الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والعمال ) أي تقبل شهادتهم والمراد بهم عمال السلطان عند عامة المشايخ ; لأن نفس العمل ليس بفسق إلا إذا كانوا أعوانا على الظلم وقيل العامل إذا كان وجيها في الناس ذا مروءة لا يجازف في كلامه تقبل شهادته كما مر عن أبي يوسف في الفاسق ; لأنه لوجاهته لا يقدم على الكذب كذا في الهداية يعني ولو كان عونا على الظلم كما في العناية وقيل أراد بالعمال الذين يعملون ويؤاجرون أنفسهم للعمل ; لأن من الناس من رد شهادات أهل الصناعات الخسيسة فأفرد هذه المسألة لإظهار مخالفتهم وكيف لا وكسبهم أطيب كسب وينبغي تقييد القبول بأن تكون تلك الحرفة لائقة به بأن تكون حرفة آبائه وأجداده وإلا فلا مروءة له إذا كانت حرفة دنية فلا شهادة له لما عرف في حد العدالة وكذا ينبغي تقييد القبول بأن لا يكثر الكذب والخلف في الوعد وذكر الصدر الشهيد أن شهادة الرئيس لا تقبل وكذا الجابي والصراف الذي يجمع عنده الدراهم ويأخذها طوعا لا تقبل وقدمنا عن البزدوي أن القائم بتوزيع هذه النوائب السلطانية والجبايات بالعدل بين المسلمين مأجور وإن كان أصله ظلما فعلى هذا تقبل شهادته والمراد بالرئيس رئيس القرية وهو المسمى في بلادنا شيخ البلد ومثله المعرفون في المراكب والعرفاء في جميع الأصناف وضمان الجهات في بلادنا ; لأنهم كلهم أعوان على الظلم كذا في فتح القدير وفي السراجية معزيا إلى الفقيه أبي الليث إن كان العامل مثل عمر بن عبد العزيز فشهادته جائزة وإن كان مثل يزيد بن معاوية فلا ا هـ .

                                                                                        وفي إطلاق العامل على الخليفة نظر والظاهر منه أنه من قبل عملا من الخليفة وفي شرح المنظومة أمير كبير ادعى فشهد له عماله ودواوينه ونوابه ورعاياهم لا تقبل كشهادة المزارع لرب الأرض ا هـ .

                                                                                        وفي إجارات البزازية لا تقبل شهادة الدلال ومحضر قضاة العهد والوكلاء المفتعلة والصكاك . ا هـ .

                                                                                        [ ص: 96 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 96 ] ( قوله وينبغي تقييد القبول إلخ ) قال الرملي وعندي في هذا التقييد نظر يظهر لمن له نظر فتأمل . ا هـ .

                                                                                        قلت وجهه ما مر عند قوله أو يبول أو يأكل أن الصحيح قبول ذي الحرفة الدنية إذا كان عدلا فحيث كان المعتبر العدالة فلا نظر إلى الحرفة نعم قد يقال عدوله عن حرفة آبائه الشريفة إلى الحرفة الخسيسة يدل على رذالته وعدم مروءته ومبالاته لكن هذا حيث كان بلا داع إليه من عجز أو عدم أسباب أو قلة يد تقصره عن حرفة أبيه ولا سيما إذا كان أبوه أو وصيه علمه في صغره هذه الحرفة الدنية فكبر وهو لا يعرف غيرها فإذا كان عدلا فما وجه رد شهادته فتعين ما قلنا تأمل ( قوله أمير كبير ادعى إلخ ) قال الرملي يؤخذ منه أن شهادة خدامه الملازمين له ملازمة كملازمة العبد لمولاه كذلك لا تقبل وهو ظاهر ولا سيما في زماننا هذا تأمل وقد أفتيت به مرارا والله تعالى الموفق للصواب ومثله في شهادات جامع الفتاوى بصيغة أعوان الحكام والوكلاء على باب القضاة لا تسمع شهادتهم ; لأنهم ساعون في إبطال حق المستحق وهم فساق والله تعالى أعلم ( قوله وفي إجارات البزازية إلخ ) قال الرملي محله في الكل ما لم يغلب عليهم الصلاح أما إذا غلب عليهم الصلاح فتقبل كما صرح به في البزازية أيضا في الصكاك في كتاب الشهادة ولا فارق بينه وبين الدلال والمحضر والوكيل يدل عليه قوله في الوكلاء المفتعلة تأمل .




                                                                                        الخدمات العلمية