الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولا يسمع القاضي الشهادة على الجرح ) وهو بفتح الجيم لغة من جرحه بلسانه جرحا عابه ونقصه ومنه جرحت الشاهد إذا أظهرت فيه ما ترد به شهادته كذا في المصباح وفي الاصطلاح إظهار فسق الشاهد فإن لم يتضمن ذلك إثبات حق لله تعالى أو للعبد فهو جرح مجرد وإن تضمن إثبات حق لله تعالى أو للعبد فهو غير مجرد والأول هو المراد من إطلاقه كما أفصح به في الكافي وهو غير مقبول مثل أن يشهدوا أن شهود المدعي فسقة [ ص: 99 ] أو زناة أو أكلة الربا أو شربة الخمر أو على إقرارهم أنهم شهدوا بالزور أو على إقرارهم أنهم أجراء في هذه الشهادة أو على إقرارهم أن المدعي مبطل في هذه الدعوى أو على إقرارهم أنهم لا شهادة لهم على المدعى عليه في هذه الحادثة وإنما لم تقبل ; لأن البينة إنما تقبل على ما يدخل تحت الحكم وفي وسع القاضي إلزامه والفسق مما لا يدخل تحت الحكم وليس في وسع القاضي إلزامه ; لأنه يدفعه بالتوبة ولأن الشاهد بهذه الشهادة صار فاسقا لأن فيها إشاعة الفاحشة بلا ضرورة وهي حرام بالنص والمشهود به لا يثبت بشهادة الفاسق ولا يقال إن فيه ضرورة وهي كف الظالم عن الظلم بأداء الشهادة الكاذبة وقال عليه السلام { انصر أخاك ظالما أو مظلوما } ; لأنا نقول لا ضرورة إلى هذه الشهادة على ملأ من الناس ويمكنه كفه عن الظلم بإخبار القاضي بذلك سرا إلا إذا شهدوا على إقرار المدعي أنهم فسقة أو شهدوا بزور أو نحوه لأنهم ما شهدوا بإظهار الفاحشة وإنما حكوا إظهارها عن غيرهم فلا يصيرون فسقة بذلك .

                                                                                        وكذا الإقرار مما يدخل تحت الحكم ويقدر القاضي على الإلزام ; لأنه لا يرتفع بالتوبة ولذا لو أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجرهم لأداء الشهادة لم تقبل ; لأنه شهادة على جرح مجرد وأما الاستئجار وإن كان أمرا زائدا على الجرح ولكنه لا خصم في إثباته إذ لا تعلق له بالأجرة حتى لو أقام المدعى عليه البينة أن المدعي استأجر الشهود بعشرة دراهم لأداء الشهادة وأعطاهم العشرة من مالي الذي كان في يده تقبل ; لأنه خصم في ذلك ويثبت الجرح بناء عليه وكذا إذا أقام المدعى عليه البينة على أني صالحت الشهود على كذا من المال ودفعته إليهم على أن لا يشهدوا علي بهذا الباطل فإن شهدوا فعليهم أن يردوا ذلك المال على تقبل بينته لأن فيه ضرورة ليصل إلى ماله حتى لو قال لم أعطهم المال لم تقبل ; لأن فيه إظهار الفاحشة من غير ضرورة ، وأما الثاني أعني غير المجرد فهو كما لو أقام المدعى عليه البينة أنهم زنوا ووصفوا الزنا أو شربوا الخمر أو سرقوا مني كذا ولم يتقادم العهد أو أنهم عبيد أو أحدهم عبد أو شريك المدعي وللمدعي مال أو قاذف والمقذوف يدعيه أو محدودون في القذف أو على إقرار المدعي أنه استأجرهم على هذه الشهادة تقبل لمكان الحاجة إلى إحياء هذه الحقوق وفيها إذا شهدوا أنهم محدودون في قذف ليس فيه إشاعة الفاحشة ; لأن الإظهار حصل بالقضاء وإنما حكوا عن إظهار الفاحشة عن الغير كذا في الكافي بتمامه .

