، كذا في التتارخانية . كان على رجلين ألف مؤجل وكل واحد كفيل عن صاحبه فمات أحدهما