الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة والصلح عن إقرار تتعلق بالوكيل إن لم يكن محجورا كتسليم المبيع وقبضه وقبض الثمن والرجوع عند الاستحقاق والخصومة في العيب ) لأن الوكيل هو العاقد حقيقة لأن العقد يقوم بالكلام وصحة عبارته لكونه آدميا وكذا حكما لأنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل ولو كان سفيرا عنه ما استغنى عن ذلك كالرسول وإذا كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به وفي النهاية حتى لو حلف المشتري ما للموكل عليه شيء كان بارا في يمينه ولو حلف ما للوكيل عليه شيء كان حانثا ا هـ .

                                                                                        والمراد بقوله فيما يضيفه الوكيل في كل عقد لا بد من إضافته إليه لينفذ على الموكل وليس المراد - [ ص: 148 ] ظاهر العبارة من أنه قد يضيفه وقد لا يضيفه فإن أضافه إلى نفسه تتعلق بالوكيل وإن أضافه إلى موكله تتعلق بالموكل كما فهمه ابن الملك في شرح المجمع لما في الخلاصة والبزازية وكيل شراء العبد جاء لي مالكه فقال : بعت هذا العبد من الموكل وقال الوكيل : قبلت لا يلزم الموكل لأنه خالف حيث أمره أن لا ترجع إليه العهدة وقد رجع قال أبو القاسم الصفار والصحيح أن الوكيل يصير فضوليا ويتوقف العقد على إجازة الموكل . ا هـ .

                                                                                        وفي الجوهرة وكله بالبيع والشراء على أن لا تتعلق به الحقوق لا يصح هذا الشرط وقيد بالوكيل لأن الرسول لا ترجع الحقوق إليه ولو ادعى أنه رسول وقال البائع : إنه وكيل وطالبه بالثمن فالقول للمشتري والبينة على البائع إليه أشير في بيوع الخانية وشرطه الإضافة إلى مرسله لما في البزازية والرسول في البيع والطلاق والعتاق والنكاح إذا أخرج الكلام مخرج الوكالة بأن أضاف إلى نفسه بأن قال : طلقتك وبعتك وزوجت فلانة منك لا يجوز لأن الرسالة لا تتضمن الوكالة لأنها فوقها وإن أخرج مخرج الرسالة جاز بأن يقول : إن مرسلي يقول : بعت منك هـ وفي المحيط الوكيل بشراء شيء بعينه يقع العقد والملك للموكل وإن لم يضف العقد إليه إلا إذا وكل العبد في شراء نفسه له من مولاه وأطلق في الوكيل فشمل ما إذا كان حاضرا وما إذا كان غائبا لما في الفتاوى الصغرى لا تنتقل الحقوق إلى الموكل فيما يضاف إلى الوكيل ما دام الوكيل حيا وإن كان غائبا ا هـ .

                                                                                        وفي المحيط الوكيل بالبيع باع وغاب لا يكون للموكل قبض الثمن وما إذا مات الوكيل لما في البزازية إن مات الوكيل عن وصي قال الفضلي : تنتقل الحقوق إلى وصيه لا الموكل وإن لم يكن وصي يرفع إلى الحاكم ينصب وصيا عند القبض وهو المعقول وقيل : ينتقل إلى موكله ولاية قبضه فيحتاط عند الفتوى . ا هـ .

                                                                                        وما إذا كان الموكل حاضرا وقت عقد الوكيل وما إذا كان غائبا لما في الخلاصة والوكيل لو باع [ ص: 149 ] بحضرة الموكل فالعهدة على الوكيل وحضرة الموكل وغيبته سواء ولو وكل الوكيل بغير إذن وتعميم فباع بحضرة الوكيل الأول جاز والعهدة على الوكيل الثاني ا هـ .

                                                                                        وقوله إن لم يكن محجورا شامل للحر الذي لم يحجر عليه بسفه والعبد المأذون والصبي المأذون ولم يذكر شارحو الهداية المحجور عليه بالسفه هنا وإنما زدته هنا لدخوله تحت المحجور عليه في كلامهم ولقول قاضي خان في الحجر إن المحجور عليه بالسفه بمنزلة الصبي إلا في أربعة فلا تلزمه عهدة كهو وظاهر كلام المصنف أن العهدة على المأذون مطلقا وفصل في الذخيرة بين أن يكون وكيلا بالبيع فالعهدة عليه سواء باع بثمن حال أو مؤجل وبين أن يكون وكيلا بالشراء فإن كان بثمن مؤجل فهي على الموكل لأنه في معنى الكفالة وإن كان بثمن حال فهي على الوكيل لكونه ضمان ثمن . ا هـ .

