الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وتقضي المرأة في غير حد وقود ) ; لأنها أهل للشهادة في غيرهما فكانت أهلا للقضاء لكن يأثم المولي لها للحديث { لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة } رواه البخاري وفي فتح القدير ألا ترى أنها تصلح شاهدة وناظرة في الأوقاف ووصية على اليتامى ا هـ .

                                                                                        فظاهره صحة تقريرها في النظر والشهادة في الأوقاف وإن لم يكن بشرط الواقف وقد أفتيت فيمن شرط الشهادة في وقفه لفلان ثم من بعده لولده فمات وترك بنتا أنها تستحق وظيفة الشهادة واستغربه بعض القضاة ولا عبرة به بعدما ذكرنا ، وأما سلطنتها فصحيحة وقد ولي مصر امرأة تسمى شجرة الدر جارية الملك الصالح بن أيوب وفي الخلاصة لو قضت في الحدود والقصاص فرفع إلى قاض آخر فأمضاه ليس [ ص: 6 ] لغيره أن يبطله ا هـ .

                                                                                        وأشار المؤلف إلى صلاحيتها للنظارة على الوقف والوصاية على اليتامى بالأولى كما في فتح القدير ، وأما قضاء الخنثى فيصح بالأولى وينبغي أن لا يصح في الحدود والقصاص لشبهة الأنوثة ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وقد أفتيت فيمن شرط الشهادة إلخ ) قال في النهر كأنه علق في الفتح قوله في الأوقاف بشهادة وعندي فيه نظر لأن صاحب الفتح إنما استظهر بهذا على عدم سلب ولايتها مع نقصان عقلها ولا شك أن صلاحيتها شاهدة في الأموال اتفاقا فيه إثبات ولايتها والقضاء أهله أهل الشهادة ولو علق في الأوقاف بشاهدة لقصر عن إفادة هذا المعنى والمقصود هو الأول لمن تأمل وبتقدير التسليم فعرف الواقفين مراعى ولم يتفق تقرير أنثى شاهدة في وقف في زمن ما فيما علمنا فوجب صرف ألفاظه إلى ما تعارفوه وإذا كان هذا المعنى لم يخطر ببال واقف ولم يسر ذهنه إليه وإنما أراد من الشاهد الكامل فكيف يصرف لفظه إلى غير مراده وقد قال شيخ الإسلام عبد البر في شرح الوهبانية ينبغي ترجيح رواية دخول أولاد البنات فيما لو وقف على ذريته ; لأن عرفهم عليه لا يعرفون غيره ولا يسري إلى أذهانهم غالبا سواه فاعتبر عرفهم وقال فيما لو وقف على ولده وولد ولده ينبغي أن تصحح رواية دخول أولاد البنات أيضا قطعا ; لأن فيها نص محمد عن أصحابنا وقد انضم إلى ذلك أن الناس في هذا الزمان لا يفهمون سوى ذلك ولا يقصدون غيره وعليه عملهم وعرفهم ا هـ .

                                                                                        وهذا برهان بين لما ادعيناه فوجب الحكم بمقتضاه وإذا عرف هذا فتقريرها في شهادة وقف ابتداء غير صحيح والله تعالى الموفق ا هـ .

                                                                                        وذكر الحموي عن المقدسي موافقة ما في النهر ثم نقل عن بعض الفضلاء ما نصه بل الظاهر أن في الأوقاف متعلق بهما لا بناظرة فقط ، وأما قول المقدسي فالمتعارف في الأوقاف خلاف هذا فلا يمنع كونها أهلا للشهادة وقول الأصحاب بأن شهادتها في غير حد وقود جائز فكذا قضاؤها صريح في صحة تقريرها في الأوقاف ا هـ .

                                                                                        كذا في حاشية أبي السعود قلت : كلام الأصحاب يفيد صحة تقريرها شاهدة ابتداء خلافا لما ذكره في النهر ، وأما إفادته لدخولها في الواقعة المستفتى عنها فغير ظاهر وهذا هو الإنصاف لمن تأمل والله تعالى أعلم .




                                                                                        الخدمات العلمية