( قوله ) لا تقبل شهادته لقوله تعالى { والمحدود في قذف ولو تاب ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا } ولأنه من تمام الحد لكونه مانعا فيبقى بعد التوبة كأصله بخلاف المحدود في غيره لأن الرد للفسق وقد ارتفع بالتوبة والاستثناء في الآية ينصرف إلى ما يليه وهو قوله تعالى { وأولئك هم الفاسقون } أو هو استثناء منقطع بمعنى لكن كذا في الهداية وفي التحرير الأوجه أنه متصل وقرره في التلويح بأن المعنى أولئك الذين يرمون المحصنات محكوم عليهم بالفسق إلا التائبين ، وأما رجوع الاستثناء إلى الكل في آية المحاربين فلدليل اقتضاه وهو قوله { من قبل أن تقدروا عليهم } فإنه لو عاد إلى الأخير أعني قوله لهم عذاب عظيم لم يبق له فائدة ; لأن التوبة تسقطه مطلقا ففائدته سقوط الحد وتمامه في فتح القدير وفي البدائع كل فاسق تاب عن فسقه قبلت توبته وشهادته إلا اثنين المحدود في القذف والمعروف بالكذب ; لأن من صار معروفا بالكذب واشتهر به لا يعرف صدقه من توبته بخلاف الفاسق إذا تاب عن سائر أنواع الفسق فإن شهادته تقبل ا هـ .
وأشار المؤلف رحمه الله إلى أن شهادته لا تسقط ما لم يضرب تمام الحد وهو صريح المبسوط ; لأن المحدود من ضرب الحد أي تماما ; لأن ما دونه يكون تعزيرا غير مسقط لها ولو قال المؤلف إن لم يقم بينة على صدقه لكان أولى لأنه لو أقام أربعة بعدما حد على أنه زنى قبلت شهادته بعد التوبة في الصحيح لأنه لو أقامها قبله لم يحد فكذا لا ترد شهادته كذا ذكر الشارح وتمامه في العتابية وإنما قيد بقوله على أنه زنى ; لأنه لو أقام بينة على إقرار المقذوف بالزنا لا يشترط أن يكونوا أربعة لما في فتح القدير من باب حد القذف فإنه شهد رجلان أو رجل وامرأتان على إقرار المقذوف بالزنا يدرأ الحد عن القاذف ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة إلى آخره فكذا إذا أقام رجلين بعد حده على إقراره بالزنا تعود شهادته كما لا يخفى ثم اعلم أن الضمير في قوله لهم عندنا عائد إلى المحدودين وعند إلى القاذفين العاجزين عن الإثبات كما ذكره الشافعي الفخر الرازي فلو لم يحد تقبل شهادته عندنا خلافا قاله ولو فإذا كان حد لم يحد المشهود عليه وإن لم يحد القاذف حد المشهود عليه كذا في البزازية قذف رجلا ثم شهد مع ثلاثة على أنه زنى