                                                                                        وخالف في الإيضاح فيما إذا اشترى بثمن مؤجل فجعله الشراء له لا للموكل لأن الشراء للموكل والعهدة عليه كما في الذخيرة وإيضاحه في الشرح وقيد بقوله إن لم يكن محجورا لأن المحجور تتعلق الحقوق بموكله كالرسول والقاضي وأمينه ولو قبضه مع هذا صح قبضه لأنه هو العاقد فكان أصيلا فيه وانتفاء اللزوم لا يدل على انتفاء الجواز ثم العبد إذا عتق تلزمه تلك العهدة والصبي إذا بلغ لا تلزمه لأن المانع المولى مع أهليته وقد زال وفي الصبي حق نفسه ولا يزول بالبلوغ ولو وقع التنازع في كونه محجورا أو مأذونا حال كونه وكيلا لم أره وفي الخانية من الحجر عبد اشترى من رجل شيئا فقال البائع : لا أسلم إليك المبيع لأنك محجور وقال العبد : أنا مأذون كان القول قول العبد فإن أقام البائع بينة على أن العبد أقر أنه محجور قبل أن يتقدم إلى القضاء بعد الشراء لم تقبل بينته ثم قال : عبد باع من رجل شيئا ثم قال : هذا الذي بعتك لمولاي وأنا محجور وقال المشتري : بل أنت مأذون كان القول قول المشتري ولا يقبل قول العبد ا هـ .

                                                                                        وحاصلهما أن القول لمن يدعي الإذن لأن الأصل النفاذ وإقدامهما يدل عليه ومن هنا يقع الفرق بينهما وبين ما إذا كان وكيلا فإن النفاذ حاصل بدون الإذن ولزوم العهدة شيء آخر فينبغي أن يقبل قول العبد أنه محجور عليه لتنتفي العهدة عنه وشمل كلامه المرتد فإن العهدة عليه لكن موقوفة عند الإمام فإن أسلم كانت عليه وإلا فعلى الموكل وعندهما هي عليه مطلقا وهي معروفة وظاهر كلام المصنف أن للوكيل بالإجارة قبض الأجرة وعليه تسليم العين إلى المستأجر وفي منية المفتي خلافه قال الوكيل بالإجارة : ليس له قبض الأجرة وحبس المستأجر به ولو وهب الأجرة قبل القبض جاز إن لم يكن شيئا بعينه . ا هـ .

                                                                                        وهو سبق قلم والصواب ما في كافي الحاكم أن للوكيل بالإجارة المخاصمة في إثباتها وقبض الأجرة وحبس المستأجر به فإن وهب الأجر للمستأجر أو أبرأه جاز إن لم يكن بعينه ويضمنه وإن بعينه لا وإن ناقض الوكيل المستأجر الإجارة قبل أن يعمل فيها شيئا جازت دينا كان الأجر أو عينا وبرئ المستأجر إلا أن يكون الوكيل قبض الأجر ا هـ .

                                                                                        وعلى هذا يطالب الوكيل بالاستئجار بالأجرة كالوكيل بالشراء وأطلق في تسليم المبيع فشمل ما إذا قبض الوكيل الثمن أو لا وما إذا قال له الموكل : لا تدفع المبيع بعد البيع حتى تقبض الثمن فدفع الوكيل قبل قبض الثمن جاز عندهما خلافا لأبي يوسف وهي مسألة الوكيل إذا أقال كذا في الخلاصة وفي القنية لو نهاه عن تسليم المبيع حتى يقبض الثمن كان باطلا ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية وهذا إذا كان المبيع في يد الوكيل فلو كان في يد الموكل وأبى الدفع قبل قبض ثمنه له ذلك وإن باعه نسيئة وأبى الموكل من دفعه قبل قبضه يجبر عليه وإن كان في يد الوكيل وأخذه الموكل وأراد أن لا يدفع قبل قبض الثمن فأخذه الوكيل من بيته وهلك في يد الوكيل إن الأخذ بعد البيع لا يضمن وإن قبله وقد نهاه عن القبض يضمن ولو لم يهلك حتى باعه جاز فإن مات قبل أن يسلم إلى المشتري انفسخ البيع . ا هـ .

