قوله ( وقيل لا ) وجه الأول أنه يحذر النسبة إلى الخطأ ، ووجه الثاني أنه من أمور الدين وخبره غير مقبول في الديانات ولم يرجح الشارحون أحدهما وظاهر ما في التحرير أنه لا يحل استفتاؤه اتفاقا فإنه قال الاتفاق على حل استفتاء من عرف من أهل العلم بالاجتهاد والعدالة أو رآه منتصبا والناس يستفتونه معظمين وعلى امتناعه إن ظن عدم أحدهما فإن جهل اجتهاده دون عدالته فالمختار منع استفتائه بخلاف المجهول من غيره إذ الاتفاق على المنع ا هـ . والفاسق يصلح مفتيا
فلا أقل من أن يكون ترجيحا لعدم صلاحيته ، ولذا جزم به في المجمع واختاره في شرحه ، وقال إن أولى ما يستنزل به فيض الرحمة الإلهية في تحقق الواقعات الشرعية طاعة الله عز وجل والتمسك بحبل التقوى قال الله تعالى { واتقوا الله ويعلمكم الله } ومن اعتمد على رأيه وذهنه في استخراج دقائق الفقه وكنوزه وهو في المعاصي حقيق بإنزال الخذلان عليه فقد اعتمد على ما لا يعتمد عليه { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } . ا هـ .
إسلامه وعدالته ، ولزم منها اشتراط بلوغه وعقله فترد فتوى الفاسق والكافر وغير المكلف إذ لا يقبل خبرهم ، ويشترط أهلية اجتهاده كما سيأتي ولا حاجة إلى اشتراط التيقظ وقوة الضبط كما في الروض للاحتراز عمن غلب عليه الغفلة والسهو ; لأن اشتراط العدالة يغني عنهما وفي شرح الروض وينبغي للإمام أن يسأل أهل العلم المشهورين في عصره عمن يصلح للفتوى ليمنع من لا يصلح ويتوعده بالعقوبة بالعود وليكن المفتي متنزها عن خوارم المروءة فقيه النفس سليم الذهن حسن التصرف والاستنباط ، ولو كان المفتي عبدا أو امرأة أو أعمى أو أخرس بالإشارة وليس هو كالشاهد في رد فتواه لقرابة وجر نفع ودفع ضر وعداوة فهو كالراوي لا كالشاهد ، وتقبل فشرط المفتي كشهادته ا هـ . فتوى من لا يكفر ولا يفسق ببدعة
وفي تلقيح المحبوبي أن الإشارة من المفتي الناطق يعمل بها فلا يختص بالأخرس [ ص: 287 ] وفي القنية رامزا لعين الأئمة المكي أشار المفتي برأسه مكان قوله نعم للمستفتي أن يعمل به ورمز للنوازل عن أبي القاسم مثله ورمز لظهير الدين المرغيناني لا لأن إشارة الناطق لا تعتبر . ا هـ .
وسيأتي أنه ينبغي أن يكون المفتي كالقاضي في أوصاف الكمال وفي الظهيرية ولا بأس للقاضي أن يفتي من لم يخاصم إليه ، ولا يفتي أحد الخصمين فيما خوصم إليه ا هـ .