( قوله ويرد هدية إلا من قريب أو ممن جرت عادته به ) أي لما رواه لا يقبل القاضي هدية عن البخاري قال { أبي حميد الساعدي ابن اللتبية على الصدقة واسمه عبد الله فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال عليه الصلاة والسلام هلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا } قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له رضي الله عنه [ ص: 305 ] كانت الهدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة فتعليله دليل على تحريم الهدية التي سببها الولاية ، ويجب ردها على صاحبها فإن تعذر ردها على مالكها وضعها في بيت المال كاللقطة كما في فتح القدير فإن كان المهدي يتأذى بالرد يقبلها ويعطيه مثل قيمتها كذا في الخلاصة وفي المضمرات إذا دخلت الهدية له من الباب خرجت الأمانة من الكوة وقدمنا عن عمر بن عبد العزيز الأقطع الفرق بين الهدية والرشوة أن الرشوة ما كان معها شرط الإعانة بخلاف الهدية وفي خزانة المفتين مال يعطيه ولا يكون معها شرط والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه .
وذكر الهدية في الكتاب ليس احترازيا إذ يحرم عليه الاستقراض والاستعارة ممن يحرم عليه قبول هديته كما في الخانية ، وإنما يقبل هدية القريب لما فيها من صلة الرحم وردها قطيعة وهي حرام وأطلقه وهو مقيد بالمحرم فخرج ابن العم مثلا ومقيد بأن لا تكون له خصومة ، وإنما يقبل ممن له عادة للعلم بأنها ليست للقضاء وله شرطان أن لا يكون له خصومة وأن لا يزيد على العادة فيرد الكل في الأول ، وما زاد عليها في الثاني وقيده فخر الإسلام بأن لا يكون مال المهدي قد زاد فبقدر ما زاد ماله لا بأس بقبوله ، وظاهر العطف في كلام المصنف يقتضي أنه يقبل من القريب وإن لم تكن له عادة بالإهداء وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه كالأجنبي لا بد أن يكون له عادة وإلا فلا يقبلها منه إلا أن يكون لفقره ثم أيسر ; لأن الظاهر أن المانع ما كان إلا الفقر على وزان ما قاله فخر الإسلام في الزيادة .
والحاصل أن من له خصومة لا يقبلها مطلقا ومن لا خصومة له فإن كان له عادة قبل القضاء قبل المعتاد وإلا فلا وفي تهذيب القلانسي ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو من وال تولى الأمر منه أو وال مقدم الولاية على القضاء ا هـ .
فعلى هذا له أن يقبلها من السلطان ومن حاكم بلده المسمى الآن بالباشاه واقتصر في التتارخانية على من ولاه وفي فتح القدير وكل من عمل للمسلمين عملا حكمه في الهدية حكم القاضي ا هـ .
فظاهره أنه يحرم قبولها على الوالي والمفتي ، وليس كما قال فقد قال في الخانية ويجوز للإمام والمفتي قبول الهدية وإجابة الدعوة الخاصة ; لأن ذلك من حقوق المسلم على المسلم ، وإنما يمنع عنه القاضي ا هـ .
إلا أن يراد بالإمام إمام الجامع وفي التتارخانية من خصوصياته عليه الصلاة والسلام أن هداياه له وفيها ضم الواعظ إلى المفتي معللا بأنه إنما يهدى إلى العالم لعلمه بخلاف القاضي ، وأشار المصنف إلى أن ، وهو الصحيح لأن الناس يساهلونه لأجل القضاء كذا في الخانية هذا إذا كان يكفي المؤنة من بيت المال أو يعامل من يحابيه وإلا لا يكره ، ولو باع مال المديون أو الميت لا يكره كذا في البزازية وفي فتح القدير ويجب أن يكون هدية المستقرض للمقرض كالهدية للقاضي إن كان المستقرض له عادة قبل استقراضه فأهدى إلى المقرض فللمقرض أن يقبل منه قدر ما كان يهديه بلا زيادة ا هـ . وهو سهو والمنقول كما قدمناه آخر الحوالة أنه يحل حيث لم يكن مشروطا مطلقا . القاضي لا يبيع ولا يشتري في مجلس القضاء وغيره