                                                                                        وقيدنا بالنهي عن تسليم المبيع سواء كان قبل بيعه أو بعده لأنه لو نهاه عن البيع حتى يقبض الثمن لم يجز بيعه حتى يقبض الثمن من المشتري ثم يقول : بعتك بهذه الدراهم التي قبضت منك [ ص: 150 ] كذا في البزازية وأشار المؤلف من كونه أصيلا في تسليم المبيع إلى أن الوكيل بالشراء يطالب بالثمن وإن لم يقبضه من الموكل وإلى أنوكيل البيع لو دفع المبيع إلى دلال ليعرضه على من يرغب فيه فغاب أو ضاع في يده لم يضمن لكن المختار الضمان كما في البزازية لكونه دفع ملك الغير بغير إذنه وإن كان أصيلا في الحقوق .

                                                                                        وفي البزازية وكيل البيع قال : بعته وسلمته من رجل لا أعرفه وضاع الثمن قال القاضي : يضمن لأنه لا يملك التسليم قبل قبض ثمنه والحكم صحيح والعلة لا لما مر أن النهي عن التسليم قبل قبض ثمنه لا يصح فلما لم يعمل النهي عن التسليم فلأن لا يكون ممنوعا عن التسليم أولى وهذه المسألة تخالف مسألة القمقمة ا هـ .

                                                                                        قلت : مراد القاضي أنه لا يملك التسليم ممن لا يعرفه لا مطلقا فصح التعليل أيضا واستفيد من قوله وقبض الثمن أنه لو ضمن الوكيل الثمن لم يصح ضمانه ولو أحال المشتري الموكل على وكيله به بشرط براءة المشتري لم يصح ولو أحال الوكيل موكله بالثمن على المشتري صحت وهي وكالة لا حوالة لأنه لا شيء للموكل على وكيله وأن الوكيل لو منع المشتري من دفع الثمن إلى موكله صح وله الامتناع عن الدفع إليه ولكن لو دفع إليه صح وبرئ استحسانا وأنه يصح إبراء الوكيل وحوالته على الأملأ والمماثل والأدون وإقالته وحطه وتأجيله والتجويز بدون حقه عندهما ويضمن خلافا للثاني هذا قبل قبضه أما بعد قبضه لا يملك الحط والإبراء والإقالة وبعدما قبل بالثمن حوالة لا يصح كما بعد الاستيفاء والوكيل بالإجارة إذا فسخها بعدها صح لا بعد مضي المدة وبعد قبض الأجرة دينا كان أو عينا لا يصح الفسخ وأن الوكيل لو وكل موكله بقبض الثمن صح وله عزله إلا إذا خاصم الموكل معه في تأخيره المطالبة فألزم القاضي الوكيل أن يوكل موكله لا يملك عزله .

                                                                                        ومن أحكامه أن وكيل البيع لا يطالب بالثمن من مال نفسه بخلاف الوكيل بالشراء ولا يجبر على التقاضي لأنه متبرع بخلاف الدلال والسمسار والبياع لأنهم يعلمون بالأجر ويقال للوكيل : أحل الموكل على المشتري وحق القبض للوكيل ولو قبضه الموكل صح إلا في الصرف فإنه لا يجوز قبضه إلا للوكيل لأن القبض فيه بمنزلة الإيجاب والقبول وأن للوكيل أن يوكل بقبض الثمن ومقتضاه أنه لو هلك في يد الثاني لم يضمنا لكن في المنتقى وكل آخر بقبض الثمن بلا أمر الآمر وهلك في يده قال الإمام : يضمن الوكيل لا القابض وما ذكرته من الأحكام المفرعة على قبض الثمن كلها من البزازية وفيها وكله بالبيع بشرط أن لا يقبض الثمن فالنهي باطل وفي المحيط كتب الوكيل الصك باسم رب العبد لا يسقط حقه في قبضه الثمن وله أن يقبض إلا أن يقر الموكل بقبضه لأنه بالكتابة لم يخرج عن كونه وكيلا ا هـ .

                                                                                        وفيها لو مات الموكل أو جن بعد البيع بقي للوكيل حق قبض الثمن وقوله والرجوع بالثمن عند الاستحقاق شامل للمسألتين : الأولى ما إذا كان الوكيل بائعا وقبض الثمن من المشتري ثم استحق المبيع فإن المشتري يرجع بالثمن على الوكيل سواء كان الثمن باقيا في يده أو سلمه إلى الموكل وهو يرجع على موكله الثانية ما إذا كان مشتريا فاستحق المبيع من يده فإنه يرجع بالثمن على البائع دون موكله وفي البزازية المشتري من الوكيل باعه من الوكيل ثم استحق من الوكيل رجع الوكيل على المشتري منه وهو على الوكيل والوكيل على الموكل وتظهر فائدته عند اختلاف الثمن . ا هـ .