                                                                                        ( وهنا تنبيهات مهمة ) يجب التنبيه عليها الأول أن النظر في الجرح المجرد وغيره إنما هو بعد التزكية الشرعية كما في السراج الوهاج فإذا سأل القاضي عن الشهود سرا وعلنا وثبت عنده عدالتهم فطعن الخصم فإن كان مجردا لم تقبل وإلا قبل ولكن عدم قبول الشهادة على الجرح المجرد أعم من أن يكون قبل التعديل أو بعده فإن قلت أليس الخبر عن فسق الشهود قبل إقامة البينة على عدالتهم يمنع القاضي عن قبول شهادتهم والحكم بها قلت نعم لكن ذلك للطعن في عدالتهم لا لثبوت أمر يسقطهم عن حيز القبول ولذا لو عدلوا بعد هذا تقبل شهادتهم ولو كانت الشهادة على فسقهم مقبولة لسقطوا عن حيز الشهادة ولم يبق لهم مجال التعديل ذكره ابن الكمال وفي شرح الوقاية لا تقبل الشهادة على الجرح المجرد [ ص: 100 ] إذا أقام البينة على العدالة أما إذا لم يقم البينة عليها فأخبر مخبر أن الشهود فساق أو أكلوا الربا فإن الحكم لا يجوز قبل ثبوت العدالة لا سيما إذا أخبر مخبران أن الشهود فساق .

                                                                                        الثاني أن التفصيل إنما هو فيما إذا ادعاه الخصم وبرهن عليه جهرا أما إذا أخبر القاضي به سرا وكان مجردا طلب منه البرهان عليه فإذا برهن عليه سرا أبطل الشهادة لتعارض الجرح والتعديل عنده فيقدم الجرح فإذا قال الخصم للقاضي سرا أن الشاهد أكل الربا وبرهن عليه رد شهادته كما أفاد في الكافي كما قدمناه وظاهر كلامه أن الخصم لا يضره الإعلان بالجرح المجرد وإنما يشترط الإخبار سرا في الشاهد وفي الخانية يمكن دفع الضرورة من غير هتك الستر بأن يقول شاهد الجرح ذلك للمدعي سرا أو يقول للقاضي في غير مجلس الحكم فلا يباح إظهار الفاحشة من غير ضرورة ا هـ .

                                                                                        الثالث : أن قولهم إذا تضمن حقا من حقوق الشرع لم يكن مجردا شامل لما إذا تضمن التعزير حقا لله تعالى فعلى هذا لو برهن أن الشاهد خلى بأجنبية تقبل لتضمنه إثبات التعزير لكن الظاهر أن مرادهم من الحق الحد فلا يدخل التعزير لقولهم وليس في وسع القاضي إلزامه ; لأنه يدفعه بالتوبة ; لأن التعزير حق لله تعالى يسقط بالتوبة بخلاف الحدود لا تسقط بها فوضح الفرق ويدل عليه أنهم مثلوا للمجرد بآكل الربا مع أنه يوجب التعزير وبإقرارهم بالزور مع أنه يوجب التعزير فتعين إرادة الحدود فقط

                                                                                        الرابع أنهم جعلوا من المجرد هم زناة شربة الخمر ومن غيره أنهم زنوا أو شربوا الخمر فيحتاج إلى الفرق بينهما فقال الشارح يحمل الأول على ما إذا تقادم العهد والثاني على ما إذا لم يتقادم وإلا فلا فرق بينهما الخامس أنه لا يدخل تحت الجرح ما إذا برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو أنهم أجراء أو لم يحضروا الواقعة أو على أنهم محدودون في قذف أو على رق الشاهد أو على شركة الشاهد في العين كما قدمناه ولذا قال في الخلاصة للخصم أن يطعن بثلاثة أشياء أن يقول هما عبدان أو محدودان في قذف أو شريكان فإذا قال هما عبدان يقال للشاهدين أقيما البينة على الحرية وفي الآخرين يقال للخصم أقم البينة أنهما كذلك ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا الجرح في الشاهد إظهار ما يخل بالعدالة لا بالشهادة مع العدالة فإدخال هذه المسائل في الجرح المقبول كما فعل ابن الهمام مردود بل من باب الطعن كما في الخلاصة وفي خزانة الأكمل لو برهن على إقرار المدعي بفسقهم أو بما يبطل شهادتهم يقبل وليس هذا بجرح وإنما هو من باب إقرار الإنسان على نفسه ا هـ .

