( قوله ولا يشهد على شهادة غيره ما لم يشهد عليه ) ; لأنها لا تصير حجة إلا بالنقل إلى مجلس القاضي ولذا لا بد من عدالة الأصول فلا يملك غيره أن يجعل كلامه حجة بلا أمره فلا بد من التحميل وأفاد أنه لو سمعه يشهد آخر على شهادته لا يسعه أن يشهد ; لأنه إنما حمل غيره وفي فتح القدير وهذا الإطلاق يقتضي أنه لو سمعه يشهد في مجلس القاضي حل له أن يشهد على شهادته ; لأنها حينئذ ملزمة ا هـ .
وفيه نظر ; لأنها لا تكون ملزمة إلا بالقضاء ولم يوجد وترك المؤلف رحمه الله قيدين آخرين لجوازها على شهادة غيره : الأول أن يقبل التحميل فلو أشهده عليها فقال لا أقبل فإنه لا يصير شاهدا حتى لو شهد بعد ذلك لا تقبل كما في القنية وينبغي أن يكون هذا على قول محمد من أنه توكيل وللوكيل أن لا يقبل ، وأما على قولهما من أنه تحميل فلا يبطل بالرد ; لأن من حمل غيره شهادة لم تبطل بالرد . الثاني أن لا ينهاه الأصيل بعد التحميل عنها لما في الخلاصة معزيا إلى الجامع الكبير لو حضر الأصلان ونهيا الفروع عن الشهادة صح النهي عند عامة المشايخ وقال بعضهم لا يصح والأول أظهر ا هـ .
وفي النوازل النصراني إذا أشهد على شهادته ثم أسلم لم يجز أن يشهد على شهادته ا هـ .
ويحتمل أن يكون مراده أنه أشهد نصرانيا مثله ويحتمل أنه أشهد مسلما والأول أظهر كما لا يخفى وقيد بالشهادة عليها ; لأن الشهادة بقضاء القاضي صحيحة وإن لم يشهدهما القاضي عليه لكن ذكر في الخلاصة خلافا بين أبي حنيفة وأبي يوسف فيما إذا سمعاه في غير مجلس القضاء فجوزه أبو حنيفة وهو الأقيس ومنعه أبو يوسف وهو الأحوط . ا هـ .
وجزم بالجواز في المعراج معللا بأن القضاء حجة ملزمة ومن سمع الحجة حل له أن يشهد بها ا هـ .
وفي شرح أدب القضاء للصدر من الباب الأربعين ضاع سجل من ديوان القاضي فشهد كاتباه عنده أنه أمضى ذلك فإن القاضي يقبله ولو ضاع إقرار رجل فشهد كاتباه عنده بأنه أقر عنده يقضي بشهادتهما ولو ضاع محضر من ديوانه فيه شهادة شهود بحق لا يذكره القاضي فشهدا عنده أن الشهود شهدوا عنده بكذا لا يقبلها القاضي ولا ينفذه لأن الشهود لم يحملاهما ولا بد منه وتمامه فيه ثم اعلم أن القضاء بشهادة الفروع عندهما وعند محمد بشهادة الكل كذا في الخزانة ولو قال المؤلف كما في الهداية ما لم يشهد عليها لكان أولى من قوله عليه لما في الخزانة لو قال اشهد علي بكذا أو اشهد علي ما شهدت به كان باطلا ولا بد أن يقول [ ص: 72 ] اشهد على شهادتي إلى آخره .