                                                                                        وفي الخانية وكله بشراء جارية فاشترى فاستحقت لم يضمن الوكيل ولو ظهر أنها حرة يضمن الوكيل وكذا قوله والخصومة في العيب شامل لمسألتين ما إذا كان بائعا فيرده المشتري عليه وما إذا كان مشتريا [ ص: 151 ] فيرده الوكيل على بائعه لكن بشرط كونه في يده فإن سلمه إلى الموكل فلا يرده إلا بإذنه كما سيأتي في الكتاب وأشار المؤلف إلى أن الوكيل لو رضي بالعيب لزمه ثم الموكل إن شاء ألزم الوكيل وقبل أن يلزم الوكيل لو هلك يهلك على الموكل ولو مات الوكيل بالشراء وظفر الموكل بالمشترى عيبا يرده وارثه أو وصيه وإلا فالموكل وكيل البيع إذا مات وظفر مشتريه به عيبا رده على وصي الوكيل أو وارثه وإلا فعلى الموكل كذا في البزازية وفي الخانية الوكيل بالشراء لا يملك إبراء البائع عن العيب عند أبي حنيفة ومحمد واختلفوا في قول أبي يوسف والوكيل إذا اشترى بالنسيئة فمات الوكيل حل عليه الثمن ويبقى الأجل في حق الموكل وجزمه هنا يدل على أن المعتمد في المذهب ما قال : إنه المعقول وقد أفتيت به بعد ما احتطت كما قال فيما سبق وقد كتبنا في الأشباه والنظائر من قسم الفوائد حكم التوكيل بالتوكيل ومما فرع على أن الوكيل أصيل في الحقوق ما في كافي الحاكم ولو وكل القاضي وكيلا ببيع شيء فباعه ثم خاصمه المشتري في عيبه جاز قضاء القاضي للوكيل ا هـ .

                                                                                        ( قوله والملك يثبت للموكل ابتداء حتى لا يعتق قريب الوكيل بشرائه ) دفع لما يتوهم من أن الحقوق لما تثبت للوكيل أصالة وخلفه الموكل فيها ينبغي أن يكون الحكم كذلك وقد اختلف أصحابنا فيها فقال الكرخي : يثبت للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل وقال أبو طاهر : يثبت للموكل ابتداء وهو الأصح ولهذا لو كان المشتري منكوحة الوكيل لا يفسد نكاحه ولا تعتق عليه وقال القاضي أبو زيد : الوكيل نائب في حق الحكم أصيل في الحقوق فوافق الكرخي في الحقوق وأبا طاهر في حق الحكم وهذا أحسن كذا في البزازية وصحح الشارحون ما في الكتاب لكن لم يذكروا لهذا الاختلاف ثمرة الاتفاق على عدم عتق قريب الوكيل لو اشتراه وعدم فساد نكاحها لو اشتراها والعتق والفساد على الموكل لو اشترى وكيل قريب موكله وزوجته لأن الملك للوكيل لم يكن مستقرا والموجب للعتق والفساد الملك المستقر هكذا أجاب الكرخي وأشار المؤلف إلى أن الموكل لو أعتق قبل قبض الوكيل فإنه ينفذ إعتاقه لكونه أعتق ملك نفسه والبائع يأخذ الوكيل بالثمن ولا سبيل له على الموكل وكذلك في التدبير والاستيلاد ولو قتله الموكل وضمن قيمته للوكيل فيدفعها إليه لتكون محبوسة عنده إلى أن يأخذ الثمن من الموكل كذا في بيوع الخانية .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله والمراد بقوله فيما يضيفه الوكيل إلخ ) أقول : قال الغزي وفي المجتبى قلت : كل عقد يضيفه الوكيل إلى نفسه ويستغني عن إضافته إلى الموكل لا أنه شرط ولهذا لو أضاف الوكيل بالشراء الشراء إلى الموكل صح بالإجماع وقوله وكل عقد يضيفه إلى موكله كالنكاح مراده أنه لا يستغني عن الإضافة إلى موكله حتى لو أضافه إلى نفسه لا يصح فلفظ الإضافة واحد ومراده مختلف ا هـ .

                                                                                        وهذا شاهد لما فهمه شارح المجمع . ا هـ . خير الدين .