                                                                                        السادس أن الإمام الخصاف لم يفرق بين المجرد وغيره في القبول إحياء للحقوق ولما كان مخالفا لصريح المذهب حمله المشايخ على ما إذا برهن على إقرار المدعى به أو على التزكية كما ذكره الشارح ومعنى قولهم أو على التزكية بأن يجعل كشاهد زكاه نفر وجرحه نفر ورده في فتح القدير بأن تقدم رده يعني لا ضرورة إلى [ ص: 101 ] إظهاره . السابع أن قولهم لو برهن على أن الشاهد شريك المدعي محمول على الشركة عقدا فمهما حصل من هذا الباطل يكون له فيه منفعة لا أن يراد أنه شريك في المدعى به وإلا كان إقرارا بأن المدعى به لهما . الثامن لو طعن الخصم بأنه ابن المدعي أو أبوه أو أحد الزوجين أو مملوكه تقبل كما في العناية .

                                                                                        والحاصل أن الطعن بما لا يكون فسقا بل رد الشهادة للتهمة مقبول ومنه ما إذا برهن أن الشاهد كان وكيلا عن المدعي وخاصم كما في السراج الوهاج وعلى هذا لو برهن أن الشاهد عدوه بسبب الدنيا تقبل إذا قلنا أن المنع من شهادته عليه للتهمة وإن قلنا للفسق لا تقبل وينبغي أن يكون الطعن بما يخل بالمروءة مما لم يكن فسقا مقبول .

                                                                                        التاسع أن الجرح المجرد إذا تضمن دفع ضرر عام يقبل ولذا قال في المعراج فإن قيل أليس أنه عليه الصلاة والسلام قال { اذكروا الفاسق بما فيه } قلنا هو محمول على ما إذا كان ضرره يتعدى إلى غيره ولا يمكن دفع الضرر عنه إلا بعد الإعلام ا هـ .

                                                                                        وعلى هذا يجوز إثبات فسق رجل عند القاضي إذا كان ضرره عاما كرجل يؤذي المسلمين بيده ولسانه ليمنعه من ذلك ويخرجه عن البلد وفي كراهية الظهيرية رجل يصلي ويضر الناس بيده ولسانه فلا بأس بإعلام السلطان به ليزجره ا هـ .

                                                                                        وقد وقعت حادثة بالقاهرة أن ثلاث إخوة ببولاق شهد جمع كثير عليهم بأنواع من الفسق وإيذاء الناس والتزوير فأفتيت بقبول الشهادة ليزجرهم الحاكم دفعا للضرر العام فزجرهم وكان في شهر رمضان العاشر من البزازية من فصل التحليف طعن المدعى عليه في الشاهد بأنه كان ادعاها لنفسه ورام تحليفه لا يحلف وإن برهن تقبل ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا كل طعن يقبل عند البرهان لا تحليف عليه عند عدمه على الشاهد وعلى المدعي وهل يقبل إقرار الشاهد به ويصير كالبرهان لم أره وينبغي القبول ولذا قال الزيلعي لو برهن على إقرار الشهود أنهم لم يحضروا المجلس الذي كان فيه الحق تقبل ا هـ .

                                                                                        ولا يعارضه قوله لو برهن على إقرار الشهود أنهم شهدوا بالزور أو أنهم أجراء في هذه الشهادة أو أن المدعي مبطل في هذه الدعوى أو أنهم لا شهادة لهم فإنها لا تقبل وقدمناه الحادي عشر أنا قدمنا أن المدعى عليه إذا ادعى أنه دفع لهم مالا لئلا يشهدوا عليه بهذا الباطل وطلب استرداده أو ادعى أن المدعي دفع له من مالي كذا ليشهدوا عليه وطلب رده وبرهن تقبل فقلت وكذا إذا ادعى أجنبي أنه دفع لهم كذا لئلا يشهدوا على فلان بهذه الشهادة وطلب رده وثبت إما ببينة أو إقرار أو نكول فإنه يثبت به فسق الشاهد فلا تقبل شهادته وقيد بدفع المال ومفهومه لو ادعى المدعى عليه أنه استأجرهم لئلا يشهدوا عليه ولم يدع دفع المال فأقروا لم تسقط العدالة وبه صرح الشارحون الثاني عشر أن الطعن برقهما لا يتوقف على دعوى سيدهما وأن إثباته لا ينحصر في الشهادة بل إذا أخبر القاضي برقهما أسقط شهادتهما والأحسن أن يكون بالشهادة وإذا سألهما القاضي فقالا أعتقنا سيدنا وبرهنا ثبت عتق السيد في غيبته فإذا حضر لا يلتفت إلى إنكاره كما في خزانة الأكمل ، وأما الجرح بأنه قاذف فإنه يتوقف على دعوى المقذوف كما أشار إليه في فتح القدير .

