( قوله والخروج بصنعه ) أي فرض ، سواء كان ذلك قوله السلام عليكم ورحمة الله كما تعينه لذلك هو الواجب ، أو كان فعلا مكروها كراهة تحريم ككلام الناس أو أكل أو شرب أو مشي ، وإنما كان مكروها كراهة تحريم لكونه مفوتا للواجب ، وهو السلام ، وهذا الفرض مختلف فيه فما ذكره الخروج من الصلاة قصدا من المصلي بقول أو عمل ينافي الصلاة بعد تمامها المصنف إنما هو على تخريج أبي سعيد البردعي فإنه فهم من قول بالفساد في المسائل الاثنى عشرية أن الخروج منها بفعله فرض وعلل له بأن إتمامها فرض بالإجماع وإتمامها بإنهائها ، وإنهاؤها لا يكون إلا بمنافيها ; لأن ما كان منها لا ينهيها وتحصيل المنافي صنع المصلي فيكون فرضا وفهم من قولهما بعدم الفساد فيها بأنه ليس بفرض وعلل له بأن الخروج بصنعه لو كان فرضا لتعين بما هو قربة كسائر فرائض الصلاة وذلك منتف ; لأنه قد يكون بما هو معصية كالقهقهة والحدث والكلام العمد فلا يجوز وصفه بالفرض ، وذهب أبي حنيفة إلى أنه لا خلاف بينهم في أن الخروج بفعل المصلي ليس بفرض ولم يرو عن الكرخي بل هو حمل من أبي حنيفة أبي سعيد كما ذكرناه ، وهو غلط ; لأنه لو كان فرضا لاختص بما هو قربة وسيأتي وجه الفساد عنده في المسائل المذكورة في محله إن شاء الله تعالى وصحح الشارح وغيره قول ، وفائدة الخلاف على رأي الكرخي البردعي تظهر فيما إذا سبقه الحدث بعدما قعد قدر التشهد في القعدة الأخيرة فإن صلاته تامة فرضا عندهما وعند لم تتم صلاته فرضا فيتوضأ ويخرج منها بفعل مناف لها فلو لم يتوضأ ولم يأت بالسلام حتى أتى بمناف فسدت عنده لا عندهما واتفقوا على الوضوء والسلام كذا في منية المصلي وشرحها ، وفيه نظر سنذكره إن شاء الله تعالى أبي حنيفة
ثم اعلم أن هذه الفرائض المذكورة إذا أتى بها نائما فإنها لا تحتسب بل يعيدها كما إذ قرأ نائما أو ركع نائما وهذه المسألة يكثر وقوعها لا سيما في التراويح كذا في منية المصلي .
والحاصل أنهم اختلفوا في أن فقيل نعم واختاره الفقيه قراءة النائم في صلاته هل يعتد بها ؟ ; لأن الشرع جعل النائم كالمستيقظ في الصلاة تعظيما لأمر المصلي واختار أبو الليث فخر الإسلام وصاحب الهداية وغيرهما أنها لا تجوز ونص في المحيط والمبتغى على أنه الأصح ; لأن الاختيار شرط لأداء العبادة ولم يوجد حالة النوم قال في فتح القدير والأوجه اختيار الفقيه والاختيار المشروط قد وجد في ابتداء الصلاة ، وهو كاف ألا يرى أنه لو أنه يجزئه ا هـ وهذا يفيد أنه لو ركع وسجد ذاهلا عن فعله كل الذهول يجزئه . ركع وسجد حالة النوم
[ ص: 312 ] وقد نصوا على أنه لا يجزئه . قال في المبتغى لا يجوز إجماعا ا هـ . ركع وهو نائم
وفرقهم بين القراءة والركوع والسجود بأن كلا من الركوع والسجود ركن أصلي بخلاف القراءة لا يجدي نفعا وعرف من هذا أيضا جواز أيضا ، وإن نص بعضهم على عدم جوازه ، وأما القيام حالة النوم ففي منية المصلي إذا نام في القعدة الأخيرة كلها فلما انتبه عليه أن يقعد قدر التشهد ، وإن لم يقعد فسدت صلاته ، ويخالفه ما في جامع الفتاوى أنه لو القعدة الأخيرة نائما يعتد بها ، وعلل له في التحقيق قعد قدر التشهد نائما للشيخ عبد العزيز البخاري بأنها ليست بركن ومبناها على الاستراحة فيلائمها النوم فيجوز أن تحتسب من الفرض بخلاف سائر الأفعال فإن مبناها على المشقة فلا تتأدى في حالة النوم ، ويترجح أيضا بما رجحه المحقق في فتح القدير فيما لو قرأ نائما في قولهم لو ركع نائما إشارة إلى أنه لو أنه يجزئه ، وهو كذلك بل في المبتغى جاز إجماعا ، وفي المحيط لو ركع فنام في ركوعه لا يعيد شيئا ; لأن الرفع والوضع حصل بالاختيار ، ثم اعلم ، أنه يتفرغ على اشتراط الاختيار في أداء هذه الأفعال المفروضة أن نام في ركوعه وسجوده تفسد صلاته ; لأنه زاد ركعة لا يعتد بها والمسألة في المحيط أيضا والله سبحانه أعلم . النائم في الصلاة لو أتى بركعة تامة