                                                                                        فقد أفاد أن ما ذكره شارح المجمع أوجه وأن في قوله لا بد من إضافته إلخ نظرا كما أفاده العلائي في شرح التنوير ولا حاجة إلى إخراج العبارة عن ظاهرها تأمل وقد ذكر الرملي مثل ما في المجمع في حاشية تأتي بعد أوراق كذا بخط منلا علي التركماني قلت : وما ذكره شارح المجمع عزاه للفصول فليتأمل في التوفيق بينه وبين ما في البزازية والخلاصة ويمكن أن يقال : إن ما في شرح المجمع مقيد بما إذا أجاز الموكل العقد فلا ينافي ما ذكره الصفار وإذا صح هذا التوفيق ظهر الجواب عما نقل عن المقدسي من قوله ثم إذا أجاز الموكل ذلك هل ترجع الحقوق إلى الوكيل لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة ا هـ .

                                                                                        وهذا التعليل مؤيد للتوفيق والله تعالى أعلم وفي حاشية أبي السعود وتعبير ابن الكمال بقوله يكتفي بالإضافة إلى نفسه صريح في أن إضافته إلى نفسه ليس بلازم فيتجه ما ذكره ابن الملك ويسقط ما اعترضه في البحر وما في الخلاصة والبزازية لا ينافي جواز الإضافة إلى كل منهما وإن كان اللزوم على الموكل فيما إذا لم يضف الوكيل العقد إلى نفسه بأن أضافه [ ص: 148 ] إلى الموكل يتوقف على صدور الإجازة منه ثم رأيت في الزيلعي من باب الوكالة بالبيع والشراء التصريح بعدم اللزوم حيث قال في شرح قول المصنف ولو وكله بشراء شيء بعينه لا يشتريه لنفسه ما نصه بخلاف ما لو وكله أن يزوجه امرأة معينة حيث جاز له أن يتزوج بها لأن النكاح الذي أتى به الوكيل غير داخل تحت أمره لأن الداخل تحت وكالة نكاح مضاف إلى الموكل وفي الوكالة بالشراء الداخل فيها بشراء مطلق غير مقيد بالإضافة إلى أحد فكل شيء أتى به لا يكون مخالفا إلخ فهو صريح فيما ذكره ابن ملك وصريح أيضا في أن الوكيل إذا أضاف العقد إلى الموكل لا يكون مخالفا ويلزمه العقد ولا يتوقف على إجازته خلافا لما سبق على الخلاصة والبزازية ا هـ . ملخصا .

                                                                                        أقول : وفي نور العين رامزا للجامع الأصغر أمره بشراء قن بألف فقال مالكه : بعت قني هذا من فلان الموكل فقال الوكيل : قبلت لزم الوكيل إذا أمره الوكيل أن يقبل عن نفسه ليلزم العهدة على الوكيل فخالف بقبوله على موكله قاضي خان فيه نظر وينبغي أن يلزم الموكل أو يتوقف على إجازته إذ الوكيل لما خالف صار كأن البائع قال ابتداء بعت عبدي من فلان بكذا وقال الوكيل : قبلت يتوقف على إجازة الموكل ولا يصير الوكيل مشتريا لنفسه يقول الحقير أصاب في إيراد النظر لكنه أهمل جانب قوله يلزم الموكل حيث لم يعلله بل أفاد بما ذكره من تعليل التوقف على الإجازة أنه لا يلزم الموكل بل يتوقف فبين كلاميه تناف غير خاف على ذي فهم صاف ثم إن الظاهر أنه لا يتوقف بل يلزم الموكل لما مر في شراء الفضولي نقلا عن ( شحي ) أن الفضولي لو شرى شيئا وأضاف عقد الشراء إلى من شرى له بأن قال لبائعه : بعه من فلان ولو قال : شريته لفلان فقال بائعه : بعت أو قال : بعته منك لفلان فقال المشت ري : قبلت نفذ على نفسه ولم يتوقف وهذا لو لم يسبق من فلان التوكيل ولا الأمر فلو سبق أحدهما فشرى الوكيل نفذ على موكله وإن أضاف الوكيل الشراء إلى نفسه وعلى الوكيل العهدة ا هـ .

                                                                                        يقول الحقير وظهر بقوله وعلى الوكيل العهدة أن الوكيل لم يخالف موكله كما ظنه الإمام قاضي خان تبعا لصاحب الجامع الأصغر غاية ما في الباب أن يكون في المسألة روايتان أو يكون أحد ما ذكر في شرح الطحاوي وفتاوى قاضي خان غير صواب كما لا يخفى على ذوي الألباب . ا هـ .