                                                                                        [ ص: 99 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 99 ] ( قوله أو على إقرارهم أنهم شهدوا بالزور ) قيد به لأنهم لو شهدوا على إقرار المدعي بأن الشهود كذلك تقبل كما سيأتي قريبا ( قوله وكذا الإقرار مما يدخل تحت الحكم ) أي وليس فيه هتك الستر بل حكاية الهتك بخلاف الشهادة على إقرار الشهود بأنهم شهدوا بزور فإنها لا يقبل مع أنها شهادة على الإقرار الداخل تحت الحكم ; لأن فيه هتك الستر وبه يثبت الفسق ( قوله على أني صالحت الشهود ) قال في الحواشي السعدية لعل المراد بصالحت أعطيت الرشوة لدفع ظلمه وإلا فلا صلح بالمعنى الشرعي بينهما ( قوله إنما هو بعد التزكية إلخ ) قال الرملي يفهم منه قبوله قبلها منه عند الإمام ; لأنه ليس من باب سماع الشهادة على الجرح المجرد تأمل ( قوله ولكن عدم القبول إلخ ) أتى بالاستدراك ; لأن الكلام السابق محتمل لقبول الجرح المجرد قبل التعديل كقبول غير المجرد ومحتمل لعدم قبوله تأمل .

                                                                                        ( قوله وفي شرح الوقاية لا تقبل الشهادة إلخ ) هذا غير مخالف لما قاله ابن الكمال لأن إخبار المخبر للطعن لا لإثبات الفسق كما قاله وقال في الدرر بعد نقله كلام صدر الشريعة أقول : تحقيقه أن جرح الشاهد قبل التعديل دفع للشهادة قبل ثبوتها وهي من باب الديانات ولهذا قبل فيه خبر الواحد وبعد التعديل دفع للشهادة بعد ثبوتها حتى وجب على القاضي العمل بها إن لم يوجد الجرح المعتبر ومن القواعد المقررة أن الدفع أسهل من الرفع وهو السر في كون الجرح المجرد مقبولا قبل التعديل ولو من واحد وغير مقبول بعده بل يحتاج إلى نصاب الشهادة وإثبات حق الشرع أو العبد فاضمحل بهذا التحقيق ما اعترض عليه بعض المتصلفين بلا شعور على مراد القائل ومع ذلك ذاهل عن القواعد وغافل حيث قال أقول : فيه نظر إذ الفرض أن مثل هذه الشهادة لا تعتبر سواء كان قبل تعديل الشهود أو بعده فلا حاجة إلى ما ذكره من الصورة المقيدة ا هـ .

                                                                                        والمراد بالصورة المقيدة قوله إذا أقام البينة على العدالة وفي العزمية وقد يقال إنما لا تقبل البينة على الجرح المجرد ; لأنه لا يدخل تحت الحكم والبينة إنما تقبل على ما يدخل تحت الحكم وفي وسع القاضي إلزامه وهذا لا يختلف بكونه قبل إقامة البينة على العدالة وكونه بعدها وبالجملة ينبغي أن يطالب [ ص: 100 ] صدر الشريعة فيما ادعاه بالنقل فليتدبر . ا هـ .

                                                                                        وفي شرح القهستاني وفيه أي في كلام صدر الشريعة أن مراد الفقهاء أن القاضي لا يلتفت إلى هذه الشهادة ولكن يسأل عن شهود المدعي سرا وعلانية فإذا ثبت عدالتهم تقبل كما في المضمرات . ا هـ .

                                                                                        أقول : وأنت إذا حققت النظر يظهر لك عدم المخالفة بين كلامهم جميعا فكلام السراج محتمل لقبولها على المجرد قبل التعديل نعم ظاهره عدم القبول والمراد به أنها لا تثبت أمرا يسقطهم عن حيز القبول أما ثبوت الطعن بها وعدم الحكم بشهادة المجروحين ما لم يعدلوا فلا كلام فيه وهذا ما قاله صدر الشريعة في شرح الوقاية وهو ما حققه ملا خسرو أيضا من أنها أفادت الدفع أي عدم العمل بتلك قبل التعديل ولذا استوضح عليه بقبول خبر الواحد وحاصله تسليم إفادتها مجرد الطعن لا إثبات فسق الشاهدين الرافع للقبول ما لم تمض مدة يظهر فيها حسن حالهما ويعدلوا بعدها وهذا أيضا معنى قول القهستاني لا يلتفت إلى هذه الشهادة أي لا يثبت بها فسقهم فتدبره ( قوله وظاهر كلامه أن الخصم لا يضره الإعلام بالجرح المجرد ) ; لأن فسقه بإعلان الفاحشة لا يسقط حقه بخلاف فسق الشهود يسقط شهادتهم كما مر ( قوله فيحتاج إلى الفرق بينهما فقال الشارح إلخ ) نقل عن المقدسي أنه يمكن أن يفرق بما هو أظهر من هذا بأن قولهم شربة أو زناة أو أكلة ربا اسم فاعل وهو قد يكون بمعنى الاستقبال فلا يقطع بوصفهم بما ذكر بخلاف الماضي مثل قولهم شربوا أو زنوا ا هـ .

                                                                                        وهذا هو المتبادر من تخصيصهم في التمثيل للأول باسم الفاعل وللثاني بالماضي فالظاهر أنه هو المراد والله تعالى أعلم والمراد بتقادم العهد بأن زالت الريح في الخمر ومضى شهر في الباقي وبعدم تقادمه عدم ذلك ( قوله ورده في فتح القدير بأن تقدم رده ) لعله بأنه فسقط الضمير المنصوب من الكاتب وعبارة الفتح وقد تقدم في هذا ما يمنعه والذي قدمه هو قوله في جواب إيراد قبله حيث قال وأورد أنه ينبغي أن تقبل هذه الشهادة بجميع ما ذكرنا من وجوه الفسق من وجه آخر وهو أن يجعلوا مزكين لشهود المدعي فيخبرون بالواقع من الجرح فيعارض تعديلهم وإذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح أجيب بأن المعدل في زماننا يخبر القاضي سرا تفاديا من إشاعة الفاحشة والتعادي ا هـ .

                                                                                        وفي الحواشي اليعقوبية بعد نقله ذلك ويعلم من هذا أن قول بعض شراح الوقاية قلت إذا كان يقبل جرح المزكي للشاهد بعد تعديل آخر إياه فليت شعرى لم لم تقبل بينة المدعى عليه [ ص: 101 ] على الجرح المجرد ليس بشيء كما لا يخفى فليتأمل ا هـ .

                                                                                        أي ; لأن المزكي لم يفسق بإظهار الفاحشة ; لأنه يزكي سرا بخلاف الشاهد فإنه إذا أظهرها فسق فلا يقبل جرحه تأمل ( قوله محمول على الشركة عقدا فمهما حصل من هذا الباطل إلخ ) أي من هذا المال الباطل المدعى به ثم إن قوله عقدا يشمل العنان ولا يلزم منها أن يكون له فيه منفعة ثم رأيت في الفتح وغيره قال أنه شريك مفاوض إلى آخر العبارة وهو الصواب وقوله لا أن يراد معطوف على ما قبله وفي بعض النسخ إلا أن يراد وهو تحريف .

                                                                                        ( قوله رجل يصلي ويضر الناس إلخ ) قال الرملي هذا لا يفيد إثبات الفسق المجرد على طريق الشهادة الشرعية بل يفيد جواز إعلام السلطان به ليزجره ويمنعه ومن ثم أجاب شيخ الإسلام أبو السعود العمادي مفتي الديار الرومية لما سئل عن جماعة من المسلمين شهدوا على رجل أنه إذا صحب من له أمر ونهي من القضاة والولاة وغيرهم يتطاول على بعض الناس بالسب والشتم وأخذ المال بغير حق ولا يزال المسلمون يتضررون بذلك منه فماذا يلزمه أجاب هذه الصورة ليست من باب الشهادة الشرعية ولكن إن كان ذلك متواترا عند هم لا بد من تعزير بالضرب المبرح ثم حبسه إلى أن تظهر منه التوبة وصلاح الحال ا هـ . كلامه ذكره الغزي .




                                                                                        الخدمات العلمية