( قوله : ) للإجماع على أنه فرض في الصلاة كما نقله غير واحد من أئمة النقل إلى أن حدث بعض المالكية فخالف فيه وستر عورته كالقاضي إسماعيل وهو لا يجوز بعد تقرر الإجماع ويعضده قوله تعالى { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } أي محلها والمراد ما يواري عورته عند كل صلاة إطلاقا ، لاسم الحال على المحل في الأول وعكسه في الثاني وقوله صلى الله عليه وسلم { } أي البالغة سميت حائضا ; لأنها بلغت سن الحيض والتقييد بالحائض يخرج التي دون البلوغ لما قال في المحيط مراهقة [ ص: 283 ] صلت بغير وضوء أو عريانة تؤمر بالإعادة وإن صلت بغير قناع فصلاتها تامة استحسانا لقوله عليه الصلاة والسلام { لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار } فلا يتناول غير الحائض ولأن ستر عورة الرأس لما سقط بعذر الرق فبعذر الصبا أولى ; لأنه يسقط بعذر الصبا الخطاب بالفرائض بخلاف غيره من الشرائط لا يسقط بعذر الصبا . ا هـ . لا تصلي حائض بغير قناع
قال أهل اللغة سميت العورة عورة لقبح ظهورها ولغض الأبصار عنها مأخوذة من العور وهو النقص والعيب والقبح ومنه عور العين والكلمة العوراء القبيحة أطلق فيما يستر به فشمل ما يباح لبسه وما لا يباح فلو سترها بثوب حرير وصلى صحت وأثم كالصلاة في الأرض المغصوبة ولو لم يجد غيره يصلي فيه لا عريانا وحد الستر أن لا يرى ما تحته حتى لو سترها بثوب رقيق يصف ما تحته لا يجوز وشمل ما إذا كان بحضرته أحد أو لم يكن حتى لو صلى في بيت مظلم عريانا وله ثوب طاهر لا يجوز إجماعا ; لأن الستر مشتمل على حق الله وحق العباد وإن كان مراعى في الجملة بسبب استتاره عنهم فحق الله تعالى ليس كذلك ، فإن قيل الستر لا يحجب عن الله تعالى ; لأنه سبحانه يرى المستور كما يرى المكشوف أجيب بأنه يرى المكشوف تاركا للأدب والمستور متأدبا وهذا الأدب واجب مراعاته عند القدرة عليه وإن صلى في الماء عريانا إن كان كدرا صحت صلاته وإن كان صافيا يمكن رؤية عورته لا تصح ، كذا في السراج الوهاج وصورة الصلاة في الماء الصلاة على جنازة وإلا فلا يصح التصوير وأراد بسترها الستر عن غيره لا عن نفسه حتى لو رأى فرجه من زيقة أو كان بحيث يراه لو نظر إليه فإنها صحيحة عند العامة وهو الصحيح كما في المحيط وغيره لكن في السراج الوهاج إذا صلى في قميص عليه بغير إزرار فعليه أن يزره لما روي عن { قال قلت : يا رسول الله أصلي في قميص واحد فقال زره عليك ولو بشوكة سلمة بن الأكوع } والمستحب أن يصلي في ثلاثة أثواب قميص وإزار وعمامة والمكروه أن يصلي في سراويل واحد ، كذا في المحيط وبهذا علم أن لبس السراويل في الصلاة ليس بواجب ; لأن الستر من أسفل ليس بلازم بل إنما يلزم من جوانبه وأعلاه ولذا قال في منية المصلي ومن صلى في قميص ليس له غيره فلو نظر إنسان من تحته رأى عورته فهذا ليس بشيء واعلم أن بحضرة الناس واجب إجماعا إلا في مواضع وفي الخلوة فيه خلاف والصحيح الوجوب إذا لم يكن الانكشاف لغرض صحيح ، كذا في شرح المنية . ستر العورة خارج الصلاة
( قوله : وهي من تحت سترته إلى تحت ركبته ) أي ما بينهما فالسرة ليست بعورة والركبة عورة فالغاية هنا لم [ ص: 284 ] تدخل تحت المغيا لما رواه من غير تعقب { الحاكم } ولرواية ما بين السرة والركبة عورة { الدارقطني } ولرواية ما تحت السرة إلى الركبة عورة { البيهقي } ، وأما انكشاف فخذه صلى الله عليه وسلم في زقاق الفخذ عورة خيبر فلم يكن قصدا ، ولأن الركبة ملتقى عظمي الساق والفخذ والتمييز بينهما متعذر فاجتمع المحرم والمبيح فغلب المحرم احتياطا كذا قالوا ، وقد يقال : إن هذا يقتضي أن تكون السرة عورة كما هو رواية عن فإنه تعارض في السرة المحرم والمبيح ، وقد يجاب عنه بأنه لم يكن محرما لدليل اقتضاه وهو ما أخرج أبي حنيفة في مسنده عن أحمد عمير بن إسحاق { الحسن بن علي في بعض طرق المدينة فلقينا فقال أبو هريرة للحسن اكشف لي عن بطنك جعلت فداك حتى أقبل حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبله قال فكشف عن بطنه فقبل سرته } كذا في شرح المنية وكان قال كنت أمشي مع محمد بن الفضل يقول من السرة إلى موضع نبات شعر العانة ليس بعورة لتعامل العمال في إبداء ذلك الموضع عند الاتزار وفي ستره نوع حرج وهذا القول ضعيف ; لأن التعامل بخلاف النص لا يعتبر ، كذا في السراج وفي الظهيرية وحكم العورة في الركبة أخف منه في الفخذ حتى لو رأى رجل غيره مكشوف الركبة ينكر عليه برفق ولا ينازعه إن لج وإن رآه مكشوف الفخذ ينكر عليه بعنف ولا يضربه إن لج وإن رآه مكشوف السوأة أمره بستر العورة وأدبه على ذلك إن لج . ا هـ .
وهو يفيد أن لكل مسلم التعزير بالضرب فإنه لم يقيده بالقاضي وسيأتي إن شاء الله تعالى في بابه .