                                                                                        ومراده بما في شرح الطحاوي ما رمزه بقوله ( شحي ) وهو موافق لما مر عن الزيلعي فتأمل في هذا المحل فإنه من مداحض الإقدام والله أعلم بالصواب ( قوله وأطلق في الوكيل فشمل ما إذا كان حاضرا وما إذا كان غائبا ) قال في منح الغفار وفي الخلاصة والوكيل لو باع بحضرة الموكل فالعهدة على الوكيل وحضرة الموكل وغيبته سواء وفي الجوهرة الوكيل بالبيع إذا باع والموكل حاضر تكون العهدة على الوكيل أو على الموكل قال : العهدة على من أخذ منه الثمن لا على من باشر العقد هذا هو الصحيح من الأقاويل فإن القاضي الإمام شيخ الإسلام أبا المعالي ذكر في مختصره أن العهدة على الموكل لأنه إذا كان حاضرا كان كالمباشر بنفسه فعليه العهدة وذكر في الفتاوى الصغرى أن العهدة على الوكيل وحضرة الموكل وغيبته سواء والجواب المعتمد ما ذكرنا أولا . ا هـ .

                                                                                        ( قوله وهو المعقول ) قال الرملي : وسيجزم أعني البزازي بما هو المعقول كما في هذا الشرح منقول آخر هذه المقولة وسيصرح هذا الشارح بأنه أفتى به بعدما احتاط والله تعالى أعلم [ ص: 149 ] ( قوله وفي منية المفتي خلافه ) قال الغزي : قلت : وصرح في السراجية بما عن منية المفتي والله تعالى أعلم خير الدين الرملي .

                                                                                        ( قوله والصواب ما في كافي الحاكم إلخ ) أقول : نقل في الفصل السادس والعشرين من التتارخانية ما في الكافي عن نص الإمام محمد رحمه الله تعالى فالظاهر أن لفظه ليس في عبارة المنية من سهو الناسخ تأمل [ ص: 150 ] ( قوله لكن المختار الضمان ) أقول : ينبغي تقييده بما إذا لم تكن العادة جارية في ذلك أما إذا كان شيئا لا يبيعه الوكيل بنفسه بل يدفع في العادة إلى دلال ليعرضه على البيع لا يضمن لأنه بمقتضى العادة يكون مأذونا بذلك وفي الفتاوى الخيرية سئل فيما إذا جرت عادة التجار أن يبعث بعضهم بضاعة يبيعها ويبعث بثمنها مع من يختاره ويعتقد أمانته من المكارية بحيث اشتهر ذلك بينهم اشتهارا شائعا فيهم وباع المبعوث إليه البضاعة المبعوثة في مدينته وأرسل مع من اختاره منهم لباعثها ثمنها على دفعات متعددة حسبما تيسر له وأنكر المبعوث إليه بعض الدفعات هل يكون القول قول باعث الثمن بيمينه وإن لم يعلم تفاصيل ذلك لطول المدة أم لا بد له من البينة ؟ أجاب القول قوله بيمينه إذ له بعثه مع من يختاره ويراه أمينا لأنه أمين لم تبطل أمانته والحالة هذه بالإرسال مع من ذكر وقد ذكر الزاهدي رامزا ( بج ) لبكر خواهر زاده جرت عادة حاكة الرستاق أنهم يبعثون الكرابيس إلى من يبيعها لهم في البلد ويبعث بأثمانها إليهم بيد من شاء ويراه أمينا فإذا بعث البائع ثمن الكرابيس بيد شخص ظنه أمينا وأبق ذلك الرسول لا يضمن الباعث إذا كانت هذه العادة معروفة عندهم قال أستاذنا رحمه الله تعالى : وبه أجبت أنا وغيري ا هـ .

                                                                                        وقد عضد بقولهم المعروف عرفا كالمشروط شرطا والعادة محكمة والعرف قاض إلى غير ذلك من كلامهم ا هـ .

                                                                                        ما في الخيرية ( قوله وهذه المسألة تخالف مسألة القمقمة ) قال في متفرقات الوكالة من التتارخانية عازيا للظهيرية : الوكيل إذا رفع قمقمة إلى إنسان لإصلاحها بأمر الموكل ونسي من دفعها إليه لا يضمن قال في النوازل : وصار كالذي وضعه من داره ثم نسيه فلا ضمان عليه كذا هذا ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية