( قوله ولو جاز وإن أنكر لا كما لو شهدا أن أباهما وكله بقبض ديونه وادعى الوكيل أو أنكر ) والقياس عدم القبول في الوصي أيضا لكونها شهادة للشاهد لعود المنفعة إليه وجه الاستحسان أن للقاضي ولاية نصب الوصي إذا كان طالبا والموت معروف فيكفي القاضي بهذه الشهادة مؤنة التعيين لا أنه يثبت بها شيء فصار كالقرعة كذا في الهداية وتعقبه في فتح القدير بقوله وإذا تحققت ما ذكر في وجه الاستحسان ظهر أن قبول الشهادة ثابت قياسا واستحسانا إذ ظهر أنه لم يثبت بها شيء وإنما ثبت عندها نصب القاضي وصيا اختاره وليس هنا موضع غير هذا يصرف إليه القياس والاستحسان ولو اعتبرا في نفس إيصاء القاضي إليه فالقياس لا يأباه فلا وجه لجعل المشايخ فيها قياسا واستحسانا والمنقول عن أصحاب المذهب الحكم المذكور مع السكوت عن القياس والاستحسان ا هـ . شهدا أن أباهما أوصى إليه والوصي يدعي
وقد ذكر القياس والاستحسان في عامة كتب أصحابنا ومنهم شرح الجامع الصغير للحسامي والكافي والتبيين والهداية وشروحها والموضع الذي يصرفا إليه أن ظاهرها عدم القبول ; لأن الشاهد يجر نفعا لنفسه فلا يكون المشهود له وصيا عن الميت وفي الاستحسان جعلناه وصيا عن الميت ولم يعتبر نفع الشاهد ; لأن للقاضي ولاية النصب والسبب الحامل لاعتراض المحقق أنه فهم أنه وصي من جهة القاضي وحينئذ فلا معنى للقياس والاستحسان وليس كذلك وإنما هو وصي من جهة الميت
وقد ذكرنا في وصايا الفوائد من الأشباه والنظائر أن وصي القاضي كوصي الميت إلا في مسائل وأشار بشهادة الابنين إلى أن شهادة الغريمين لهما على الميت دين أو للميت عليهما دين بأن الميت أوصى إلى فلان أو الوصيين بأن الميت أوصى إلى فلان معهما كذلك أو الموصى له بأن الميت أوصى إلى فلان ففي الخمس إن ادعى قبلت وإلا لا وأورد على الرابعة بأن الميت إذا كان له وصيان فالقاضي لا يحتاج إلى نصب آخر وأجيب بأنه يملكه لإقرارهما بالعجز عن القيام بأمور الميت ولا بد من كون الموت معروفا في الكل أي ظاهرا إلا في مسألة الغريمين للميت عليهما دين فإنها تقبل وإن لم يكن الموت معروفا ; لأنهما يقران على أنفسهما بثبوت ولاية القبض للمشهود له فانتفت التهمة وثبت موت رب الدين بإقرارهما في حقهما وقيل معنى الثبوت أمر القاضي إياهما بأداء ما عليهما إليه لإبرائهما عن الدين بهذا الأداء ; لأن استيفاء الدين منهما حق عليهما فيقبل منهما والبراءة حق لهما فلا يقبل فيها كذا في الكافي .
وإنما لا تقبل مطلقا ; لأنه ليس للقاضي ولاية نصب الوكيل عن الغائب إلا في المفقود فلو ثبتت هذه الولاية لكانت بشهادتهما وفيها تهمة ; لأنهما يشهدان لأبيهما ولاحتمال التواضع على أخذ المال وقوله بقبض ديونه اتفاقي ; لأنهما لو شهدا في غيبة أبيهما أنه وكله بالخصومة لم تقبل أيضا كما في الخلاصة وفرق [ ص: 98 ] بينهما في المحيط البرهاني من وجه آخر فقال وإذا شهادة الابنين في الوكالة بالكوفة لا تقبل شهادتهما ; لأنهما بشهادتهما يعينان من يقوم بحقوق الأب واستيفائه فكانا شاهدين لأبيهما فلا تقبل شهادتهما ولكن هذا إن كان المطلوب يجحد الوكالة فأما إذا أقر المطلوب بها جازت الشهادة فرق بين هذه المسألة وبين مسألة ذكرها في كتاب الوكالة أن من شهدا أن أباهما وكل هذا الرجل بقبض ديونه لا تقبل شهادتهما سواء جحد المطلوب الوكالة أو أقر بها ووجه الفرق أن في مسألة الدين المطلوب إذا كان مقرا بالوكالة يجبر على دفع المال بإقراره بدون الشهادة فإنما قامت الشهادة لإبراء المطلوب عند الدفع إلى الوكيل إذا حضر الطالب وأنكر الوكالة فكانت هذه الشهادة على أبيهما وشهادته على أبيه مقبولة أما في مسألة كتاب الوكالة المطلوب وإن كان مقرا لا يجبر على دفع الدار إلى الوكيل بحكم إقراره وإنما يجبر عليه بالشهادة فكانت واقعة لأبيهما فلا تقبل . ا هـ . وكل رجلا بالخصومة في دار بعينها وقبضها وغاب فشهد ابنا الموكل أن أباهما وكل هذا الرجل بالخصومة في هذه الدار وقبضها
وبهذا ظهر أن المؤلف ترك قيدا وهو إن جحد المطلوب وأشار إلى عدم قبول شهادة ابني الوكيل مطلقا بالأولى وكذا شهادة أبويه وأجداده وأحفاده كما في الخلاصة وعلى هذا فالابنان في الكتاب مثال والمراد عدم قبولها في الوكالة من كل من لا تقبل شهادته للموكل وبه صرح في البزازية ولم يقيد المصنف بغيبة الأب في شهادتهما بالوكالة ; لأنه لو كان حاضرا لا يمكن الدعوى بها ليشهدا ; لأن التوكيل لا تسمع الدعوى به ; لأنه من العقود الجائزة لكن يحتاج إلى بيان صورة شهادتهما ما في غيبته مع جحد الوكيل ; لأنها لا تسمع إلا بعد الدعوى ولم يظهر هنا لها وجه ويمكن أن تصور بأن يدعي صاحب وديعة عليه تسليم وديعته الموكل في دفعها فيجحد فيشهدان به ويقبض ديون أبيهما وإنما صورناه بذلك ; لأن الوكيل لا يجبر على فعل ما وكل به إلا في رد الوديعة ونحوها كما سيأتي فيها .
[ ص: 97 ]